القاهرة – سبوتنيك – عمرو عمران
واعتبر المجلس الروسي، أن الولايات المتحدة لا تزال تتبنى نهجاً، تسعى من خلاله إلى عزل روسيا سياسياً واقتصادياً، وأنها تحاول خلق أساليب جديدة لصنع أزمات وثورات ملونة جديدة في أنحاء متعددة من العالم، وأنها تركز محاولاتها في هذا الشأن على روسيا الاتحاديىة.
في ظل تلك المعطيات، يبرز سؤال ملح: هل سيتمكن "اليانكي" من تطبيق مبتغاه، وما هي فرصه والمضي في تحقيق مبتغاه؟
ليتسنى لنا فهم ذلك، فقد توجهنا إلى رئيس قسم العلاقات الدولية في جريدة الأهرام المسائي أسامة الدليل.
يعتبرالخبير المصري، المتخصص في العلاقات الدولية، أن استراتيجية الأمن القومي الأمريكي، التي صدرت في فبراير/ شباط من هذا العام، حملت الكثير من الأوهام فيما يتعلق باستمرار الولايات المتحدة في قيادة المنظومة العالمية، مجاناً وبدون أي مقابل أو تكاليف.
ذلك يعني، من وجهة نظره، أن هناك فكراً أمريكياً لا يعترف بالحقائق على الأرض، التي هي في واقع الأمر مختلفة عما يدور في عقل الأمريكي، وأن هذه "الاستراتيجية" الواهمة عرّضت الرئيس باراك أوباما وإدارته للنقد من طرف أوساط صحفية، وبالذات أمريكية. واعتبرت تلك الأوساط، أن "أوباما وإدارته يعيشون في حالة بعيدة عن العالم الذي نراه على الأرض".
ويعتقد أسامة الدليل، أن نظرة الروس إلى العالم المحيط تختلف وبشكل كامل عن النظرة الأمريكية، التي تسعى أبداً إلى الهيمنة، مما يعني تبني مبدأ "الغطرسة" في التعامل مع الآخرين.
ويتابع أسامة الدليل لتفسير فكرته، أن هناك نظرية ثابتة، فيما يتعلق بالثورات الملونة، جوهرها، أن في أي دولة من العالم توجد ثلاثة محددات ثابتة: الأول هو السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، والثاني هو الشعب، أما الثالث فهو الجيش.
اذاً، إن أردت هدم أي دولة في العالم، من خلال خلق "ثورة ملونة" فيه، يجب كسر العلاقة بين أي محددين.
ويؤكد الخبير، أن هذا ما أطلقت عليه الولايات المتحدة الامريكية "الربيع العربي"، وها نحن اليوم نقطف "أزهار هذا الربيع" في كل البلاد ذات النظام الجمهوري في عالمنا العربي. ولكن "الثورات الملونة" أنبتت فوضى وتعقيدات، وجعلت هذه المجتمعات بلا هوية، ولم يقطف الشعب ثمار أي شيء، ذلك ما حدث في جورجيا و أوكرانيا، وما يحدث الآن في المنطقة العربية
وإن هذه الفوضى تنتج ردة فعل، وهي في الغالب العام، صعود التيارات القومية المتطرفة، ويعلم الأمريكيون ذلك علم اليقين.
وفيما يخص الأوضاع في أوكرانيا في حقيقة الأمر، يرى أسامة الدليل، أن المشكلة في ذلك البلد قومية، وأن التدخل الأمريكي يساعد على انهيار المجتمع وظهور النعرات القومية، وأن أوكرانيا لم تحصل على مبتغاها بأن تكون جزءا من أوروبا وأن يعيش شعبها "بقيم الغرب".
وبيّن أسامة الدليل، أنه لأمريكا الرغبة في تطوير تقنيات إدارة الثورات الملونة، مثل إثارة النعرات الطائفية، وهو ما يصطلح على تسميته "الهندسة الاجتماعية"، لكي يتسنى التأثير على الشعوب للوصول إلى العصيان المدني، أي أن تفعل ما لا ينبغي فعله وأن تمتنع عن ما ينبغي فعله.
الأمريكيون يراهنون على افتعال أزمات ضخمة بهدف ضرب العلاقة بين الجيش والشعب، بما في ذلك تصيد أخطاء الحكومات.
ويرى أسامة الدليل، أن الولايات المتحدة الاميريكية في سبيلها لتعديل خططها فيما يتعلق بروسيا، ويقول "فليجربوا".
ويضيف، المجتمع الروسي الذي بنى مستقبله على مبدأ إحياء الروح القومية الروسية واستعادة النفوذ العسكري والاستراتيجي، وأيضا مكافحة الهيمنة الأمريكية، وكذلك في التحرر من سيطرة الدولار الأمريكي الاعتماد أكثر في التعاملات النقدبة على العملة الوطنية (الروبل) وإنشاء منطقة "أوراسية" للتعاون في كافة المجالات.
ويقول، إن أمريكا تغير من التكتيكات في ظل فشل العولمة الغربية فشلا ذريعاً، وهو ما أدى إلى ظهور للنازية من جديد في أوروبا، وهذا هو الخطر الحقيقي.
ويعتقد أسامة الدليل، أن الولايات المتحدة تعتمد على الفاعل الدولي من دون دولة مثل: الإرهاب، الإتجار في السلاح، المخدرات وتهريب البشر. أمريكا تعتمد أيضا على الجرائم عابرة القومية، وكل ذلك يُسهم في إعادة الهندسة الاجتماعية في المجتمعات المستهدفة.
كل هذه التكتيكات من الجانب الأمريكي ينبغي أن تنبهنا إلى شيء مهم جداً وهو أنها في مأزق حقيقي الآن.
ويؤكد الخبير، أن الولايات المتحددة الأمريكية في محاولة دائمة لزعزعة الاستقرار في روسيا. هم حاولوا استثمار قضية مقتل المعارض نيمتسوف، وأرادوا أن يظهروه في صورة خالد سعيد المصري أو البوعزيزي التونسي، آملين أن الأمر قد يتطور إلى عصيان مدني أوما شابه من فوضى.
أمريكا تتخيل واهمة، أن وجودها في العالم لابد أن يخصم من حساب القوى الأخرى، وهذا الوهم الذي نلمسه في كل سطر من استراتيجية الأمن القومي الأمريكي يوضح، أن أمريكا تواجه مأزقا خطيرا في القرن الحادي والعشرين.