علماء روس يكتشفون سر الطقوس النارية لدى السكيثيين والسارماتيين

درس باحثون من الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية، مزارات قديمة لقبائل السكيثيين والسارماتيين، وطقوس النار والقرابين المرتبطة بها. ووفقًا لبياناتهم، كانت هذه المزارات مخصصة لأسلاف متوفين وآلهة الحرب، وكانت تُقدم فيها أيضًا قرابين بشرية.
Sputnik
لأول مرة، قام علماء من الجامعة الروسية الحكومية للعلوم الإنسانية بتحليل وتلخيص المعلومات المتعلقة بمزارات السهوب للسكيثيين والسارماتيين، التي أنشئت من القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الرابع الميلادي.

وقال أستاذ قسم التاريخ ونظرية الثقافة في جامعة الدولة الروسية للعلوم الإنسانية، سيرغي ياتسينكو: "إن المزارات عادة ما تكون عبارة عن تلال دفن مستديرة الشكل محاطة بأسوار ترابية وخنادق، وتوجد في المنطقة الممتدة من جبال الأورال الجنوبية إلى نهر دنيبر".

مجتمع
علماء روس في الـ"أنثروبولوجيا" يكتشفون مقابر لـ"عبادة الماشية" يعود تاريخها إلى 6000 عام في السودان
وأضاف ياتسينكو: "كقاعدة عامة، يدرس علماء الآثار تلال الدفن، أي قبور "السكيثيين" و"السارماتيين"، ولكن ليس مواقعهم ومزاراتهم. لكن القبور لا تقدم سوى معلومات محدودة عن حياة الناس. وللأسف، يصعب العثور على المزارات، فمعظمها يقع على بعد متر أو اثنين أو ثلاثة من تلال الدفن في مقبرة، وغالبًا ما يُخلط بينها وبين تلال الدفن العادية المنهوبة".
وأوضح: "أظهرت الدراسة أن مزارات السهوب، كانت تزورها مجموعات صغيرة من الناس، ربما كانت مجتمعات قريبة أو متجاورة من السكيثيين والسارماتيين. وفي معظم الحالات، كانت هذه المزارات مخصصة لعبادة الأسلاف المتوفين".

وأردف ياتسينكو: "هناك أيضًا مزارات مخصصة لإله الحرب، وهو أمر شائع لدى القبائل، وعلى سبيل المثال، عُثر على تمثال برونزي صغير لراكب على ثور في مزارة قرب مدينة كورغانينسك، في إقليم كراسنودار".

مجتمع
علماء روس يكتشفون مقابر غامضة عمرها 5000 عام في السودان
وأشار ياتسينكو إلى أنه "توجد صورة مماثلة في ملحمة "نارت آلان-أوسيتيا"، التي كانت تُنسب سابقًا إلى باتراز، "إله الحرب"، كما عثر في المزارات السارماتية في وديان جبال الأورال الجنوبية،على أسلحة "سيوف"، كانت تُصلى إليها أحيانًا، وتُقدم أحيانًا كهدايا. وهذا يُشير أيضًا إلى تفانيهم لإله الحرب".
وبيّن ياتسينكو، أن المزارات عادة ماتكون بارزة جدًا في المنطقة حيث توجد على قمم التلال، عند منعطف نهر. لها سور مقدس يُفترض أنه يفصل بين العالم الإلهي أوعالم الموتى، وإن كانت مقبرة. كما يوجد سور ترابي، وخندق، وهيكل داخلي "مذبح"، وعادةً ما يكون كومة من الحجارة أو حجرًا ضخمًا واحدًا توضع عليه قرابين متنوعة.
بالإضافة إلى أن الأضرحة كانت مستديرة، وأحيانًا كانت ضخمة جدًا، حيث يصل قطرها إلى 300 متر، مشيرا إلى أنه بحسب العلماء، فإن بعض المزارات كانت تحتوي على حفرة مركزية لطقوس النار، حيث كان يتم إشعال نار قوية بشكل متكرر، وفي منطقة السهوب لم يكن من السهل دائمًا العثور على الكثير من الحطب.
مجتمع
60 عاما... والبعثة الروسية تمد أطواق النجاة لـ"كنوز النوبة"
وأوضح ياتسينكو، أن "القبائل اعتبرت النار عنصرًا مقدسًا يُولّد أشياء كثيرة ويدمر كل ما هو ضار وغير ضروري. علاوة على ذلك، كانت النار تُمنح من السماء، وتُعتبر جزءًا من الشمس وغيرها من الأمور المقدسة. وقد وُجد تقليد مماثل لإشعال النيران المقدسة بين الشعوب القديمة الناطقة باللغة الفارسية، ولا يزال محفوظًا حتى يومنا هذا بين "البارسيين"، عبدة النار الذين فروا من إيران إلى الهند. لذا، فإن هذه الطقوس معروفة جيدًا لدينا".
وكانت القبائل في أغلب الأحيان تضحي للآلهة بأجزاء من جثث الحيوانات الخيول والأغنام بالإضافة إلى أطباق مصنوعة من الطين والبرونز والخشب، وأحزمة الخيول والأسلحة. وتُعثر أحيانًا في المزارات على جماجم آثار قرابين بشرية.

وتابع ياتسينكو: "تعتقد القبائل أن قوة حياة الإنسان تكمن في رأسه، لذا كان لديهم دائمًا موقف خاص تجاه الجماجم. على سبيل المثال، إذا نهبوا قبر شخص معاصر بعد الجنازة بفترة وجيزة، كانوا غالبًا ما يحاولون فصل الجمجمة عن العظام الأخرى حتى لا ينتقم المتوفى بعد الموت. يمكن أن تكون الجمجمة تضحية منفصلة، حيث يصنعون منها أكوابًا ويشربون منها للحصول على قوة إضافية".

مجتمع
بحثا عن الآثار... نتائج عظيمة لبعثة العلماء الروس في السودان.. فيديو وصور
وأشار ياتسينكو إلى أن علماء الآثار يعثرون أحيانا في المزارات على أجزاء مُتضررة عمدًا من أدوات التضحية، على ما يبدو لدخولها عالم الأرواح والموتى، ففي أحد تلال الدفن، كُسرت أطباق ومرآة ونُثرت، وفي تل آخر، كُسرت أرجل جميع الجرار مسبقًا.
وستواصل الملاذات المماثلة المنتشرة في المنطقة الممتدة من جبال "الأورال" الجنوبية وهضبة "أوستيورت" إلى الضفة اليمنى لنهر "دنيبر" توفير مواد مثيرة للاهتمام للبحث الأثري في المستقبل.
مناقشة