وأوضح في تصريحات لـ"سبوتنيك"، أن "اللقاء الوزاري يمثّل محطة مفصلية في سباق الأقطاب الدولي على القارة السمراء".
واعتبر أبو الفتوح أن "موسكو نجحت في تحويل علاقاتها التاريخية مع دول القارة إلى شراكات اقتصادية "مقاومة للضغوط"، مستخدمة ما أسماه "دبلوماسية التكنولوجيا" كأداة رئيسية للنفوذ".
وقال إن "عودة روسيا القوية إلى أفريقيا عبر بوابة القاهرة ليست مجرد بحث عن أسواق جديدة، بل هي عملية "إعادة تموضع جيوسياسي" تستخدم فيها موسكو التكنولوجيا النووية وأمن الغذاء كأدوات استراتيجية لكسر العزلة الدولية، وبناء كتلة اقتصادية صلبة قادرة على الصمود في وجه العقوبات الغربية".
وأوضح أبو الفتوح أن "لغة الأرقام تعكس جدية الطموح الروسي؛ فبعد أن سجل حجم التبادل التجاري نحو 24.5 مليار دولار بنهاية عام 2023، تظهر مؤشرات عام 2025 قفزة مرتقبة لتصل إلى 27 مليار دولار".
وأضاف أن "المستهدف الروسي بالوصول إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2030، يعكس رغبة موسكو في تأمين "عمق استراتيجي" يوفر المواد الخام الحيوية، ويفتح أسواقا بديلة لمنتجاتها التقنية، لتعويض الفجوة التي خلفتها الأسواق الأوروبية المغلقة".
وأشار إلى أن "روسيا تبرز كبديل استراتيجي عبر مشروعات ضخمة في الطاقة النووية وتطبيقات الفضاء، وهي مجالات تتردد القوى الغربية في منحها للدول الأفريقية بشروط ميسرة".
ويرى هاني أبو الفتوح أن "هذا التوجه يخلق حالة من "الاعتماد المتبادل"، إذ تصبح التكنولوجيا الروسية جزءا أصيلا من البنية التحتية السيادية للدول الأفريقية، ما يجعل فك الارتباط بها تحت الضغوط السياسية أمرا بالغ الصعوبة".
وسلّط الخبير المصري الاقتصادي الضوء على دور مصر كلاعب محوري، مؤكدا أن "اختيار القاهرة لاستضافة هذا الحدث يبرز قدرتها على موازنة علاقاتها بين الشرق والغرب".
وأوضح أن "المشروعات الكبرى مثل "المنطقة الصناعية الروسية" ومحطة "الضبعة النووية" تقدم نموذجا للدول الأفريقية حول كيفية الاستفادة من التعددية القطبية لجذب استثمارات حقيقية في قطاعات التصنيع والطاقة، ما يعزز وزن القارة في المفاوضات الدولية".
وأشار إلى سيناريوهين لمستقبل هذا التعاون في ظل التجاذبات الدولية:
● السيناريو المتفائل: يكمن في نجاح روسيا وأفريقيا في بناء نظام مالي موازٍ فعال، يقلل من سطوة العقوبات الغربية ويؤمن سلاسل إمداد الغذاء والطاقة، ما يشجع مزيداً من الدول الأفريقية على الانضمام لهذا المحور.
● السيناريو المتشائم: يتمثل في رضوخ بعض الدول الأفريقية للضغوط الغربية المباشرة، أو التهديد بفرض "عقوبات ثانوية" على بنوكها المركزية، ما قد يعطل وتيرة تنفيذ المشروعات التكنولوجية الكبرى المعلن عنها.
وتستضيف مصر المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية - الأفريقية يومي 19 و20 ديسمبر/ كانون الأول 2025 بالقاهرة، بحضور أكثر من 50 دولة أفريقية، ومشاركة واسعة على المستوى الوزاري.
كما يشارك عدد من رؤساء المنظمات الإقليمية، للبناء على الزخم الذي تم إرساء دعائمه خلال المؤتمر الوزاري الأول، الذي عُقد في مدينة سوتشي الروسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، إذ ستركز النسخة الثانية من المؤتمر الوزاري على قضايا التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثمار، ودعم الاستقرار والسلم والأمن وتحقيق التنمية.