وتستغل الحواسيب الكمية الخصائص الغريبة للـ"بتات" الكمية أو الـ"كيوبتات" (Quantum Bits QuBit)، التي يمكنها التواجد في حالات متعددة في آن واحد، ما يمكّنها من إجراء عمليات حسابية معقدة تتجاوز قدرة الحواسيب التقليدية.
وتعد الأيونات المحاصرة من بين تقنيات الـ"كيوبت" الرائدة، وهي ذرات مشحونة محصورة ومُدارة عبر مجالات كهرومغناطيسية داخل هياكل تسمى مصائد الأيونات، وتعتبرهذه المصائد ضرورية لعزل الأيونات والتحكم في حالاتها الكمومية، إلا أن أساليب التصنيع التقليدية غالبا ما تعاني من التعقيد والتكاليف المرتفعة وضعف قابلية التوسع، بجسب ما ورد عن الدراسة في صحيفة "نيوز ساينتيست".
وتظهر مصائد الأيونات المطبوعة ثلاثية الأبعاد "3 دي"، والمطوّرة حديثا، تحسينات ملحوظة في كفاءة التقاط الأيونات، حيث تحقق أداء يفوق أداء المصائد التقليدية بعشرة أضعاف، بالإضافة إلى ذلك، تقلل هذه المصائد من التأخير بين تنشيط المصائد والاستعداد للتشغيل، ما قد يسرّع بشكل كبير من عمليات الحوسبة الكمومية.
وتتيح القدرة على إنتاج هذه الهياكل المعقدة بسرعة إمكانيات مهمة لتخصيص تصاميم المصائد، ما يسمح للباحثين بتجربة تكوينات لم تكن متاحة سابقا بسبب قيود التصنيع.
وتبسّط مرونة الطباعة ثلاثية الأبعاد إنتاج مصائد أيونات فردية، وتسهّل أيضا دمج مصائد متعددة في مصفوفات أكبر، وهي خطوة أساسية لبناء حواسيب كمومية بآلاف أو ملايين الكيوبتات، حيث تعالج هذه القفزة التكنولوجية أحد أكبر التحديات في الحوسبة الكمومية وهي "توسيع نطاق الآلات مع الحفاظ على الدقة والموثوقية".
ومن منظور مستقبلي، يهدف فريق البحث الذي عمل على الابتكار إلى دمج عناصر بصرية، مثل الليزر المصغر، مباشرة في المكونات المطبوعة ثلاثية الأبعاد، ما قد يحسن التحكم في الأنظمة الكمومية وقياسها، وإلى جانب الحوسبة الكمومية، قد تحفز هذه التطورات أيضا ابتكارات في مجالات ذات صلة، مثل مطياف الكتلة، مع مصائد أيونية مدمجة معاد تصميمها تحسن أدوات التحليل الكيميائي.
ورغم أن هذا الاندماج بين الطباعة ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا الكم لا يزال في مراحله الأولى، إلا أنه يبشر بتحول واعد نحو حواسيب كمومية عملية واسعة النطاق، قادرة على حل مشكلات في اكتشاف الأدوية، وتحسين اللوجستيات ومحاكاة فيزياء الكم ذاتها.
ومع تسارع سباق بناء آلات الكم المستقبلية، قد تكون الطباعة ثلاثية الأبعاد هي المحفّز الذي يحوّل الإمكانات الهائلة للحوسبة الكمومية إلى واقع ملموس.