إيران التي أعلنت بدورها استعدادها للرد المقابل، لم تتلق أي ضربات بعد، ما دفع البعض لطرح تساؤلات عن أسباب تأخر الرد الإسرائيلي، وما إذا كان يحمل إشارات تهدئة، بيد أن الولايات المتحدة الأمريكية حذرت من أن تطال هذه الضربات أماكن حيوية ومنشآت نووية أو نفطية.
ويرى مراقبون أن الرد الإسرائيلي قادم لا محالة، لكنه لن يكون بالقوة التي يرددها نتنياهو وغالانت، فيما أرجعوا تأخرها إلى انشغال تل أبيب بقصف لبنان، وكذلك انتظار الضوء الأخضر الأمريكي، إضافة إلى الخلافات الداخلية الإسرائيلية حول قصف إيران، والمنشآت التي سيتم استهدافها، والطريق الذي ستسلكه الطائرات للقصف.
وكانت إيران، قد شنت هجوماً باستخدام نحو 200 صاروخ باليستي على إسرائيل، في رد فعل على سلسلة من الاغتيالات والهجمات التي استهدفت الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية، والأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، بالإضافة إلى عسكريين إيرانيين، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية واسعة، قد تشمل دولاً أخرى.
ضوء أخضر أمريكي
اعتبر الدكتور محمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، إن تعطيل الرد الإسرائيلي على القصف الإيراني الأخير إلى الآن، يأتي في ظل انتظار تل أبيب الحصول على الضوء الأخضر من الجانب الأمريكي.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، هناك خلافات في الداخل الإسرائيلي حول طبيعة هذا الرد، وهل يتم استهداف النفط، أو استهداف مراكز نووية، أم يتم الاتجاه لجولة جديدة من الاغتيالات وإثارة القلاقل وتشغيل الطابور الخامس لبث الفتن داخل المجتمع الإيراني، ضمن خطة تحالف الشعوب والتي تقوم على زرع الفتن في الداخل الإيراني، كبديل رخيص لاستنزاف طهران.
وأكد أن هناك خلافات حول سفر وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت إلى واشنطن، واشتراط نتنياهو إجراء مكالمة مسبقة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، وكذلك موافقة الكابينيت الإسرائيلي على هذه الرحلة، لا سيما في ظل وجود محاذير لدى الإدارة الأمريكية ومخاوف من تورط عدة أطراف في هذا الاشتباك بعد الرد والرد المقابل بين إسرائيل وإيران.
في هذا الإطار، يتوقع الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلي أن يكون الرد الإيراني في الأيام القادمة رمزيا إلى حد بعيد لحفظ ماء الوجه، في ظل إدراك الجانب الإسرائيلي بأن إيران لديها القدرة على إصابة القواعد الجوية بدقة، بل والوصول إلى أماكن الطائرات الإسرائيلية المقاتلة.
اعتبارات إسرائيلية
اعتبر محمد حسن كنعان، رئيس الحزب القومي العربي، وعضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن تأخر الرد الإسرائيلي على ضربات إيران، يأتي في ظل دراسة تل أبيب كل الإمكانيات والأخذ بعين الاعتبار التوجهات الأمريكية، واستحقاقات هذه الضربة عالميا وإقليميا.
وبحسب حديثه لـ"سبوتنيك"، إسرائيل حتما سترد على إيران، لكن السؤال حول قوة الضربة التي ستوجهها إسرائيل، ومدى التزامها بمطالب أمريكا بتجنب بعض المواقع الإيرانية خوفا من تصعيد الحرب، والانزلاق لمواجهة إقليمية، قد تصيب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط أو حلفائها في المنطقة بأي أذى.
ويرى أن إسرائيل أجلت هذه الضربة كونها منشغلة في لبنان وغزة، وتريد أن تتأكد من الطريق الذي سيسلكه الطيران الإسرائيلي ليتمكن من توجيه ضربة قوية لطهران، وفق تهديدات المسؤولين الإسرائيليين، متوقعًا أن الضربة لن تؤثر كثيرا على الجانب الإيراني، حيث تأخذ الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بعين الاعتبار منع التصعيد، وربما دخول دول أخرى إقليمية في هذا الصراع.
وأوضح أن الضربات الإسرائيلية في لبنان وغزة موجعة لكنها ليست قاضية، حيث تخشى من ضربات المقاومة اللبنانية والتي أصابت سكان الشمال بالخوف والذعر ومنعت تحركهم وتنقلهم، فيما لا تزال تل أبيب تدرس وتفحص ضربتها لإيران، التي ربما تأجلت بسبب القصف المستمر والمتصاعد من لبنان.
وفيما يتعلق بحجم الضربة، قال إنها لن تكون بالمفهوم والحجم الذي يفكر فيه نتنياهو وغالانت والقيادة الأمنية الإسرائيلية، وذلك للاعتبارات السابقة، إضافة لصعوبة الطريق الذي يمكن للطائرات الإسرائيلية أن تسلكه للوصول إلى الأهداف المراد قصفها في إيران، مؤكدًا أن الحرب قائمة ولا يمكن معرفة نتائجها أو نهايتها، أو مدى قوة ضرباتها، إلا بعد تنفيذها.
أهداف إسرائيلية
وأكدت صحيفة أمريكية أن "إسرائيل لن تهاجم على الأرجح المنشآت النووية الإيرانية، ردا على الهجمات الإيرانية الأخيرة، بل ستركز بدلا من ذلك على المواقع العسكرية".
وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين كبار سابقين وحاليين: "الضربة الإسرائيلية الأولى المحتملة على إيران، رداً على إطلاق الصواريخ، ستركز على القواعد العسكرية ومراكز الاستخبارات والقيادة... على الأقل في البداية، لن تستهدف إسرائيل على الأرجح المنشآت النووية الأكثر أهمية (في إيران)".
وأشارت بالقول: "يبدو أن المواقع النووية كأهداف قد تقرر الاحتفاظ بها لوقت لاحق، فقط في حال تحركت إيران لتصعيد الصراع".
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز"، فقد شكك كبار المسؤولين الإسرائيليين السابقين والحاليين حول ما إذا كانت إسرائيل قادرة على إلحاق أضرار جسيمة بالبرنامج النووي الإيراني، ومع ذلك، قيل إن المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) يدرسون ما إذا كانت إسرائيل ستقرر في أي حال أن هذا الوقت هو أفضل وقت لاستهدافه أم لا.
وفي أعقاب الهجوم، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بأن تدفع إيران "ثمنا باهظا"، فيما أعلنت واشنطن أنها ستعمل مع إسرائيل لـ"ضمان" مواجهة إيران.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن إيران ستخضع لعقوبات جديدة، ردًا على هجومها الصاروخي ضد إسرائيل، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لا يؤيد توجيه ضربات لمنشآت نووية إيرانية.