وأدانت حكومة الوحدة الوطنية ووزارة الداخلية بشدة هذا العمل، مؤكدة التزامها بتأمين العاصمة طرابلس، وتعهدت بتوفير الحماية الكاملة للبعثات الدبلوماسية والمقار الدولية.
قال المحلل السياسي جمال شلوف، إن "الهجوم الذي استهدف مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لم يكن حادثًا عرضيًا، بل عملية مدروسة جاءت مباشرة بعد انتهاء إحاطة المبعوثة الأممية هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن".
وأضاف شلوف أن "بعثة الأمم المتحدة تعتمد في تأمينها الداخلي على وحدة أمنية خاصة مكونة من عناصر نيبالية، في حين تبقى حماية محيطها الخارجي مسؤولية السلطات الليبية، غير أن الخروقات الأمنية المتكررة تجعل العاصمة طرابلس غير آمنة بالكامل".
وأشار شلوف إلى أن "الرسالة من وراء هذا الاعتداء واضحة، إذ تقف خلفها أطراف سياسية تضررت من إحاطة تيتيه، ولا سيما فيما يتعلق بطرحها مسألة تشكيل حكومة جديدة خلال الشهرين القادمين".
ولفت شلوف إلى أن "الهدف الأساسي من الهجوم يتمثل في دفع البعثة الأممية إلى مغادرة طرابلس، نظرًا لما تقوم به من لقاءات شبه يومية مع وفود محلية ودولية، كثير منها يطالب بتغيير الحكومة القائمة، وبالتالي، فإن إبعاد البعثة عن طرابلس يعني وقف الزخم السياسي المتعلق بهذا الاتجاه، وتعقيد عملها الذي يقوم على التعامل مع الأجسام السياسية الحالية".
كما شدد على أن "الهجوم يضع المبعوثة الأممية أمام تحد كبير، خاصة بعدما أعلنت أنها ستتخذ إجراءات ضد المعرقلين للعملية السياسية".
وقال: "اليوم بات عليها (المبعوثة الأممية إلى ليبيا) أن تثبت جديتها في مواجهة من بدأ مبكرًا بوضع العراقيل أمام خطتها، وأن ترد عمليا على هذا التصعيد الأمني الذي يستهدف تقويض مساعيها".
وأضاف: "الرسالة التي يراد إيصالها واضحة، البعثة الأممية غير مرغوب فيها في طرابلس، ويُراد لها أن تغادر الآن".
من جانبه، قال الأكاديمي الليبي راقي المسماري، إن "استهداف مقر البعثة الأممية في جنزور بقاذف صاروخي، والذي أصاب أحد المنازل المحاذية للبعثة، يعكس استمرار حالة الانفلات الأمني وانتشار السلاح خارج شرعية مؤسسات الدولة الرسمية في طرابلس".
وأضاف المسماري في تصريحات لـ"سبوتينك"، أن "هذا الأمر ليس جديدا، فالكل يدرك حجم الفوضى الأمنية، التي تعيشها العاصمة منذ سنوات".
وبخصوص الصاروخ الذي وُجّه نحو مقر البعثة الأممية، اعتبر المسماري أن "ذلك، بغض النظر عن الجهة التي أطلقته، يعبّر عن رفض أطراف نافذة في طرابلس لإحاطة المبعوثة الأممية وما تضمنته من خارطة طريق جديدة، ورغبتها في إبقاء الوضع كما هو عليه"، كما ربط الهجوم بـ"الاعتراض على تصريحات تيتيه عقب إحاطتها، بشأن الانطلاق في المسار السياسي الجديد وإسقاط حكومة الوحدة الوطنية تمهيدًا لتشكيل حكومة بديلة".
وأضاف المسماري أن "الجهة المسؤولة عن الاستهداف يُرجّح أنها جهة موالية لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، في محاولة لإيصال رسالة مفادها أن أي شروع في تغيير الحكومة سيُواجَه بالتصعيد، بدءًا من استهداف البعثة الأممية، وصولًا إلى إشعال حرب جديدة في طرابلس".
وأشار إلى أن "حكومة الوحدة الوطنية تسعى من خلال ذلك إلى تبرير أي مواجهة مع التشكيلات المسلحة تحت ذريعة "إنفاذ القانون"، بما يسمح لها بإعادة ترتيب المشهد الأمني في العاصمة وإغلاق ملف المجموعات المسلحة، وهو ما يتم الترويج له عبر وسائل الإعلام التابعة لها".