ورغم التطورات التكنولوجية الهائلة التي شهدتها ترسانات العالم من الأسلحة في البر والجو والفضاء، فإن الأساطيل البحرية وقطعها المتنوعة تظل تمثل منصات لقوة عابرة ومتنقلة تمخر في البحار والمحيطات لتعكس قوة الأمم وصلابتها وقدرتها على حماية مصالحها.
وينعكس ذلك الحال على "الأسطول البحري الروسي"، الذي لايزال يثير قلق العديد من بلدان الغرب، من بينها أمريكا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، اللذان يصطفان ضمن الأعداء الرئيسين لروسيا.
ولايزال الأسطول البحري الروسي، بتاريخه الممتد الذي يعود للقرن السابع عشر، حين تأسس في أكتوبر/ تشرين الأول عام 1696 بمرسوم قيصري صادرعن القيصر بطرس الأول، يتولى مهامه بكفاءة منقطعة النظير في الدفاع عن سيادة الوطن وأمنه. وأخذ الأسطول الروسي، في العقود الأخيرة، يوسع من انتشار قطعه الضاربة وسفنه وغواصاته في المحيط الهادئ وبحر الشمال والبلطيق والبحر الأسود، لردع خصوم روسيا من استخدام القوة أو التهديد باستخدامها.
وتنسحب مهام الأسطول الروسي، إلى جانب بقية فروع القوات المسلحة في الدفاع عن سيادة البلاد، لتشمل مياهها وبحارها الداخلية، ومناطقها الاقتصادية في الجرف القاري، وتأمين حرية الملاحة في عرض البحر، وضمان الأمن للملاحة الآمنة في المحيط العالمي، وضمان الوجود البحري الحربي الروسي، وعرض العلم الروسي وحفظ السلام.
مخاوف غربية
ومع تنامي منعة الأسطول الروسي وقوته تزداد مخاوف الغرب من تعاظم قوة سلاح البحرية الروسية، ومن انتشار قطعه في بحار عدة حول العالم، وهو الأمر الذي أكده العقيد السابق في سلاح البحرية الروسية، فيتشيسلاف غايلون، في تصريحات خاصة لـ"سبوتنيك" ، قائلا "إن الغرب يتخوف من زيادة قوة البحرية الروسية، وينمو هذا الخطر لديهم عن طريق تطوير وجود الأسطول الروسي في مواقع مختلفة من محيطات العالم"، مشيرا إلى أن وجود الأسطول في أي منطقة، وتمركزه فيها يظهر استعداده وقدرته على حماية الدولة ومصالحها ومصالح حلفائها بصورة دائمة.
ويكشف عقيد البحرية الروسية السابق غايلون، أن القوات البحرية الروسية تواصل زيادة مجموعاتها وقطعها الاستراتيجية في مناطق رئيسية يوجد بها قوات العدو، معتبرا أن "هذا الأمر يؤدي إلى إعادة النظر في أساليب واستراتيجيات العمل، أو بعبارة أخرى، فإن الغرب يستجيب، بطريقة أو بأخرى، إلى نشر قطع بحرية روسية، لا سيما في ضوء حقيقة أن روسيا قوة نووية".
الثالوث النووي
ويقول العسكري الروسي، في حديثه إن "الغرب يدرك جيدا مغزى وجود الغواصات النووية البحرية الروسية بصواريخ باليستية، التي تقوم بدوريات بشكل مستمر، وهذا هو العنصر الرئيسي في الثالوث النووي، الذي لا يسمح له بشن عدوان ضد روسيا الاتحادية".
ويؤكد العقيد البحري فيتشيسلاف غايلون، أن الغواصات المضادة للأسلحة النووية تعد أحد أسلحة البحرية الروسية التي تثير قلق الدول الغربية، وتشكل تهديداَ على جبهات عدة، بما في ذلك تدمير حاملات الطائرات التابعة للبحرية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي، ومنع وجود القواعد البحرية، بالإضافة إلى تهديد الغواصات النووية الغربية المزودة بصواريخ باليستية".
ما تحت الماء
وفيما يتعلق بالقوات البحرية السطحية، يوضح جايلون أنها "قوات تعمل كفرق عمل مستقلة، وتعد جزءاً من قوات الدفاع الجوي المنتشرة في البحار والمحيطات، وتتمتع بأهمية قصوى بالنسبة لفروع القوات المسلحة البحرية والجوية".
ويشدد العقيد غايلون على أن روسيا لديها من الوسائل الكفيلة للرد على اقتراب قوات الناتو من الحدود الغربية الروسية، لافتاً إلى أن الاستعداد الدائم، والتقيد الصارم بالجدول الزمني للتدريبات العسكرية، التي ستوفر فرصاً لتدريب الجنود، ولإكشاف المشكلات وتصحيحها من أجل زادة التفاعل والإدارة الميدانية، تعد بمنزل الرد الأنسب على تلك التحديات.
وقال من المهم الالتفات إلى "أهمية جمع كل المعلومات عن العدو، للتعرف على نواياه ووضعه في حالات التأهب والاستعداد".
وحول أخطر أسلحة البحرية الروسية في الوقت الحالي، التي تسبب الكثير من الازعاج للغرب وبلدان الناتو، يقول جايلون إن "أكثر ما يقلقهم هي الأسلحة التي توجد تحت الماء، بالإضافة إلى الطرادين "موسكفا" و"بطرس الأكبر"، وهما طرادان كبيران قادران على تنظيم سير العمليات القتالية، وهما بمنزلة مراكز تحكم في نقاط مختلفة في محيطات العالم".