محللون: الحدود الليبية التونسية ثابتة والتعاون مستمر

أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أمس الخميس، في بيان رسمي أن ملف ترسيم الحدود بين ليبيا وتونس قد تم حسمه بشكل كامل منذ أكثر من عقد، عبر لجنة مشتركة بين الجانبين.
Sputnik
وأوضحت الوزارة أن هذا الملف أصبح مستقراً وثابتاً ولا يُطرح للنقاش أو المراجعة، مشيرةً إلى أن ذلك يأتي في إطار العلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تجمع الشعبين الليبي والتونسي، واستناداً إلى التعاون المستمر بين سلطات البلدين بما يحقق المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
ليبيا تعلن استئناف العمل في معبر "رأس جدير" الحدودي مع تونس
جاء رد الخارجية الليبية، بعد تصريح وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي، أن ترسيم الحدود مع ليبيا ومتابعته يجري على مستوى لجنة مشتركة تونسية - ليبية، مؤكدا بأن بلاده "لن تسمح بالتفريط في أي شبر من التراب الوطني".
الحدود المشتركة
قال المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان، إن تصريح وزير الدفاع التونسي، خالد السهيلي، تطرق إلى وجود لجنة مشتركة تونسية ليبية تعمل على ترسيم الحدود بين البلدين، دون الإشارة إلى أي قرار أحادي الجانب فيما يتعلق بترسيم الحدود.
وأكد الترجمان في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن هذا التصريح لا يتضمن أي إساءة أو تحريض أو عدم احترام للجانب الليبي، بل يعكس التعاون المشترك بين البلدين لتحديد النقاط الحدودية.
وأشار إلى أن رد الخارجية الليبية ربما كان يستهدف مسألة الحدود البحرية التي تم ترسيمها مسبقاً بقرار من محكمة العدل الدولية في قضية الجرف القاري عام 1981، بينما العمل على ترسيم الحدود البرية لا يزال مستمراً بين الجانبين، وهو أمر يصب في مصلحة البلدين.
وشدد على أن العلاقات بين تونس وليبيا هي علاقات نموذجية بحكم الجغرافيا والتاريخ المشترك والتواصل المجتمعي بين الشعبين. وأوضح أنه لا يوجد في تصريحات وزير الدفاع التونسي أي انتقاص من سيادة ليبيا.
وأضاف المحلل السياسي التونسي أن ردود الفعل الانفعالية لبعض الأطراف الليبية جاءت دون التحقق من مضمون التصريح، مشيراً إلى أن الوزير التونسي تحدث بشكل واضح عن لجنة مشتركة تعمل على ترسيم الحدود البرية، ولم يتطرق إلى أي خطوات أحادية في هذا السياق.
جماعات مسلحة تغلق طريقا مؤديا إلى معبر رأس جدير الحدودي بين ليبيا وتونس
علاقات مصيرية
يرى المحلل السياسي الليبي المهتم بالشأن التونسي إدريس احميد، أن تصريحات وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بشأن مسألة ترسيم الحدود تعكس مخاوف تونس من تصاعد موجات الهجرة غير الشرعية وأعمال التهريب عبر الحدود المشتركة.
وأشار احميد في حديثه لـ"سبوتنيك" إلى أن ليبيا تعاني منذ عام 2011 من تحديات أمنية كبيرة على حدودها، وأن تركيز الوزير التونسي على هذه القضية ربما يأتي في إطار السعي لتحقيق استقرار أفضل.
وأوضح احميد أن الحدود بين البلدين سبق أن تم ترسيمها خلال فترة الاستعمار الفرنسي لتونس والإيطالي لليبيا، وتم ذلك عبر لجنة مشتركة.
وأضاف أنه لا ينبغي تضخيم هذه التصريحات أو استخدامها لتوتير العلاقات بين الجانبين، مشدداً على أهمية مواصلة الجهود لتحقيق السيطرة الأمنية الكاملة على الحدود.
وأكد أن ليبيا بحاجة إلى الاستقرار الأمني لضمان استمرار عمل اللجان المشتركة لترسيم الحدود مع تونس والجزائر. كما أشار إلى تصريحات رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الليبي، بأنبلاده لن تتنازل عن سيادتها، داعياً الطرفين إلى ضبط النفس في التصريحات وتجنب ما قد يثير التوتر.
خبراء يحذرون من تداعيات أزمة معبر "رأس جدير" بين تونس وليبيا
ولفت احميد إلى أن الحديث عن ترسيم الحدود أو تأمينها هو أمر مشروع، وأن هناك لجاناً دولية مختصة تعمل في هذا الإطار، كما دعا وزارة الخارجية الليبية إلى تكثيف جهودها من خلال مختصين لمتابعة العلاقات الخارجية، خاصة مع دول الجوار.
وأكد على عمق العلاقات التاريخية والاجتماعية والجغرافية بين ليبيا وتونس، والتي تمتد إلى فترات الاستعمار والثورات. وأشاد بدور تونس في احتضان المجاهدين الليبيين خلال الاستعمار الإيطالي، ودور ليبيا في دعم الثورة التونسية، إلى جانب دور تونس الكبير في استقبال النازحين الليبيين عام 2011.
وختم احميد بالتأكيد على أن العلاقات الليبية التونسية قوية ومصيرية، وأن مثل هذه التصريحات السياسية لن تؤثر على مسار العلاقات المتطورة بين البلدين.
وأشادت الخارجية الليبية في بيانها بمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الحكومتين الليبية والتونسية، خاصة في المجالات التي تسهم في تعزيز الأمن والاستقرار، وتعزيز فرص التجارة والاستثمار المشتركة؛ فضلا عن تحسين ظروف السفر والتنقل للمواطنين بين البلدين الشقيقين".
وأشارت إلى ضرورة "التزام البلدين بتكثيف الجهود لضمان تحقيق المزيد من التقدم والتنمية المشتركة، التي تعود بالنفع على كافة الأصعدة في ليبيا وتونس".
مناقشة