مع بدء تحالف "عاصفة الحزم"، بقيادة السعودية ومشاركة تسع دول خليجية وعربية، ضرباته الجوية لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) لوقف زحف عناصرها وسيطرتها على الأراضي اليمنية وإطاحة النظام المعترف به دوليا وإقليميا.
وبينما يجتمع زعماء الدول العربية في غضون ساعات قليلة في مدينة شرم الشيخ المصرية، معلنين بدء جلسات القمة العربية التي ستنطلق صباح غد السبت، يشرع المراقبون والمحللون في ترتيب الأوراق والقضايا والأولويات، في مجمل أعمال القمة.
ويصاب المراقبون بالحيرة والدهشة أمام تنوع الأزمات العربية قديمها وجديدها، بيد أنهم يجمعون على أن الأزمة اليمينة الوليدة الجديدة باتت تحظى بالأولوية والرعاية، ما سحب البساط من أقدام الأزمات الأكبر عمرا ولاسيما تلك القضية العجوز التي قارب عمرها من الستين عاما، ولازالت تبحث عن حل.
وفي مسح سريع للأزمات العربية، يرى المراقبون أن المنطقة ظلت عامرة بالأزمات حيث تشهد 6 دول عربية اقتتالا داخليا، و3 أخرى تعاني أزمات سياسية و2 بها تغييرات، بينما هناك 8 دول تنعم بهدوء نسبي، واثنتان مستقرتان، علاوة على واحدة محتلة منذ أمد بعيد.
وتضم قائمة الدول العربية التي تشهد اقتتالاً: اليمن، وليبيا، والعراق، وسوريا، والسودان، والصومال، فيما تعاني دولة واحدة من الاحتلال هي فلسطين.
وهناك أزمات سياسية واضطرابات داخلية متفاوته الحدة تعانيها ثلاث دول؛ مصر ولبنان، وموريتانيا، فيما تشهد دولتان تغيرات سياسية أخيرة نتيجة تغيير في القيادات؛ هما السعودية، وتونس.
ورغم الأهمية القصوى التي تتمتع بها القضايا العربية كافة انتقالا من العراق إلى سوريا إلى ليبيا وغيرها من الدول المأزومة، تبقى فلسطين، قضية العرب المركزية، فهي الأقدم عمراً، والأغرب حالة لأنها الدولة المحتلة الوحيدة على مستوى العالم منذ ما يقرب من ستين عاما.
ولاشك أن القادة العرب يعتزمون التعاطي مع قضايا المنطقة العربية المطروحة جميعها على مائدة التفاوض وخلال جلسات القمة، بيد أن واقع الحال يؤكد أن الأزمة اليمنية وتطوراتها "حديثة العهد"، وهو ما حدا بكثير من المراقبين التأكيد أنها ستستأثر بالاهتمام العربي والإقليمي والدولي، مستشهدين بالتطورات الأخيرة للأزمة وتشكيل تحالف "عاصفة الحزم" لمواجهة المد الحوثي ونواياه بسط هيمنته على الأراضي اليمنية. فضلا عن صدور مشروع قرار تشكيل القوة العسكرية العربية المشتركة، الذي أقره وزراء الخارجية وسيرفع أمام القادة العرب للمصادقة عليه.
ويبدى مراقبون سعادتهم بالقرار العربي حيث شدد الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء فريد حجاج، على أن القوة العربية المشتركة التي أُعلن عنها شكلت "لحماية الأمن القومي العربي من اي محاولات للعبث به".
وبسؤاله عن إمكانية تدخل القوة العربية المشتركة في بقية الدول العربية التي تعاني الإرهاب مثل سوريا والعراق، قال الخبير العسكري في تصريح لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إنه لم يتضح بعد شكل القوة العربية المشتركة، مستبعدا فكرة دمج الجيوش العربية التي أكد أنها خطوة بحاجة إلى "عشرات السنين كي تنجز".
وقال إن المعلومات المتاحة في الوقت الراهن تكشف تشكيل القوة على "منهاج قوات التدخل السريع مدعومة بسلاح جو وبحرية".
ورغم الآمال الكبيرة التي عقدها كثيرون على القرار العربي بتشكيل قوات عربية مشتركة، فإن الخبير العسكري اللبناني البارز، العميد أمين حطيط، لم يبد تفاؤلا كبيرا في تصريح أدلى به لوكالة "سبوتنيك" الروسية، معتبرا أن "تشكيل قوة عربية مشتركة لن يحقق المرجو منه لأن القوة العربية التي أعلن عنها تمثل فريقا من الدول العربية مقابل فريق آخر يرفض فكرة تشكيلها".
ورغم التباين في وجهات النظر بين مراقبين عدة، تبقى حقيقة أن الأزمة اليمنية الأخيرة استحوذت على جل الاهتمام العربي والإقليمي والدولي وسحبت الأنظار والاهتمام من بقية أخواتها الأكبر عمرا، ولو لحين.