وقال كال، الذي يعمل أستاذا في جامعة برلين الحرة، في حديث صحفي: "لم تكن النية على الإطلاق العثور على إيدي (الكاهنة).. كان ذلك مفاجئا تماما".
وتتموضع المقبرة، في جبل من الحجر الجيري، يبلغ ارتفاعه نحو 200 متر، ودُفن فيه نحو 10 آلاف شخص في عصر الفراعنة، بحسب تقديرات كال.
وإلى جانب التابوتين الخشبيين المتداخلين والمزينين برسومات ونصوص بالغة الدقة، وهي علامة على الرفاهية، عثر فريق البحث الدولي في حجرة الدفن على تماثيل وخنجر وأوان للأحشاء والتي تسمى "الأواني الكنوبية"، من بين أشياء أخرى. وقال كال إن "مومياء إيدي مزقها لصوص قبور من العصور القديمة، ولم تعد عظامها في التابوت، بل في زاوية بحجرة الدفن".
وتضمنت النصوص الطقسية المنقوشة على التابوت نصائح حول كيفية الانتقال بنجاح إلى الحياة الآخرة أو ألغازا اختبارية يتعين على إيدي اجتيازها، وفقا لمعتقد المصريين القدماء، وأوضح كال قائلا: "على سبيل المثال: أنا الأمس. أنا أعرف الغد، ماذا يعني ذلك؟"، مضيفا: "بالإضافة إلى ذلك، تم رسم قائمة قرابين على الجزء الداخلي من غطاء التابوت لترافقها بشكل رمزي في طريقها إلى الآخرة، والتي شملت خبزا وجعة وزيتا وأقواسا وسهاما وألفي قيثارة، من بين أمور أخرى".
وتم الإعلان عن الاكتشاف لأول مرة في أكتوبر الماضي. وتحتوي المقبرة على غرف يصل ارتفاعها إلى 11 مترا وعمقها إلى 28 مترا، وتم بناؤها على ارتفاع 70 مترا في الجبل. وقال كال: "هذه أكبر مقبرة غير ملكية في عصرها بمصر".
وبحسب
بيانات كال، يعمل نحو 20 عالما وما بين 40 إلى 80 عامل تنقيب مصري في أسيوط كل عام، في الفترة من منتصف أغسطس/ آب إلى منتصف أكتوبر، وتجري أعمال التنقيب بالتعاون مع جامعة سوهاج في مصر، وجامعة كانازاوا اليابانية والأكاديمية البولندية للعلوم.
وقال كال: "نحن نعيد بناء تاريخ هذه المدينة القديمة، بالاستعانة بكل ما نجده على الجبل"، موضحًا أن "أعمال البحث مستمرة منذ 21 عاما"، والتي رافقها كال منذ البداية، وذكر أن "الأمر يتعلق بنحو 6 آلاف عام من التاريخ، منذ 4 آلاف عام قبل الميلاد حتى اليوم"، مشيرًا إلى أن "مدينة أسيوط نفسها مبنية بالكامل فوق أطلال، ما يجعلها عصية على التنقيب والبحث"، موضحا أنه "لذلك يتم التنقيب في جبل في أسيوط".
وعن مدى إثارة الاكتشاف الأخير بالنسبة له، قال كال: "من حيث المبدأ، فإن هذا الاكتشاف ليس أكثر ولا أقل من مجرد لبِنَة صغيرة لفهم تاريخ أسيوط بشكل أفضل"، موضحا في المقابل أن ما أثّر فيه هو الصبغة الشخصية التي منحتها إيدي للاكتشاف، حيث قدمت النقوش والرسومات الكثير من المعلومات عنها، مضيفا أن أكثر ما يبهره في عمله هو استيعاب حضارة المصريين القدماء في مجملها.
وخلال الشهور المقبلة سيُجرى فحص اكتشافات غرفة الدفن من قبل خبراء في تحليل المواد الخشبية ومرممين وعلماء آثار وعلماء أنثروبولوجيا ومصورين وفنيي تنقيب وعلماء مصريات، كما سيتم فحص الممر الأفقي عن كثب. وعن مصير إيدي بعد اكتمال الفحوص، قال كال: "ستتم إعادتها إلى الجبل".