القاهرة- سبوتنيك- مروان عبدالعزيز
كما طرأت تبدلات في مواقف الدول المشاركة في العملية؛ فمن جانبها أعلنت باكستان رفضها التدخل البري بوصفه "قراراً مقدساً لا يمكن تجاوزه"، ومن ناحيته ذهب أردوغان، الذي أيد العاصفة في باديء الأمر، إلى طهران وصافح روحاني ومالت مواقفه إلى الفتور بعد تلك الزيارة، أما السودان فقد انشغلت بانتخابات رئاسية وبرلمانية ينافس فيها عمر البشير نفسه.
وفي الوقت نفسه بدت هناك سلسلة من التحركات العسكرية "المصرية- السعودية" المكوكية التي أخذت في البروز خلال الأسابيع الثلاثة، والتي جاءت وفق التسلسل الأتى:
- في السادس والعشرين من مارس/ آذار الماضي أصدرت القوات المسلحة المصرية بيانا تؤكد فيه مشاركتها في قوات التحالف الخليجي العربي المشتركة لعملية "عاصفة الحزم".
- في الثالث من أبريل/ نيسان الجاري غادر الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري إلى المملكة العربية السعودية للمشاركة في مؤتمر رؤساء أركان الدول العربية.
- في التاسع من أبريل/ نيسان الجاري سافر الفريق أول صدقي صبحي، وزير الدفاع المصري في زيارة خاطفة إلى السعودية، بعد زيارته إلى باكستان، وبمجرد عودته إلى القاهرة تفقد صبحي قوات التدخل السريع المحمولة جواً ذات التشكيل الخاص.
- في الرابع عشر من أبريل/ نيسان وصل الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع رئيس الديوان الملكي، إلى مصر، في أول زيارة رسمية له لمصر بعد توليه السلطة، رافقه خلالها رئيس الاستخبارات العامة السعودية، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة، ومستشار رئيس الشؤون الخاصة في مكتب وزير الدفاع. واستقبله الفريق صدقي صبحى وزير الدفاع، قبل أن يجري في نفس اليوم جلسة مباحثات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
- في ختام المباحثات التي جرت في القاهرة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الدفاع السعودي ورئيس الديوان الملكي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، تم الاتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث تنفيذ مناورة استراتيجية كبرى على أراضي المملكة العربية السعودية وبمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج.
غالبا ما تتم مثل تلك الاجتماعات العسكرية والاستراتيجية دون الافصاح عن محتواها، خصوصا في ظل الأزمة اليمنية الدائرة حاليا، التي بلغت أوجها، فهل تعكس هذه الزيارات المتبادلة والمناورات العسكرية بداية أو استعداد لتدخل بري في اليمن تحت الغطاء الجوي لـ"عاصفة الحزم"؟ وعمّا تعبر عنه كل تلك التحركات العسكرية؟ وما هي الرسائل التي تحملها؟
هذا ما حاولت "سبوتنيك" الاجابة عنه من خلال استطلاع رأى عدد من الخبراء العسكريين والمهتمين بالشأن الاستراتيجي من مصر والسعودية
نقطة تحول
فمن الرياض تحدث الخبير العسكري والاستراتيجي السعودي، إبراهيم آل مرعي، لـ"سبوتنيك" حول رؤيته لفحوى هذه التحركات "المصرية- السعودية" المتعلقة بإجراء مناورات عسكرية مشتركة والزيارات المتبادلة الأخيرة بين وزراء الدفاع والأركان، قائلاً إن التحالف الاستراتيجي المصري السعودي هو تحالف على جميع الصعد؛ سياسية وعسكرية واقتصادية، وليس وليد اللحظة. وأشار إلى أن هذه المناورات تأتي في ظل التهديدات التي تتعرض لها المنطقة العربية منذ 5 سنوات بظهور التنظيمات الإرهابية وعدم الاستقرار الذى تشهده سوريا والعراق، لكنه بلغ ذروته باندلاع الأزمة في اليمن.
وأكد الاستراتيجي السعودي أن هذه التحركات هي تحركات تؤسس لمرحلة جديدة تجعل العمل المشترك على الصعيد العسكري أكثر تنسيقا وأكثر قدرة على مواجهة أي تهديد أمني تتعرض له الدول العربية، كما أنها تأتي في إطار المقترح الذى تبتنه الجامعة العربية لإنشاء قوة عربية عسكرية مشتركة، وعملية "عاصفة الحزم" هي التي أسست لهذه القوة، وتأتي هذه المناورات في هذا السياق، معتقداً أن هناك نقطة تحول بدأت في 26 مارس 2015، ولن تنسى الدول العربية والدول المعادية والعظمى هذا التحول.. الذي يعني أن الدول العربية بدأت تدافع عن مصالحها، كما أنها ستكون قادرة على حل النزاعات وعلى مواجهة المعتدي والحفاظ على الشرعية في الدول كافة.
وقال آل مرعي إن هذه المناورات مهمة جدا في المرحلة الراهنة حتى تؤسس لمرحلة مقبلة من التنسيق والقيادة العربية الموحدة.. مبينا أنه "كلما أجريت مناورات مشتركة وتم التكثيف منها، كلما يسر ذلك من عناصر القيادة والسيطرة أثناء العمليات العسكرية الحقيقية والحربية التي يمكن أن تواجه الدول العربية في المرحلة المقبلة.
