بعد قرار مجلس الأمن بشأن البعثة الأممية.. هل بدأ الصومال مرحلة التعافي والاستقرار؟

قرار مجلس الأمن الدولي بتحويل بعثة المساعدة الأممية في الصومال (UNSOM) إلى بعثة انتقالية تحت مسمى "UNTMIS" لمدة عامين، أعطى الكثير من المؤشرات التي يراها المراقبون إيجابية فيما يتعلق بالأوضاع السياسية في البلاد، وأن الصومال في طريقها إلى دورها المحوري في القرن الأفريقي في ظل التحديات التي تحيط بها.
Sputnik
ما النقاط الإيجابية في قرار مجلس الأمن بشأن بعثة المساعدة الأممية وتحويلها إلى بعثة إنتقالية.. وهل تعني تلك الخطوة أن الصومال تجاوز مرحلة الخطر الداخلي وبدأ مرحلة التعافي والاستقرار والعودة إلى المجتمع الدولي والإقليمي ولعب دور فعال في المشهد الراهن.. وما التحديات التي قد تعوق استكمال هذا التوجه وعرقلة تلك الجهود؟
بداية يقول عبد الرحمن إبراهيم عبدي، مدير مركز مقديشو للدراسات بالصومال، "هذا القرار جاء بطلب من الحكومة الصومالية، ويمثل مؤشرا قويا على التقدم الكبير الذي أحرزته في المجال السياسي والأمني، ووصولها إلى مستوى تمكنها من الاستغناء عن الوسيط الأممي".

مسؤولية الحكومة

وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "لم يعد في الوقت الحالي دور مباشر للأمم المتحدة في دعم الصومال، والتنسيق مع المجتمع الدولي أصبح أولوية لدى الحكومة الصومالية، فهي قادرة على تحمل مسؤولياتها في الأصعدة كافة دون دعم من الأمم المتحدة والمؤسسات الأخرى ذات العلاقة، وخصوصا بعد انتخاب الصومال عضوا غير دائم لدى مجلس الأمن الدولي خلال العامين المقبلين".
الرئيس الصومالي: سنواجه الأطماع الإثيوبية في أراضينا بكل السبل الممكنة
وتابع عبدي: "بعد أكثر من عشر سنوات من تأسيس بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال في الانتقال السياسي وبناء دولة القانون، نجحت الصومال في تحقيق تقدم كبير في هذا المجال، وباتت قادرة على تقرير مصيرها السياسي بنفسها دون إملاء من الأمم المتحدة، كما هو الحال بالنسبة للدول المستقلة الأخرى.

أمور هامة

وأشار رئيس مركز مقديشيو إلى أنه "يتحقق من خلال قرار الأمم المتحدة بتحويل بعثة المساعدة الأممية في الصومال (UNSOM) إلى بعثة انتقالية لمدة عامين، تحت مسمى "UNTMIS" أمرين مهمين، هما أن تكون يد الحكومة الصومالية مطلقة فيما يتعلق بالمستقبل السياسي وتعزيز السيادة الصومالية سواء على الصعيد الخارجي أو الداخلي".

واستطرد: "الأمر الثاني يتمثل في تعزيز دور الحكومة الصومالية في تقرير "AUSSOM" التي ستحل مع بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام المنتهية ولايتها بنهاية العام الجاري 2024".

دولة صاعدة

وأكد عبدي: "أن قرار مجلس الأمن على الصعيد الإقليمي يسهم في خفض التصعيد في المنطقة، وقد يلعب دورا كبيرا في تغيير نظرة بعض الدول المجاورة مثل إثيوبيا إلى الصومال من دولة هشة ضعيفة إلى دولة صاعدة تتحلل من قيود المجتمع الدولي، ما يدفعها إلى التعامل مع الصومال مباشرة، وتسوية الخلافات بينهما بصورة ندية".
رؤساء مصر والصومال وإريتريا يؤكدون ضرورة تمكين الجيش الصومالي من صيانة وحدة أراضيه

