هذه المرة لا ينعقد المؤتمر داخل قاعات مغلقة بعيدة عن الواقع، بل وسط غابات كانت تُلقب سابقاً بـ”رئة الأرض”، قبل أن تنهشها حرائق الجفاف وشراهة البشر لاستغلال الموارد.
البرازيل، الدولة التي لطالما وُضعت تحت المجهر بسبب ارتفاع معدلات إزالة الغابات، تستضيف اليوم مؤتمراً يعتبره الخبراء من أعقد مفاوضات المناخ في التاريخ الحديث. فالعالم يقف على حافة نقطة التحول، وحرارة الأرض تتجه لتجاوز مستوى 1,5 درجة مئوية، وهو الحد الذي حذر العلماء من أنّ تجاوزه سيقود إلى تغيرات لا عودة عنها.
في هذا السياق، قال رئيس مؤسسة "واي إل اي" وخبير التغيرات المناخية أحمد فتحي إن استضافة البرازيل لقمة المناخ في منطقة الأمازون جاءت تتويجا لتعهدات سابقة منذ قمة المناخ في غلاسكو، مرورا بمشاركة الرئيس البرازيلي في قمة شرم الشيخ، حيث أعلن حينها نية بلاده استضافة القمة المقبلة، في إشارة رمزية إلى أهمية الأمازون باعتبارها "رئة الكوكب".
وأكد فتحي أن غياب الولايات المتحدة الأمريكية عن القمة، وانسحابها سابقا من اتفاقية باريس، يمثل خللا كبيرا في التوازن الدولي بشأن العمل المناخي، خاصة في ظل تردد بعض الدول الكبرى في تقديم تنازلات حقيقية لخفض الانبعاثات.
وأضاف أن المملكة المتحدة، رغم كونها من أكبر الملوثين تاريخيا، لم يكن لها حضور فعال في القمة، ما يعكس غياب الإرادة السياسية لدى بعض القوى الكبرى.
ورغم التحديات، أشار فتحي إلى أن القمة شهدت إطلاق مبادرات مهمة، أبرزها آلية تمويل الغابات الاستوائية، ومبادرة لخفض انبعاثات غاز الميثان، أحد أكثر الغازات تأثيرا على الغلاف الجوي.
من جانبه، قال رئيس قسم التكنولوجيا الحيوية والبيئية وخبير المناخ والبيئة د.تحسين شعلة، إن قمة المناخ المنعقدة في مدينة بيليم بمنطقة الأمازون البرازيلية تواجه تحديات تنظيمية واقتصادية ولوجيستية كبيرة، مشيرا إلى أن البرازيل، رغم أهميتها البيئية، تعاني من ضعف البنية التحتية وعدم الجاهزية الكاملة لاستضافة حدث بهذا الحجم.
وشدد شعلة على أن التحول إلى الطاقة النظيفة لم يعد خيارا تدريجيا، بل ضرورة ملحة في ظل تصاعد الكوارث المناخية وتفاقم الأضرار الاقتصادية التي طالت حتى الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وأشار إلى أن تكلفة التأخر في التحول أصبحت باهظة، ما يستدعي تسريع وتيرة التغيير.
وانتقد شعلة موقف الولايات المتحدة الأمريكية، التي تمتلك احتياطيا نفطيا ضخما، معتبرا أن هذا يشكل عائقا أمام التزامها الكامل بسياسات المناخ ومع ذلك، يرى شعلة أن هناك مؤسسات أمريكية ومجتمعية ومدنية ترفض هذه السياسات، ما قد يشكل نقطة تحول إيجابية في المستقبل، خاصة إذا استمرت الضغوط الداخلية والدولية على الإدارة الأمريكية.