وأعلنت جماعة "أنصار الله"، أمس السبت، "تنفيذ عملية عسكرية ضد هدف إسرائيلي في بئر السبع، بصاروخ بالستي".
وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة العميد يحيى سريع، إن "القوات المسلحة نفذت، الأسبوع الماضي، عمليات عسكرية استهدفت مواقع حساسة ومنشآت عسكرية في بئر السبع ويافا وحيفا"، مؤكدًا أن "العمليات نُفذت بعدد من الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة".
وأضاف سريع أن "اليمن الوفي لن يتخلى عن واجباته الدينية والأخلاقية والإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني"، متابعًا: "سنواصل عملياتنا الإسنادية حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق من اليوم، رصده إطلاق صاروخ من اليمن، متجهًا نحو الأراضي الإسرائيلية، مؤكدًا أن أنظمة الدفاع الجوي تعمل على اعتراضه.
ونشر الجيش الإسرائيلي بيانًا عبر تطبيق "تلغرام"، أفاد فيه بدوي صفارات الإنذار في مناطق عدة داخل إسرائيل بعد إطلاق الصاروخ.
ما هي السيناريوهات المقبلة بين إسرائيل وأمريكا من جهة و"أنصار الله" اليمنية من الجهة المقابلة.. تهدئة أم مواجهة جديدة؟
مواقف ثابتة
بداية، يقول العميد عبد السلام سفيان، الخبير العسكري والاستراتيجي من العاصمة اليمنية صنعاء: "هذه المعركة التي نخوضها ضد دولة الاحتلال، هي قدر قبل أن تكون خيارًا بالنسبة لنا، قدرنا أن نقف مع فلسطين القضية حتى ننتصر لها وحتى نرى وقف العدوان ورفع الحصار".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "موقفنا ثابت لا يتغير منذ اللحظة الأولى، بأننا بجوار أهلنا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ونحن ثابتون عليه مهما تغيرت الظروف والمواقف".
وتابع سفيان: "تشهد المنطقة تحولات وأحداث بحجم ما حصل من عدوان صهيوأمريكي على إيران ونتائج هذه الحرب، نحن نتابع باهتمام ما جرى وأيا كانت النتائج المترتبة أو التي سوف تشهده المنطقة فإننا جزء منها، وسوف تظل عملياتنا ضد دولة الاحتلال بنفس الوتيرة ولن تتوقف، بالعكس نحن اليوم نخطط إلى أن نرفع مناسيب تلك المواجهة".
"بيت العنكبوت"
وأكد الخبير العسكري اليمني أن "اليمن يُدرك اليوم عمليا وليس نظريا، أن هذا الكيان أوهن من بيت العنكبوت إلى درجة تجعله لا يتحمل الحد الأدنى من من متطلبات المواجهة، نحن اليوم نعطل المكاسب التي حققها هذا الرد الإيراني على الكيان، نريد اليوم أن نُثبت المعادلة، بأنه لا أمان ولا أمل لهذا الكيان وأن على كل المستوطنين أن يكونوا جاهزين في كل لحظة للدخول إلى الملاجئ، حتى يستشعروا أن لا أمان لهم قبل أن يأمن إخواننا في فلسطين".
وقال سفيان: "نسمع العديد من الأصوات تتحدث عن الأثمان التي ندفعها وربما البعض يحاول أن يخيفنا منها، نحن جاهزون والشعب اليمني في كل جمعة يخرج ليؤكد أنه لا يقلق من أي أثمان، نحن ذاهبون إلى معركة وندرك أن ما قدمناه ليس شيئا أمام ما يُفترض أن نقدمه أمام معركة حاسمة ومفصلية في واقع الأمة وفي مستقبل القضية الفلسطينية".
الرد الإيراني
واستطرد سفيان: "وبكل تأكيد أن انعكاسات الرد الإيراني على الكيان، هى إيجابية بكل المقاييس، حزب الله يشعر أنه في وضع أفضل بكثير مما كان عليه، وأيضا أنعكس الرد الإيراني ايجابيا على جبهات محور المقاومة وخاصة في اليمن، الذي استفاد كثيرا بعدما رأى وتابع حالة الوهن في صفوف الأعداء، حيث رأينا العدو في اختبارات عملية لمستوى القدرات وكيفية التعاطي معها".
وأشار سفيان إلى أن "الأمريكي والكيان المحتل أعتقد أنهم أدركوا أنهم هم من استجدوا وقف إطلاق النار وهم من يجب أن يستجدوا أيضا وقف لعملياتنا وإن شرطها الوحيد الذي لا يتغير هو رفع الحصار ووقف العدوان على قطاع غزة".