إنجازات الحكومة

من جانبه يقول عمر محمد، المحلل السياسي الصومالي، "هذا القرار يأتي استجابة لطلب الحكومة الفيدرالية، التي استشعرت أن الصومال، قد يحقق الاكتفاء الذاتي في بعض المجالات، وبالتالي يستغني عن بعض المساعدات".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "يأتي هذا القرار ضمن إنجازات الصومال خلال الفترة السابقة، مثل إعفاء الديون عنها، ورفع حظر السلاح المفروض عليها منذ 1992م، والانضمام إلى مجموعة شرق أفريقيا، والفوز بمقعد في مجلس الأمن الدولي لمدة عام ما بين 2025-2026، مما يشكل مؤشرا إيجابيا على نجاح الجهود المشتركة لإعادة بناء الدولة الصومالية من جديد".
وتابع محمد: "يعبر هذا القرار عن مدى نضج الحكومة الصومالية واستغنائها عن بعض المساعدات الخارجية، وبالتالي تبعث على الأمل والسرور، حسبما يرى النائب البرلماني مهد عبدالله عود، النائب الثاني السابق لرئيس مجلس الشعب في البرلمان الصومالي العاشر".

الحروب والأزمات

وأكد محمد أن "القرار دلالة مفادها أن الصومال في طريقه إلى القيام من كبوته والانتظام في مصاف الدول المتعافية من الحروب والأزمات، والمصممة على صناعة مجدها الجديد مع نظرائها في المنطقة، مما يعيد لها اعتبارها بدولة مؤثرة ومتأثرة في المنطقة وفي العالم أجمع، ويحدث صوتها في المحافل الدولية والإقليمية عند مناقشة القضايا العالمية والإقليمية".
السيسي من إريتريا: سنقدم كل أشكال الدعم للصومال لاستعادة الأمن والأمان
صادق مجلس الأمن الدولي،الأربعاء الماضي بالإجماع على تحويل بعثة المساعدة الأممية في الصومال (UNSOM) إلى بعثة انتقالية لمدة عامين، تحت مسمى "UNTMIS".
ويأتي قرار مجلس الأمن استجابة لمقترح الحكومة الصومالية. ومن المقرر أن يبدأ تنفيذه في نوفمبر/تشرين ثاني الجاري، ويسعى هذا القرار إلى تمكين الحكومة الفيدرالية من الاضطلاع بدورها في إدارة الأمن والاستقرار، وتعزيز القدرة المؤسسية في البلاد بحسب "روسيا اليوم ووكالة الأنباء الصومالية".
ورحبت الحكومة الصومالية الفيدرالية، بقرار مجلس الأمن الدولي، وأكدت وزارة الخارجية في بيان لها أن "هذا الإنجاز الدبلوماسي يعكس التزام المجتمع الدولي بدعم الصومال في مواجهة التحديات الراهنة".
وشددت الخارجية الصومالية، على أهمية تعزيز التعاون بين الحكومة الفيدرالية والأمم المتحدة.
ووفقا لوكالة الأنباء الصومالية، "يعتبر هذا التحول خطوة مهمة نحو تعزيز السيادة الوطنية، حيث ستتولى الحكومة الفيدرالية مسؤوليات جديدة تتعلق بالأمن والاستقرار، بينما تواصل الأمم المتحدة تقديم الدعم اللازم".
وكانت الصومال قد قدمت الاقتراح في أغسطس/آب الماضي، بعد سلسلة من المفاوضات بين اللجنة الفنية للحكومة والبعثة الأممية "UNSOM".
ويستعد الصومال كذلك لاستقبال بعثة جديدة من قوات حفظ السلام، لتحل محل البعثة الحالية التي تنتهي ولايتها بنهاية العام الجاري 2024، وستغادر قوات بعثة الاتحاد الإفريقي الانتقالية في الصومال "ATMIS" لتحل بدلا منها بعثة دعم الاستقرار في الصومال "AUSSOM".
مناقشة