هذه الأزمة مرشحة لتفاقم الضغوط التضخمية نتيجة اتساع عجز الموازنات العامة، ما يرفع من توقعات التضخم ويدفع باتجاه تثبيت أو رفع أسعار الفائدة، وهو ما ينعكس سلبًا على دول الجنوب، التي تعاني من صعوبة الوصول إلى تمويل ميسّر ومستدام.
المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية محمود محيي الدين، أكد على أن "ارتفاع أسعار الفائدة العالمية يضاعف أعباء خدمة الديون على الدول النامية، خاصة وأن جزءا كبيرا من الديون الجديدة في تلك البلدان لا يُستخدم لتمويل مشروعات إنتاجية أو استهلاكية، بل يُوجَّه لإعادة تمويل ديون سابقة".
وذكر أن "معالجة الأزمة تتطلب جهدًا مزدوجًا، يبدأ من الداخل من خلال تعزيز القدرات المالية الوطنية، وتنسيق السياسات النقدية والمالية، وتطوير مؤسسات إدارة الدين، وتوسيع دور القطاع الخاص في التمويل، وتقليل الاعتماد على الدولة، وتعميق دور الأسواق المالية المحلية".
عن هذا الموضوع، قال الخبير الاقتصادي بلال شعيب، إن "الديون العالمية أصبحت خطرا يواجه العالم كله، وبنهاية عام 2024، وصلت لأكثر من 316 تريليون دولار".
وأوضح أنه "في آخر 5 سنوات اضطر عدد كبير من البنوك المركزية حول العالم إلى التحول إلى سياسة التشديد النقدي لكبح جماح التضخم، والتي كانت مؤشراته مرتفعة بشكل مبالغ فيه، وبالتالي ارتفعت أسعار الفائدة، مما أدى إلى ارتفاع كلفة التمويل، الذي أدى بدوره إلى رفع نسبة الديون العالمية إلى مستويات غير مسبوقة".
في السياق ذاته، أفاد مدير البحوث الاقتصادية في "المركز العالمي للدراسات التنموية"، صادق الركابي، بأن "العجز المالي السنوي يقترب من 4 تريليون دولار في الدول النامية، وهو يتراكم مع زيادة فوائد الديون".
وأشار إلى أن "المشكلة لا تطال الدول فقط بل الشركات أيضا، مما ينذر بأزمة مالية عالمية حال لم تتمكن الشركات من السداد، الأمر الذي يؤثر على الاقتصاد وبعض العملات".
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، أن "أزمة الديون مشكلة مرشحة للازدياد والظهور في المرحلة المقبلة، خاصة وأن العالم مرّ بعدد من الأزمات أدت إلى رفع الفائدة الذي يعد حملا على الدول".
وأوضح أن "ارتفاع الدين العام يعرقل التنمية الاقتصادية، لأنها تذهب لتغطية خدمة الدين العام"، لافتًا إلى أن "فائدة السوق عرضة للتغيرات في ظل التوترات التي تحدث، ولكن من وجهة نظر قانونية، فإن الحكومات هي التي تقرّ الاقتراض لذلك هي المسؤولة عن وصول معدلات الدين لهذه الأرقام".