وتجولت سحر، برفقة أمها وخطيبها وأمه، بين محال الصاغة، وثياب النوم الكبيرة على "عقلها"، الذي ما زال يواجه صعوبة في استيعاب ما يدور حولها من طقوس، ويعجز عن حل معادلة كيميائية أو إيجاد إزاحة كتلة ما، لإتمام تجهيزات العرس، تزامناً بعيد المرأة العالمي الذي يتصادف حلوله اليوم.
سحر رائد، لم تكمل عامها الـ13 بعد، ترى أمها أن تزويج ابنتها يساعدها في التخلص من مسؤولية الحياة المجهولة التي يواجهونها، في حرب العراق الطاحنة لأرواح غالبية من الشباب، ضد الإرهاب.
التقت وكالة "سبوتنيك" الروسية عدداً من العراقيات المعنفات منهن، والمحاربات ضد العنف وإبادة الحقوق، في يوم المرأة العالمي المحتفى به سنوياً في الثامن من آذار/ مارس، بمختلف الطرق والسبل بين المنددة بتعنيف النساء والداعمة لهن.
الموت مصيرا
وعبرت بشرى العبيدي، من العراقيات البارزات في قضايا المرأة، عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، عن حال النساء في العراق، بوصف موجز ومقتضب "قاسية جداً معاناة النساء، لا يقل حال النازحة عن المختطفة بيد تنظيم (داعش)".
وقالت العبيدي، "العراقيات في زمن الحرملك"، هكذا جعل تنظيم (داعش) أمر النساء والفتيات الواقعات تحت أحكامه، ولا شرعيته، التي يريد منها جعل المرأة أقرب إلى الجارية، بلا عمل، بل إن خروجها من الدار لا يتم إلا برفقة محرم، ومن تُخالف… فمصيرها الموت."
وذكرت، أن لا إحصاءات دقيقة تكشف عدد العراقيات المختطفات عند تنظيم "داعش"، متداركة ً "لكن في آخر زيارة لي إلى إقليم كردستان، قابلت مسؤولين مختصين، وقفت من خلال حديثهم على واقع الأمر، أخبروني أن ما ينقل من أعداد وإحصاءات لا تتجاوز نسبة صحتها عن 70- 80%.
وتضيف العبيدي، نقلا عن المختصين في الإقليم، أن عدد النساء والفتيات المختطفات عند تنظيم "داعش"، بلغ 1597 امرأة وفتاة، وغير معلوم إن كنَّ على قيد الحياة.
فقدان الوعي
وأكدت، أن العراقيات الواقعات تحت سيطرة "داعش"، من المكونات المختلفة، كما ألمحت إحدى الناجيات "أنها رأت من بين المختطفات من تصلي صلاة المسلمين".
وأمام بشاعة الأوضاع في الأراضي التي يسيطر عليها "داعش"، ليس من المتوقع التعرف على حقيقة مصير من ذُبح ذووها أمام رعبها واقتيادها للتجارة والاعتداءات الجنسية المدمية حتى فقدان الوعي على يد "داعش"، إلا بعد مرور أربع سنوات على الأقل بعد أن تتمكن العراق من التخلص من التنظيم وتحرير المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم.
كما أنه من غير المعلوم إن كانت المختطفات يرقدن ضمن المقابر الجماعية التي حفرها تنظيم "داعش" في مناطق سيطرته، شمال وغرب العراق، ولا يُخفى على أحد أن هناك ما يقرب من 11 مقبرة حتى الآن يرقد فيها الإيزيديون والإيزيديات، المكون الذي فقد العدد الأكبر من النساء على يد التنظيم.
تحريم الجينز
أما على صعيد المجتمع العراقي، فعندما تعرضت زينة سالم (17 عاماً) للاغتصاب من ابن الجيران، زُوجت عنوة له، بعقد قرانها، في منطقة الكاظمية، بجانب الكرخ من بغداد، لتُطلق منه وتنال، في اليوم الثاني، "صفة مُطلقة"، الأقل ازدراءً في المجتمع من "حال المغتصبة"، التي غالباً ما تنحر، أو تبقر بطنها، بسبب فقدان "بكارتها" مصدر الشرف، بنظر أسرتها، دون معاملتها كـ"ضحية".
وترتعد كثيرات من النساء، خلف الجدران، مغتصبات، مهمشات، ومنتهكات الأمن لا يسمح لفئة منهن الوقوف بجانب زميل في الجامعة، بدافع العرف الاجتماعي، وفئة أخرى غير مسموح لهن ارتداء الحرية حتى في داخل البيت بفرض لباس مُعين عليهن، لاسيما الثوب المُسمى عراقياً بـ"الدشداشة"، وعار إن لبسن منهن الجينز الذي حُرم عليهن حتى في دوائر الدولة.
ومثلما لا يطبق القانون على المتحرشين في الشوارع، ومسدلي سراويلهم في وسائل النقل لإحراج أي فتاة لاسيما الصغيرات، لا يوجد أي رادع لمعنفي العراقيات في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يواجهن إرهاباً من نوع آخر متمثلاً بخداعهن واستدراجهن لعلاقات تخالف قوانين المجتمع العراقي.