الاستعراض شاركت فيه 10 دول بتشكيلات عسكرية رمزية، عدد من دول الاتحاد السوفيتي السابق، بالإضافة إلى فرقة من جيش الصين والهند وصربيا ومنغوليا.
وجود فرقة من الجيش الصيني والهندي له دلالات، فالجيش الصيني هو الأول عالميا من حيث العدد، والثالث من حيث القدرة القتالية وميزانية وزارة الدفاع الصينية تأتي فى المرتبة الثانية بعد أمريكا برقم يقدر بـ145 مليار دولار، فى حين تأتى ميزانية وزارة الدفاع الروسي فى المرتبة الثالثة برقم تقريبى 72 مليار دولار، ويحتل الجيش الهندي المرتبة الرابعة من حيث القدرة القتالية والثالثة من حيث العدد، وهو ما يجعل من تحالف روسيا والصين والهند قوة لا يستهان بها عسكريا، كما تشترك الدول الثلاث فى منظمة «بريكس» الاقتصادية، الدول الثلاث لها مصالح اقتصادية مشتركة ورؤية متقاربة فى الكثير من الملفات الدولية، وهم مؤهلون للعب دور أكبر في النظام العالمي الجديد الذى أوشك على التبلور.
يأتى احتفال النصر الروسي هذا العام والأزمة الأوكرانية متأججة، والعقوبات الاقتصادية الغربية على روسيا سارية بسبب ضم شبه جزيرة القرم، وانخفاض نمو الاقتصاد الروسي وقيمة الروبل، بسبب تدهور أسعار النفط.
بوتين أرسل إلى العالم الغربي بصفة خاصة عدة رسائل، أولها: أن التاريخ سيذكر للاتحاد السوفيتي السابق دوره فى تحقيق النصر على ألمانيا النازية.
الرسالة الثانية: إشارة بوتين إلى أن العقود القليلة الماضية شهدت تجاهلاً لمبادئ التعاون الدولي، التي تبلورت خلال الحرب العالمية الثانية، وشكلت حجر الأساس للنظام العالمي بعد الحرب، والذي كان يتمثل فى الحفاظ على السِّلم والاستقرار الدولي.
الرسالة الثالثة: ظهور الرئيس الصيني شي جين بينج بجوار بوتين طوال العرض، وتوقيع اتفاقيات بقيمة 25 مليار دولار فى أثناء زيارة الزعيم الصيني لموسكو دليل على مساندة الصين لروسيا اقتصاديا وسياسيا، وفى المقابل تحتاج الصين إلى الدعم الروسي فى مطالبتها بحقوقها التاريخية فى بحر الصين الجنوبي التى تثير قلق اليابان وكوريا الجنوبية حلفاء أمريكا التقليديين، التحالف الصيني الروسي سيجبر أمريكا والغرب على تغيير كثير من خططهم ومخططاتهم.
أما رسائل السيسي فأولها: حرصه على حضور الاحتفال بعيد النصر فى موسكو الذى لم يحضره من الزعماء العرب سواه والرئيس الفلسطيني أبو مازن، والمعنى أن مصر لا تنسى من يساندها فى أوقات الضيق، ثانيها: تبعية مصر لأمريكا والغرب انتهت بغير رجعة، فسياسة مصر الخارجية تحددها مصالحها وضرورات أمنها القومي، ثالثها: علاقة مصر الاستراتيجية القوية والدائمة مع دول الخليج لن تكون على حساب استقلال القرار المصري، وحرصها على الانفتاح على العالم، والأخذ فى الاعتبار بتوازنات القوى والحيادية، فموقف روسيا من الحرب فى اليمن تراه دول الخليج غير مساند للتحالف السعودي.