قيادة مصرية خليجية
ولفت مظلوم إلى أن اجتماع رؤساء الأركان العربية المشاركة في عملية "عاصفة الحزم" في جامعة الدول العربية خلال الفترة القادمة، إلى جانب المهلة التي منحتها جامعة الدول العربية، وهى شهر واحد لرؤساء الأركان بإعداد دراسة وكلفوا رئيس الأركان المصري بإعداد ورقة ودراسة حول القوة العربية يتم مناقشتها، هي تحركات لا يمكن التقليل من شأنها، خصوصا إثر كشفه وجود أنباء حول إنشاء قيادة عسكرية مصرية خليجية موحدة خلال الفترة القادمة.
مجازفة كبيرة
وعن التدخل البري في اليمن، قال اللواء جمال مظلوم إنه يتعين الانتظار أولاً، والنظر إلى نتائج القصف الجوي إلى جانب قرار الأمم المتحدة ضد الحوثيين ومدى امتثال الحوثيين وأنصار الرئيس السابق على عبدالله صالح لقرار مجلس الأمن، فإذا تم الامتثال ستعود الأمور إلى مجراها.. مؤكدا في الوقت ذاته أن التدخل البري في اليمن صعبا للغاية، واعتبره "مجازفة كبيرة"، خصوصا أن اليمنيين لن يقبلوا بتدخل بري على أراضيهم أو وجود مقاتلين أجانب في حربهم للتحرر من الحوثيين.
ورأى مظلوم أن أفضل حل هو إحياء القوات المسلحة اليمنية؛ سواء من بقايا القوات التي مازالت تؤيد الشرعية أو القوات التي انشقت عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلى جانب قوات اللجان الشعبية.. وهي المرحلة الحالية التي يعوِّل عليها قوات التحالف حتى تستطيع صنع نصر على الأرض، مشيرا إلى أن مسألة التدخل العسكري مرهونة بمواقف العسكريين ورؤيتهم للأوضاع الميدانية على الأرض.
الجيش اليمني
وذهب الخبير السعودي إبراهيم آل مرعي، إلى تأييد وجهة نظر مظلوم مسبتعدا حدوث تدخل بري، قائلا "لن يتم التدخل بريا في اليمن"، خصوصا أن التحالف "عاصفة الحزم" يقوم بضربات جوية في اليوم الـ21 من العمليات وإلى جانبه قوات القبائل اليمنية والجيش اليمني الموالي لهادي، إلى جانب أن هناك كثير من الألوية العسكرية التي شرعت في الانشقاق وبدأت تنحاز إلى الشرعية.. فعلى سبيل المثال اللواء (2) مشاه، واللواء (11) حرس حدود، واللواء (35) في تعز، واللواء (111) في أبين، واللواء (315) في حضرموت، إلى جانب القبائل الجنوبية و25 مليون يمني رافضين لـ"انقلاب الحوثي والمخلوع صالح"، الذي كان يراد منه السيطرة على اليمن ومقدراته.
وأشار آل مرعي إلى أن الألوية المنحازة للشرعية والقوات الخاصة والقبائل الرافضة للانقلاب، هي التي تنفذ منذ اندلاع "عاصفة الحزم" العمليات البرية، معربا عن استبعاده لفكرة وجود تدخل بري من التحالف، لكنه أكد في الوقت نفسه أن الخيارات كلها مفتوحة، وذلك لأن المخططين العسكرين في الحروب لا يستثنون أي احتمال.
خطوط الإمداد
وشدد على أن المناورات العسكرية السعودية المصرية ليست للتدخل البري في اليمن، لكنها تؤسس لمرحلة عسكرية جديدة مشتركة بين مصر والسعودية تحديدا ومصر ودول الخليج بوجه عام.
واعتقد آل مرعي أن خلال المهلة التي منحها مجلس الأمن لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ستسعى الجماعة إلى تخزين السلاح في مخازن غير معروفة، مشيراً إلى عدم وثوقه في التزام الحوثيين بقرار مجلس الأمن، مشددا على ضرورة أن تكون هناك إجراءات صارمة في متابعة الأسلحة وحركة السفن في منطقة الخليج حتى لا يتم تهريب السلاح إليهم.
وحول وجود قوات برية مصرية في اليمن، قال آل مرعي إنه لا يعتقد ان هناك قوات مصرية برية في السعودية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه لو هناك حاجة لذلك ستكون مصر من أوائل الدول التي ستشارك، مضيفا أن السفن البحرية المصرية مشاركة مع الأسطول الغربي السعودي في فرض حصار بحري على البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن لضمان قطع خطوط الإمداد على الحوثي وصالح، وهناك مشاركة فعلية من قوات الجو، ومن يقول غير ذلك لا يعرف الحقائق، ولا يعلم ماذا يدور فعلياً في التحالف على الأرض والبحر والسماء.
وأكد أنه ليس أمام صالح والحوثيين خيارات كثيرة؛ إما الإذعان لقرار مجلس الأمن، وإما استمرار العمليات العسكرية حتى يتم استئصالهم من المجتمع اليمني.
خسارة إيران
وعن تجربة مصر السابقة في حرب اليمن في الماضي، قال اللواء مظلوم إنه لا يمكن مضاهاة التجربتين أو مقارنتهما سويا، خصوصا أن مصر الآن تشارك مع أكثر من دولة في القوة العسكرية، لكنه شدد على أن أى تجربة برية لمصر فقط ستكون صعبة وتعد مجازفة كبيرة.