نتحدث عن إحدى مخطوطات "هيركولانيوم"، التي تم اكتشافها في القرن الثامن عشر بالقرب من مدينة بومبي جنوبي إيطاليا، وتغطي هذه المخطوطات طبقة سميكة من الرماد، ما يجعل دراستها صعبة بشكل خاص.
وتعرضت المدينة للدمار بسبب ثوران بركان "فيزوف"، وكانت معظم المخطوطات محترقة بشدة لدرجة أنه كان من المستحيل فتحها.
وعلى مدى القرنين والنصف التاليين، جرت محاولات لكشف بعض مئات المخطوطات باستخدام كل شيء، بدءاً من ماء الورد والزئبق وحتى الغاز النباتي.
ولا يزال اللغز قائما، ويوم أمس الأربعاء، تم الإعلان عن اختراق كبير، إذ قال باحثون إنهم تمكنوا الآن من فك إحدى المخطوطات القديمة رقميا والبدء في قراءتها.
المخطوطة المعنية، المعروفة باسم "PHerc. 172"، هي واحدة من 3 مخطوطات مخزنة في مكتبات "بودليان" التابعة لجامعة أكسفورد في إنجلترا.
ويقول فريق مشارك في تحدي "فيزوف"، وهي مسابقة تقدم جوائز مالية لأي شخص يستطيع المساعدة في فك رموز المخطوطات الحساسة، إنه تمكن من فك غلاف ورق البردى تقريبا ليكشف عن أعمدة من النصوص، التي بدأ علماء أكسفورد بالفعل العمل على فك شيفرتها.
وصرح ستيفن بارسونز، قائد فريق تحدي "فيزوف": "نحن واثقون من أننا سنكون قادرين على قراءة المخطوطة بأكملها تقريبًا، وهذه هي المرة الأولى التي نتمكن فيها من قول ذلك بثقة عالية".
وتم وضع المخطوطة في علبة مصنوعة خصيصًا وتم نقلها إلى منشأة ضخمة للأشعة السينية عالية الكثافة، في مقاطعة أوكسفورد شاير البريطانية، وبعدها تم استخدام المسح الضوئي لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد، مع استخدام الذكاء الاصطناعي للكشف عن الحبر، ونجح العلماء في كشف المكتوب على غلاف المخطوطة.
كانت التجربة جزءًا من تحدي "فيزوف"، إذ اقترح المشاركون طرقًا لاكتشاف مخطوطات "هيركولانيوم" وفك رموزها. وفي عام 2024، حصل 3 طلاب على 700 ألف دولار مقابل فكرتهم المتمثلة في استخدام الذكاء الاصطناعي للتعرف على النصوص الموجودة تحت طبقة من الرماد. وتمكنوا من فك 5 بالمئة من المخطوطة، التي تبين أنها رسالة كتبها فلاسفة أبيقوريون يونانيون قدماء.
وقد تم العثور فيها على مجموعة كبيرة من المخطوطات، لكن المواد كانت متفحمة لدرجة أن الحبر الأسود أصبح غير قابل للقراءة، كما تحولت أوراق البردى إلى غبار عند محاولة فتحها.