حيث شهدت مدينة الأصابعة، الواقعة جنوب العاصمة طرابلس، ظاهرة غامضة تمثلت في اندلاع النيران داخل عدد من منازل السكان، دون أسباب واضحة حتى اللحظة، وأثارت هذه الحوادث حالة من الهلع والقلق بين الأهالي، وسط محاولات الجهات المختصة لفهم ملابساتها والوصول إلى تفسير علمي ودقيق للأسباب المحتملة وراء اندلاع الحرائق.
ما هو دور مركز الدراسات الاجتماعية في التعامل مع الكارثة التي حلت بمدينة الأصابعة؟
بعد اندلاع الحرائق في بعض المنازل بمدينة الأصابعة، تواصلنا مع المسؤولين في البلدية، باعتبارنا مركزًا مختصًا بدراسة الظواهر السلبية والهدامة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي، قمنا بتشكيل فرق عمل متخصصة، ضمت فرق استطلاع، وجامعي بيانات، وخبراء في القضايا الاجتماعية، حيث انتقل الفريق إلى عين المكان بالتعاون مع بعض الجهات المختصة.
ما هي أهم الإجراءات التي قمتم بها فور وصولكم إلى المنطقة المتضررة؟
شكلنا غرفة عمليات بالتعاون مع الجهات المحلية، وقدمنا مساعدات للأهالي المتضررين، بما في ذلك تقديم الاستشارات النفسية للحد من الهلع والخوف الذي انتشر بينهم. كما قمنا بترشيد المواطنين بعدم الاقتراب من المناطق المشتعلة، بعد رصد حالات إصابة، إغماء، واختناق.
كيف كان التعاون بينكم وبين الأجهزة الأخرى خلال عمليات الإغاثة؟
كان هناك تعاون كبير بين المركز وأجهزة السلامة الوطنية، فرق الطوارئ، الأجهزة الأمنية، وفرق الإسعاف، ولحسن الحظ، نجح دور المركز في هذه العملية بفضل تعاون المواطنين والجهات الرسمية.
هل قمتم بأي مبادرات توعوية بعد الكارثة؟
نعم، بعد أيام من تكرار مشاهد الحرائق، قمنا بتنظيم محاضرات توعوية بالتعاون مع رجال الأوقاف، لرفع الوعي حول كيفية التعامل مع مثل هذه الأزمات وتقليل المخاطر، وذلك بعد حالة الهلع والرعب التي عاشها الأهالي في المدينة.
هل تم الانتهاء من عمليات الحصر للخسائر؟
بدأنا على الفور في حصر الأضرار، وتم تسجيل احتراق 75 منزلًا بالكامل، إضافة إلى أضرار متفاوتة في بعض المنازل المجاورة، كما تم رصد خسائر كبيرة في الممتلكات، ولكن بعض الأضرار كانت محدودة بسبب جهود الأهالي في السيطرة على النيران فور اندلاعها.
كيف كان دور الحكومة في الاستجابة لهذه الكارثة؟
كوننا فريقًا يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية بحكومة الوحدة الوطنية، تواصلت معنا وزيرة الشؤون الاجتماعية باعتبارها المشرفة على لجنة استقبال شكاوى المواطنين، وتم تقديم دعم للأهالي عبر توفير أدوات الإغاثة مثل الأغطية، المفروشات، المواد الغذائية، ومواد التنظيف، والمستلزمات، إضافة إلى إرسال فريق دعم نفسي واجتماعي لمتابعة أوضاع المتضررين.
كيف تفاعل الأهالي مع هذه الكارثة؟
أظهر الأهالي تضامنًا رائعًا، حيث سارعوا لمساعدة بعضهم بعضا في مشهد اجتماعي مؤثر، وهذا يعكس أهمية التلاحم المجتمعي في مواجهة الأزمات، حتى تتدخل الدولة بحلول طويلة الأمد.
هل تم التوصل إلى الأسباب الحقيقية وراء اندلاع الحرائق؟
حتى الآن لم يتم تحديد السبب بشكل دقيق، فرق البحث لا تزال تعمل، كما أننا تواصلنا مع دول أخرى شهدت كوارث مشابهة للاستفادة من تجاربها، حيث نبحث في العوامل البيئية والمناخية والاحتمالات العلمية التي قد تكون وراء اندلاع هذه الحرائق الغامضة.
كما يجري التنسيق مع خبراء في مجالات مختلفة، بما في ذلك السلامة الوطنية والجيولوجيا والكهرباء، لتحليل كافة الفرضيات المحتملة. لا يمكننا التصريح بأي استنتاج حتى تنتهي الفرق المختصة من تحقيقاتها وتقدم تقريرًا نهائيًا يستند إلى أدلة واضحة وتحليل علمي دقيق.
هل تأثر عمل المركز بأي تجاذبات سياسية؟
لا، المركز بعيد تمامًا عن أي تجاذبات سياسية، نحن نركز على دراسة الظواهر الاجتماعية والبحث عن حلول للمشكلات التي تواجه المجتمع، بعيدًا عن أي انحيازات سياسية. كما أن دراستنا تُحال إلى الجهات الرسمية مثل مجلس النواب والمجلس الرئاسي للإسهام في وضع سياسات اجتماعية فعالة.
ما هي أبرز الجهود التي قمتم بها سابقًا في مناطق أخرى؟
لدينا فروع في شرق وجنوب ليبيا، وكنا من أوائل الفرق التي تدخلت في مدينة درنة بعد إعصار دانيال، حيث أعددنا دراسات استفادت منها المؤسسات الرسمية والبرلمانية آنذاك، شملت هذه الدراسات تقييم الأضرار الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي خلفتها الكارثة، إضافةً إلى تقديم توصيات للجهات المختصة حول آليات التعافي وإعادة الإعمار.
كما أسهمنا في تقديم دعم نفسي واجتماعي للمتضررين، إلى جانب تنفيذ برامج توعوية لتعزيز التماسك المجتمعي والتعامل مع الأزمات المستقبلية بفاعلية أكبر.
ما هي القضايا الأخرى التي عمل عليها المركز؟
عملنا على عدة دراسات، منها، حصر الأجانب والعمالة الوافدة بالتنسيق مع جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، نظرًا لما تشكله من تحديات أمنية واجتماعية، بالإضافة إلى زواج الليبيين من أجانب، حيث أحلنا توصيات للجهات المعنية بشأن المشكلات القانونية والإدارية الناتجة عنه، وزيادة حالات الانتحار في المجتمع الليبي، حيث قدمنا توصيات للحد من هذه الظاهرة.
ما هو الدور الحالي للمركز في مجال المسح الاجتماعي والاقتصادي؟
نحن نعمل على استئناف مشروع المسح الاجتماعي والاقتصادي للأسر الليبية، الذي توقف منذ 2011. يهدف هذا المشروع إلى جمع بيانات حول المشكلات الاجتماعية مثل الطلاق، الإعاقة، والمشكلات المعيشية، مما يساعد الدولة على وضع سياسات فعالة لحل هذه المشكلات.
كيف ترون مستقبل المركز ودوره في المجتمع الليبي؟
نطمح إلى توسيع دور المركز في تقديم دراسات تساعد في وضع سياسات اجتماعية أكثر استدامة، والإسهام في تحقيق المصالحة الوطنية، وحماية النسيج الاجتماعي في ليبيا.
أجرى الحوار/ ماهر الشاعري.