راديو

إسرائيل تبدأ بناء جدار على الحدود الأردنية.. ما تداعياته على حل الدولتين؟

في خطوة جديدة تحمل أبعادا أمنية وسياسية وجغرافية حساسة، أعلنت إسرائيل رسميا البدء في بناء أول مقطعين من جدار حدودي على طول الحدود مع الأردن، بطول يقارب 80 كيلومترا.
Sputnik
يمتد الجدار عبر مناطق الغور ومرج بن عامر، كجزء من مشروع ضخم يتجاوز 5.5 مليار شيكل، ويشمل منظومة متعددة الطبقات من الرادارات والكاميرات وأجهزة الاستشعار، تبدأ من هضبة الجولان المحتلة وصولا إلى شمال مدينة إيلات.
هذا المشروع، الذي تصفه وزارة الأمن الإسرائيلية بأنه "مهمة مركزية لأمن إسرائيل"، لا يقف عند حدود الأمن التقليدي، بل يتجاوز ذلك ليكرس واقعا سياسيا جديدا في غور الأردن.
حيث أعلن وزير الأمن يسرائيل كاتس أن الجدار سيُستخدم لتأمين عمليات الاستيطان، بل وأمر بإقامة مستوطنات جديدة على طوله، في محاولة لترسيخ السيطرة الإسرائيلية على المنطقة وتعزيز الاستيطان كعنصر استراتيجي في الأمن القومي.
في هذا السياق، قال المحلل السياسي الفلسطيني حسن لافي إن إسرائيل، بعد عملية السابع من أكتوبر، باتت تستشعر وجود خلل في منظومتها الدفاعية، خاصة على الحدود الأردنية التي تُعد الأطول جغرافيا.
وأوضح أن تل أبيب دفعت بفرقة عسكرية كاملة كخط احتياط جديد لحماية الحدود، مشيرا إلى أنها لا تبني مجرد جدار، بل منظومة دفاعية متكاملة تشمل تجهيزات عسكرية وأمنية على طول الحدود.
وأضاف لافي أن هذا المشروع يعني تكريس الوجود الإسرائيلي في وادي عربة ونهر الأردن، ولا سيما في مناطق عام 1967 مثل أريحا والأغوار الشمالية والوسطى، حيث يُستخدم البعد الأمني كذريعة لفرض استيطان أمني وعسكري، يفتح الباب لاحقا أمام الاستيطان الأيديولوجي، معتبرا أن ذلك يقتل عمليا آخر فرص إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران(يونيو).
من جانبه، قال رئيس الأركان الأردني السابق، الفريق قاصد محمود، إن إعلان إسرائيل البدء في بناء جدار على طول الحدود مع الأردن يعكس العقلية الأمنية الجدارية التي تهيمن على التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي منذ سنوات، مشيرا إلى أن هذه الثقافة تقوم على شعور دائم بالخطر والانعزال.
وأوضح محمود أن إسرائيل اعتمدت منذ مطلع الألفية سياسة بناء الجدران، بدءا من الجدار العازل في الضفة الغربية، وصولا إلى تحصين معظم حدودها، معتبرا أن المشروع الجديد على الحدود الشرقية مع الأردن هو امتداد طبيعي لهذه الفلسفة العسكرية والأمنية، مضيفا أن أحداث السنوات الأخيرة، شكلت عاملا محفزا لتسريع هذه المشاريع، لكن أصل الفكرة متجذر في الاستراتيجية الإسرائيلية التي ترى أمنها في العزلة لا في السلام.
وأكد محمود أن إسرائيل تدعي أن الهدف من الجدار هو منع التسلل والتهريب والاختراق الأمني، إلا أن هذه المبررات غير كافية لتبرير مشروع بهذا الحجم والتكلفة، مشددا على أن الهدف الحقيقي يتمثل في تكريس الضم والتهويد في الضفة الغربية، خصوصا في المنطقة "ج"، وعزلها عن محيطها الجغرافي.
وأشار محمود إلى أن بناء الجدار يندرج ضمن سياسة الضغط على السكان الفلسطينيين لدفعهم نحو التجمعات الكبرى، ما قد يمهد لمزيد من التضييق وربما التهجير القسري أو الاختياري بفعل الواقع الصعب، معتبرا أن هذه الخطوة إعلان واضح بأن إسرائيل غير معنية بمعاهدة السلام مع محيطها العربي، وأنها ماضية في إجراءات أحادية الجانب تهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض.
مناقشة