تسبب هذا الملف في أزمة لها أبعاد أمنية وإنسانية واقتصادية وسياسية تتداخل فيها مصالح دولية مع واقع محلي يتسم بتحديات الدولة والانقسام المؤسسي.
وفي حديث خاص لوكالة " سبوتنيك " ذكر المحلل السياسي إسلام الحاجي أن ملف الهجرة غير الشرعية يعد من أعقد الملفات التي تعصف بالمشهد الليبي، حيث تتقاطع الضغوط الدولية، خاصة الأوروبية، مع الواقع الهش أمنيا واقتصاديا.
وتابع: "تحولت ليبيا من دولة عبور إلى بوابة رئيسية للهجرة غير النظامية نحو أوروبا، وذلك بسبب الانقسام السياسي، والهشاشة الأمنية والعسكرية، وضعف الدولة".
وقال الحاجي إن أوروبا تمارس الضغوط على ليبيا لضبط الحدود ومنع تدفقات المهاجرين، وهي تعلم جيدا ما آلت إليه البلاد بعد الانقسام وغياب الدولة، خصوصا أمنيا وعسكريا".
وتابع: "ما يقدم من دعم أمني لا يرقى إلى حجم المشكلة، وكأن الأزمة تختزل في إغراق المهاجرين في البحر فقط، دون الاكتراث بما يخلقه تكدس المهاجرين في ليبيا من أزمات اقتصادية وأمنية واجتماعية داخل البلد. وهذا طرح يساير الموقف الأوروبي دون أن يتم تمكين ليبيا من الأدوات السياسية والاقتصادية الحقيقية الكافية".
الهجرة غير النظامية في ليبيا بين الضغوط الدولية والواقع المحلي المعقد
© Sputnik . WAEL LAMA
وأشار الحاجي إلى أن ليبيا تعاني من أزمات سياسية حادة، وهشاشة أمنية مدمّرة، وانهيار اقتصادي خانق، وغياب السيطرة الكاملة على الحدود، وانتشار شبكات تهريب البشر، وازدياد البطالة، ما دفع الليبيين أنفسهم إلى الهجرة، فيما تواجه مراكز إيواء المهاجرين تواجه انتقادات حقوقية بسبب ضعف الإمكانيات وغياب مؤسسات رسمية فعّالة، ما يعمّق استمرار المشهد الليبي المتأزم والمعقد.
الهجرة غير النظامية في ليبيا بين الضغوط الدولية والواقع المحلي المعقد
© Sputnik . WAEL LAMA
وأكد الحاجي أن ما تمر به ليبيا ليس أزمة أمنية فقط، بل أزمة انهيار دولة، ومعالجتها تتطلب مؤسسات حقيقية فاعلة، وتنمية، وتعاونا دوليا عادلا، لا يكتفي بترحيل الأزمة إلى الداخل الليبي فليبيا عالقة بين مطرقة واقع محلي متأزم ومنهار وسندان الضغوطات الدولية".
وقال إسلام الحاجي: "أوروبا تسعى فقط الى حماية شواطئها من الهجرة غير الشرعية وتكدس الأعداد الرهيبة للمهاجرين داخل ليبيا بدون النظر إلى كون ليبيا دولة ذات سيادة ودولة يستحق شعبها أن يعيش دون مشاكل ديموغرافية وتغيير ديموغرافي".
وأردف: "ليبيا تسعى إلى إبعاد خطر الهجرة غير الشرعية عن بلدانها وشواطئها، وهو ما يعني أن المهاجرين سيجدون أنفسهم أمام مغامرة للحياة وقد تكون مغامرة للذهاب إلى الموت".
وعلى الرغم من الجهود المستمرة التي يبذلها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية لمعالجة هذا الملف، وقيام مكتب الترحيل التابع له بترحيل مئات المهاجرين من الجنسيات المختلفة عبر المنافذ البرية أو الجوية، تبقى الهجرة غير النظامية في ليبيا ملفا يتجاوز حدود الدولة الليبية وحدها، بحسب قوله، مشيرا إلى أنه طالما ظلت الفجوة قائمة بين الضغوط الدولية الرامية إلى الإغلاق وبين الواقع المحلي المثقل بالأزمات، سيستمر هذا الملف بوصفه اختبارا صعبا للسياسة والأمن والضمير الإنساني في آن واحد.