هل تنهي مخرجات مؤتمر لندن الانقسام السياسي في ليبيا؟

ناقش مؤتمر لندن الأخير حول ليبيا قضية إسقاط الحكومتين الحاليتين وتشكيل حكومة مصغرة بمهام محددة، كخطوة تهدف إلى إنهاء الانقسام السياسي وتعزيز الاستقرار في البلاد.
Sputnik
لكن تبقى تساؤلات مفتوحة حول مدى إمكانية تحقيق هذه الخطوة على أرض الواقع، ومدى استعداد الأطراف الليبية للامتثال لمخرجات المؤتمر.
في ظل استمرار الصراع السياسي بين الأطراف المتنازعة، يثار التساؤل: إلى متى سيظل هذا الوضع قائماً، وما الآليات التي يمكن أن تضمن تنفيذ الحلول المطروحة في المؤتمر.

تفاصيل غامضة

أكد المحلل السياسي الليبي أحمد التهامي، في تصريح خاص لـ"سبوتنيك"، أن هناك إشارات على تحقيق تقدم ملحوظ في العلاقات بين مصر وتركيا، وهما دولتان لهما تأثير مباشر في المشهد الليبي.
وأوضح التهامي أن الإعلان عن هذا التقدم جاء دون الكشف عن تفاصيل، مما يشير إلى أن الدولتين بحاجة إلى مزيد من الوقت لتنسيق المواقف مع حلفائها الليبيين وضمان حماية مصالحها، خاصة مع التحولات الدولية المرتبطة بالانتخابات الأمريكية المقبلة.
أمازيغ ليبيا يرفضون مسودة الدستور ويعتبرون أنها صيغت تحت الضغط والتهديد
وأضاف التهامي: "أميل إلى الاعتقاد بوجود حاجة دولية ملحة لتنظيم الأوضاع وتهدئتها في ليبيا، وهو ما قد يمهد الطريق لتشكيل حكومة مؤقتة جديدة. لكن في الوقت ذاته، لا أرى إمكانية للتوصل إلى حل دائم وشامل للأزمة الليبية في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب".
وأشار إلى أن غياب روسيا عن المؤتمر المرتبط بالقضية الليبية يمثل نقطة ضعف رئيسية قد تؤدي إلى تعقيد الأمور، معتبرًا أن روسيا، كدولة فاعلة ولها علاقات متينة مع الأطراف الليبية، كان ينبغي أن تكون جزءًا من هذا النقاش لتحقيق نتائج أكثر فاعلية.

تحديات دولية

قال المحلل السياسي محمد محفوظ إن المشهد الليبي الحالي يفتقر إلى قواعد واضحة للمسار السياسي، مشيرًا إلى أن كل ما يُطرح حتى الآن مجرد أفكار دون إجابات محددة على سيناريوهات الفشل أو التعنت من قبل بعض الأطراف، مما يترك الأمور غامضة ومعقدة.
وأضاف محفوظ في حديثه لـ"سبوتنيك"، أن مصير بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لا يزال مجهولًا، مشيرًا إلى انتهاء تفويضها في يناير المقبل، ما لم توافق روسيا على تمديد مهمة ستيفاني خوري، وأكد أن هذه المسألة تشكل تحديًا كبيرًا في ظل التحديات القائمة.
الدبيبة: هناك مؤامرة لتعطيل الاستفتاء على الدستور في ليبيا
وبخصوص المخرجات السياسية، اعتبر محفوظ أنها قد تكون مهمة لتحريك المياه الراكدة وإحداث تغيير في المشهد السياسي على المستويين الدولي والمحلي، لكنه شدد على ضرورة وجود دعم قوي لضمان تنفيذ هذه المخرجات.
وأضاف أن امتثال الأطراف الليبية لهذه المبادرات يعتمد بالدرجة الأولى على الدعم الدولي، مشيرًا إلى أن معظم الأطراف الليبية مرتهنة لقوى دولية وإقليمية.
وأكد محفوظ أن الصراع الليبي سيستمر طالما غابت القواعد الدستورية واستمرت المراحل الانتقالية والانقسام السياسي.، ورغم أن تشكيل حكومة جديدة قد لا يحدث فرقًا كبيرًا، إلا أنه يرى أن أي تغيير يظل أفضل من استمرار الوضع الحالي.

مصالح دولية

من جهته، رأى المحلل السياسي إدريس احميد أن انعقاد الاجتماعات الدولية بشأن ليبيا في ظل غياب الأطراف الليبية يعكس حالة من الوصاية الدولية على البلاد، موضحًا أن هذا الوضع استغلته الدول المجتمعة لتحقيق مصالحها المتضاربة داخل ليبيا.
وأشار إلى أن مؤتمر لندن الأخير، كغيره من المؤتمرات السابقة، قد يواجه مصير الفشل بسبب تضارب المصالح الدولية وغياب التوافق بين الأطراف الليبية.
برلماني ليبي: مؤتمر لندن لن يغير شيئا والوجوه المتكررة لا تصلح لحكم ليبيا
واعتبر أن مقترح إسقاط الحكومتين وتشكيل حكومة مصغرة يتطلب فهمًا واقعيًا وجدية في التنفيذ، مشيرًا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية ترفض تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة، مما يعوق هذا الحل.
وأضاف احميد أن الدعوات لتشكيل حكومة جديدة تعكس تناقضات المجتمع الدولي، مشددًا على أن نجاح هذا الخيار يعتمد على تفاهم ليبي-ليبي حقيقي، وهو أمر مفقود حاليًا.
وأكد أن الصراع الليبي أمام خيارين: الأول يتمثل في استعادة الثقة والتفاهم بين الأطراف الليبية لتحقيق المصلحة الوطنية، وهو ما قد تدفع إليه المطالب الشعبية. أما الخيار الثاني، فقد يتجسد في تدخل الإدارة الأمريكية المقبلة برئاسة ترامب، التي قد تسعى إلى دعم أطراف محددة لتحقيق الاستقرار الأمني، خاصة مع استمرار نفوذ التشكيلات المسلحة التي تُبقي الحكومات في السلطة.
وقال إن ليبيا بحاجة إلى إرادة حقيقية تضمن انتخابات حقيقية، بعيدًا عن التشكيلات المسلحة والتجاذبات السياسية التي حالت دون الاستقرار منذ عام 2011.
مناقشة