باحث سياسي: الجزائر تملك كل الأدوات لمواجهة أي تصعيد من فرنسا برد مناسب وحازم

رغم حالة الجمود والتوتر بين فرنسا والجزائر، نفت الأخيرة تصريحات السفير الفرنسي السابق لديها، كزافييه دريانكور، بشأن فرض "قيود" على التجارة مع باريس، والتي أشير إلى أنها شملت تجميد المعاملات المالية.
Sputnik
وأكد بيان حكومي نشرته وكالة الأنباء الجزائرية، الخميس، أن الادعاءات التي أطلقها دريانكور حول فرض تدابير تقييدية على الواردات والصادرات بين البلدين "عارية عن الصحة".
وأوضح البيان أن هذه المعلومات "لا أساس لها على الإطلاق" من الصحة، مع التشديد على رفضها الكامل.
جاء ذلك في أعقاب منشور للسفير الفرنسي السابق عبر منصة "إكس"، زعم فيه أن الجزائر قررت منع جميع الواردات من فرنسا والصادرات إليها.
وتشهد العلاقات بين البلدين توترات منذ فترة، وصلت إلى ذروتها بعد تأييد باريس لمقترح الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب عام 2007 بشأن الصحراء الغربية.
وسحبت الجزائر سفيرها في باريس في وقت سابق، كرد على الاعتراف الفرنسي، فيما تراجعت المعاملات نسبيا بين البلدين وفق خبراء.
في الإطار قال الباحث السياسي الجزائري نبيل كحلوش، إن المؤشرات الراهنة تشير إلى انفلات الوضع الداخلي في فرنسا بين مصالح الرئاسة والخارجية.
ماكرون يعترف بمسؤولية فرنسا عن اغتيال أحد قادة الثورة الجزائرية بن مهيدي
وأضاف في حديثه مع "سبوتنيك"، أن وزير الداخلية الجزائري إبراهيم مراد نفى، ما شاع عن تجميد المعاملات المالية مع فرنسا واعتبر أن المتورط فيها هو السفير الفرنسي السابق بالجزائر، مما يشير إلى انفلات فعلي للوضع في الداخل الفرنسي بين مصالح الرئاسة الفرنسية ومصالح الخارجية، بعد أن انفلت الوضع سابقا أيضا بين مصالح الرئاسة ومصالح الأمن.
وتابع " بشأن التصعيد بين البلدين فإن الجزائر رغم امتلاكها لإمكانيات ذلك، سواء الاقتصادية أو الدبلوماسية والعسكرية بدليل ما قامت به سابقا من قرارات سواء مع فرنسا كمنع طائراتها العسكرية من المرور على الأجواء الجزائرية، أو مع إسبانيا عبر قطع العلاقات الاقتصادية، أو حتى مع المغرب عبر قطع العلاقات الدبلوماسية كلها، إلا أن مفهوم "التصعيد" نفسه غير وارد في السياق الجيوسياسي الراهن بالنسبة للجزائر، لأنها ليست هي المتهمة بالإخلال بالعلاقات".
ويرى أن مسؤولين فرنسيين سابقين هم الذين يتدخلون بشكل أو بآخر في عدة ملفات، لم يستطع حتى قصر الإليزي نفسه أن يكبح جماحهم فيها، ودخلوا في تراشق للتهم فيما بينهم. ما يؤكد أن التصعيد يعتبر نهجا فرنسيا، وأن باريس هي المطالبة بالإجابة عن موقفها منه.
وأشار إلى أن الجزائر تملك كل الأدوات لمواجهة أي تصعيد برد مناسب وحازم، بناء على مختلف الإمكانيات التي تحوزها، وأن فرنسا تتأكد من ذلك في كل مرة تحدث فيها مثل هذه التوترات.
يتوقع كحلوش، بأن السيناريو المرتقب بين البلدين -وكما توقعنا من قبل- هو استمرار التوتر على محور الجزائر-باريس وبالأخص أن النظامين نفسهما معا قد جددا شرعيتهما السياسية لعهدة كاملة في السنوات القادمة مما يشير لاستمرارية السياسات نفسها بينهما.
وسجلت التجارة الثنائية بين الجزائر وفرنسا ارتفاعا بنسبة 5.3% في عام 2023، حيث بلغت قيمة التبادل التجاري 11.8 مليار يورو، مقارنة بـ 11.2 مليار يورو في عام 2022.
كما احتفظت الجزائر بموقعها كأهم سوق مبيعات فرنسية في أفريقيا بعد المغرب.
يشار إلى أن العلاقات بين الجزائر وفرنسا تشهد توترا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب وتقديم باريس دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، وهو ما يتناقض مع موقف الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو المطالبة باستقلال المنطقة.
ومنذ وصول الرئيس عبد المجيد تبون للحكم 2019، دخلت العلاقات مراحل متباينة، إثر تمسك الجزائر بعدد من الملفات المرتبطة بفترة الاستعمار.
ونفّذت فرنسا، (التي احتلت الجزائر في الفترة بين عامي 1830 و1962)، 17 تجربة نووية في الصحراء بين عامي 1960 و1966 في منطقتي "رقان" و"إن إيكر"، وهي ضمن أبرز الملفات الخلافية بين البلدين.
مناقشة