صنعاء وغزة
من جانبه، يقول المحلل السياسي اليمني أكرم الحاج: "بطبيعة الحال موقف صنعاء كما هو ما زال على العهد وما زال وفيا صادقا في القول والفعل في مساندة إخوانهم الفلسطينيون في غزة، موقف "أنصار الله" وهي تخوض المعركة هو موقف عُروبي إسلامي، منذ أن أعلنت صنعاء مساندة أبناء غزة كان ومازال هدفها إيقاف حرب الإبادة للفلسطينيين في غزة، وإدخال المساعدات الغذائية والدوائية، فإذا توقفت الحرب وأُدخلت المساعدات عندها ستوقف صنعاء عملياتها التي تستهدف كيان الاحتلال الإسرائيلي، ما عدا ذلك لن تتراجع صنعاء عن موقفها المُعلن والثابت".
وأضاف في حديثه لـ"سبوتنيك": "كل ما يُطرح حول حركة أنصار الله وأنها ذراع إيران كما يطلق على بعض محاور المقاومة، أعتقد أن هذه المسألة غير صحيحة، مسألة الأجنحة غير صحيحة، بل هي تحالفات في الساحتين العربية والإقليمية".
وأردف: "فلا يُعقل أن يكون هناك التحالف الأمريكي الإسرائيلي البريطاني الألماني الفرنسي، ولا يوجد أي تحالف عربي إسلامي للوقوف مع الفلسطينيين وما يُرتكب بحقهم أصحاب الأرض والمكان".
وتابع الحاج: "أعتقد اليوم تحالف صنعاء وإيران هي تحالفات من المفترض أن تسري على جميع العواصم العربية والإسلامية، لأن المشهد اليوم على ما يبدو أنه أكثر شراسة خاصة ما شاهدناه في الحرب الإسرائيلية الإيرانية، وكيف أصبحت إيران وحيدة حتى في محيطها الإسلامي،هذه الحالة بالتأكيد ستعكس حالة صعبة في المستقبل القريب".
قدرات صنعاء
وحول قدرات "أنصار الله" على الصمود في المرحلة المقبلة، قال الحاج: "مسألة قوة أنصار الله في المعترك العسكري، أنهم يمتلكون عقلية في مسألة إدارة باب المندب والبحر الأحمر والعربي،علاوة على استهداف إسرائيل وأيضا هددوا بضرب المصالح الأمريكية في المنطقة أو في البحر إذا ما تدخلت مع إسرائيل، اليوم صنعاء قادرة أن تقول كلمتها وأن تغلق باب المندب كخيار صعب على المنطقة وعلى الملاحة البحرية والدولية والكل سيتضرر، لذلك لا مناص من سرعة التوصل لإيقاف الحرب الإجرامية".
يأتي ذلك في سياق استهداف جماعة "أنصار الله"، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، سفنا مرتبطة بإسرائيل أو الولايات المتحدة في البحر الأحمر باستخدام الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة.
وفي وقت سابق، أعلنت إسرائيل اعتراضها صواريخ طويلة المدى وطائرات مسيرة أطلقت من اليمن، كانت تستهدف مدينة إيلات ومناطق أخرى في الجنوب.
وتعتمد إسرائيل في دفاعها الجوي على نظام "حيتس" لاعتراض الصواريخ البالستية بعيدة المدى، ونظام "القبة الحديدية" للصواريخ قصيرة المدى، و"مقلاع داوود" للمدى المتوسط.
وشهدت منطقة إيلات، جنوبي إسرائيل، خلال الأشهر الأخيرة، تكراراً للهجمات الصاروخية اليمنية، مما أدى إلى تعزيز الجيش الإسرائيلي لبطاريات الدفاع الجوي في المنطقة.
وكان عبد الملك الحوثي، زعيم جماعة "أنصار الله" اليمنية، قد أكد استمرار الجماعة في "دعم المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة"، مشيرًا إلى أنه منذ مارس/ آذار الماضي، تم إطلاق أكثر من 300 صاروخ وطائرة مسيرة على إسرائيل.
جاء ذلك في خطاب يوم الخميس الماضي، نقلته قناة "المسيرة" التابعة للجماعة، أعلن فيه استمرار إغلاق البحر الأحمر في وجه الملاحة الإسرائيلية بشكل تام بصورة أدت إلى تعطل ميناء إيلات.
وقال الحوثي: "فيما يتعلق بالإسناد من يمن الإيمان والحكمة والجهاد خلال الشهر الماضي، فإنه تم إطلاق 25 صاروخا بالستيا وفرط صوتي وطائرة مسيرة على إسرائيل".
كما دعا الحوثي جموع اليمنيين إلى الخروج في تظاهرات مليونية في ميدان "السبعين" في العاصمة صنعاء، وعموم ساحات اليمن نصرة للشعب الفلسطيني.