يحذر هذا التقرير من تهديدات خطيرة تواجه الاقتصاد العالمي، مع تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 في المئة على المنتجات الصينية، مما يعيد شبح صدمة تجارية عالمية مشابهة لثلاثينيات القرن الماضي.
ورغم صمود الاقتصاد الأمريكي حتى الآن، مدعوما بطفرة الذكاء الاصطناعي واستثمارات مراكز البيانات، إلا أن الخبراء يتوقعون تباطؤا حادا في النمو العالمي إلى 2.9 في المئة بحلول 2026، مع تباطؤ التجارة العالمية إلى 0.5 في المئة فقط.
في هذا السياق، قال رئيس أبحاث السوق في شركة "اوه دبليو ماركتس" عاصم منصور: إن التعريفات الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة مؤخرا كان لها أثر سلبي واضح على الاقتصاد العالمي، لا سيما الاقتصاد الأمريكي، حيث تسببت في موجة من ارتفاع الأسعار وتكلفة الإنتاج، وهو ما انعكس في مؤشرات أسعار المنتجين.
وأضاف منصور في حديثه لراديو "سبوتنيك"، أن حالة عدم اليقين الناتجة عن هذه السياسات غير المستدامة دفعت رؤوس الأموال إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب والسندات، إلا أن تراجع قيمة الدولار الأمريكي مؤخرا زاد من جاذبية الذهب على حساب السندات، في ظل مخاوف من استمرار عزوف المستثمرين عن أسواق الأسهم.
وأشار إلى أن موجة الارتفاعات التي شهدتها أسهم شركات الذكاء الاصطناعي أعادت إلى الأذهان فقاعة "الدوت كوم" في مطلع الألفينات، حيث تتجه الاستثمارات نحو تقييمات مرتفعة تعتمد على أرباح مستقبلية غير مؤكدة، وهو ما يثير القلق بشأن احتمالية حدوث تصحيح عنيف في السوق خلال السنوات المقبلة، خاصة إذا استمرت الشركات في الإنفاق دون تحقيق عوائد ملموسة.
وعن المشهد الاقتصادي العالمي، أشار منصور إلى أن أوروبا تشهد تباطؤا في النمو وتراجعا في القدرة الشرائية، بينما تعاني بريطانيا من ارتفاع معدلات البطالة وضعف التوظيف، في حين تواجه فرنسا عجزا ماليا غير مسبوق.
أما الأسواق الناشئة، فتعاني من تراجع أسعار النفط، ما يضغط على إيراداتها ويحد من قدرتها على الإنفاق.
في نفس السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشيد ساري، إن الاقتصاد العالمي يعيش اليوم حالة من التوتر الشديد تعيد إلى الأذهان أزمة الثلاثينات، مشيرا إلى أن هناك ثلاث عوامل رئيسية تؤجج هذه الأزمة هي تصاعد الديون وتصاعد الرسوم الجمركية وتضخم قطاع الذكاء الاصطناعي.
وأوضح ساري أن التهديدات الأخيرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 في المئة على الواردات الصينية تمثل تصعيدا خطيرا في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، خاصة في ظل اتجاه الصين لتقييد تصدير المعادن النادرة مثل الليثيوم والكوبالت، وهي عناصر أساسية في صناعة التكنولوجيا والبطاريات والرقائق الإلكترونية.
وقال رشيد ساري: إن "الصين لم تصل إلى مكانتها الصناعية والتكنولوجية الحالية من فراغ، بل بفضل امتلاكها لموارد استراتيجية وكفاءات عالية، مما يجعل أي قيود على صادراتها تهديدا مباشرا لسلاسل الإنتاج العالمية".
وأشار إلى أن العائدات المتوقعة من الرسوم الجمركية الأمريكية قد تصل إلى 600 مليار دولار، إلا أن الكلفة الاقتصادية على العالم ستكون أكبر بكثير، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد.
وشدد ساري على أن معدلات التضخم سترتفع بشكل شامل، ولن تقتصر على المنتجات الصينية فقط، بل ستطال كافة السلع الصناعية، مما سيؤثر على المستهلك الأمريكي والعالمي.
واستشهد بانخفاض معدل النمو العالمي من 3 في المئة إلى 2.7 في المئة بعد فرض رسوم جمركية سابقة، مؤكدا أن التأثيرات تمتد إلى دول مثل المكسيك وكندا وألمانيا، التي تعتمد على التصدير إلى السوق الأمريكية.