ويهدف المؤتمر إلى وضع خارطة طريق جديدة لمعالجة الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا، بما في ذلك توحيد المؤسسات والتحضير للانتخابات فيها.
لكن اللافت في هذا المؤتمر هو غياب روسيا والصين، اللتين تعتبرا من الأطراف المؤثرة في الملف الليبي، ما يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيق توافق دولي على مخرجاته، خاصة مع استمرار الخلافات داخل مجلس الأمن بشأن آليات الحل في ليبيا.
خطوة فردية
صرّح المحلل السياسي محمد امطيريد، بأن "المؤتمر الأخير المتعلق بليبيا جاء نتيجة فشل مجلس الأمن في تمديد مهمة البعثة الأممية لدى ليبيا، والتي تنتهي في يناير (كانون الثاني) المقبل".
وفي حديث خاص لـ"سبوتنيك"، قال امطيريد إن "ما يحدث يُعد تحركاً فردياً من بعض الدول، التي تسعى لإيجاد حلول جديدة للأزمة عبر حوار قد تستضيفه السعودية".
وأضاف أن "الهدف من هذه الخطوة هو توحيد المؤسسات الليبية تحت حكومة جديدة تمهّد الطريق لإجراء الانتخابات، لكنها جاءت بغياب روسيا، التي تلعب دوراً محورياً في أفريقيا وداخل مجلس الأمن، مما يعقّد المشهد ويُظهر الولايات المتحدة كقوة محركة لهذه المبادرات، في ظل تغييب الدور الروسي".
وأوضح امطيريد أن "التحركات الحالية تبدو محاولة من إدارة بايدن لخلط الأوراق قبل انتهاء فترته الرئاسية"، مشيراً إلى أن "الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب قد تسعى لتعزيز العلاقات مع روسيا، وهو ما قد يحمل تأثيرات إيجابية على الملف الليبي".
وأبدى المحلل السياسي الليبي استغرابه من إقصاء ليبيا عن هذه التحركات، مشيراً إلى أن "بعض الدول تتصرف وكأنها أوصياء على ليبيا، متناسية أنها السبب الرئيسي في الأزمة الليبية".
واعتبر أن "هذه التحركات قد تكون محاولة لإزاحة الأطراف الحالية، خاصة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبدالحميد الدبيبة، التي أصبحت عائقاً أمام أي حوار جديد"، على حد قوله.
كما توقع أن "يصدر عن هذا المؤتمر بيان يؤيد تشكيل حكومة جديدة وإطلاق حوار ليبي جديد، مع احتمال تسابق بعض الأطراف الليبية للحصول على تمثيل في المؤتمر بالسعودية، لكن ذلك سيقابل بمعارضة من بعض القوى المحلية وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية".
وأكد أن "نجاح أي حوار ليبي مرتبط بموافقة روسيا، التي تلعب دوراً محورياً في الملف الليبي، واعتبر أن غياب التوافق الروسي الأمريكي يجعل نتائج هذه المؤتمرات مجرد حبر على ورق".
غياب التوازن
قال المحلل السياسي حسام الدين العبدلي، إن "مؤتمر لندن الذي يضم عدة دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب دول إقليمية متدخلة في الصراع الليبي كتركيا وقطر والإمارات، يسعى لتحقيق تفاهمات بشأن خارطة طريق جديدة للوضع السياسي في ليبيا"، وأشار إلى أن "غياب الأطراف الليبية الرئيسية وأطرافا دولية مؤثرة مثل روسيا والصين يثير تساؤلات حول نجاح هذا المؤتمر".
وأوضح العبدلي في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن "المؤتمر يهدف إلى معالجة عدة قضايا منها التدخل الأجنبي، مشكلة المرتزقة، التدخلات العسكرية والأزمات المالية والاقتصادية التي تواجه ليبيا"، كما أشار إلى أن "عدم استقرار ليبيا يشكل تهديداً مباشراً لأوروبا، ما يدفع الولايات المتحدة لمحاولة توحيد مواقف حلفائها الغربيين".
وأضاف العبدلي أن "المؤتمر يحمل تساؤلات حول مدى قدرته على تحقيق نتائج ملموسة أو تقديم خارطة طريق حقيقية، خصوصاً مع التجارب السابقة التي شهدت ضعفاً في مخرجاتها بسبب تكرار المؤتمرات الدولية وإقصاء أطراف ليبية رئيسية".
وأكد أن "غياب الأطراف الليبية عن هذا المؤتمر، رغم أنها المعنية بالقضية، يعد مؤشراً سلبياً يقلل من فرص نجاحه".
كما أشار العبدلي إلى أن غياب روسيا والصين، وهما لاعبان رئيسيان في الملف الليبي، يضعف من مصداقية المؤتمر، واعتبر أن روسيا، على وجه الخصوص، تمثل قوة مؤثرة مثل الولايات المتحدة، وغيابها يجعل أي نتائج تنبثق عن المؤتمر عرضة للإيقاف في مجلس الأمن.
وأضاف أن "المؤتمر يبدو محاولة لتنسيق مواقف الدول الغربية مع الولايات المتحدة وربما تشكيل حكومة جديدة تدين بالولاء لجهة معينة، لكنه شدد على أن "أي نتائج لن تكون قابلة للتنفيذ في ظل غياب التوافق داخل مجلس الأمن، حيث صرحت روسيا بأن المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني خوري، تعكس وجهة نظر الأمين العام أنطونيو غوتيريش فقط، ولا تمثل إجماع المجلس".
واختتم العبدلي حديثه بالإشارة إلى أن "مؤتمر لندن يهدف إلى وضع خارطة طريق يتم تقديمها لمجلس الأمن، لكن غياب الفاعلين الدوليين والأطراف الليبية يعقّد فرص نجاحه"، وأضاف أن "المؤتمر قد يواجه عراقيل كبيرة، وربما لا يخرج عنه سوى تفاهمات بين الدول الغربية دون حلول فعلية للأزمة الليبية".