وما لقاء الرئيس بوتين ولافروف وكيري في مدينة سوتشي الروسية، إلا أكبر دليل على إذعان الولايات المتحدة الامريكية لسياسة الأمر الواقع التي اعتمدت عليها روسيا في سياساتها، متسلحة بالقوانين والشرعية الدولية، ومن هنا نرى أن التصريحات التي خرجت من الطرفين والتي اختتمت باللقاء مع الرئيس بوتين تشكل نقطة المحور في السير باتجاه جديد، تم فيه فتح كل ملفات الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية. وهنا روسيا كانت سيدة الموقف من حيث تحليل تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وخارجيته، حيث تم التأكيد فيها على أنه لابد للولايات المتحدة الأمريكية التخلي عن سياسة الإملاء والانفراد بالقرارات الدولية والتخلي عن المعايير المزدوجة في التعاطي مع تنظيم "داعش" الإرهابي.
بالمقابل كانت الولايات المتحدة حذرة جداً في التصريحات، وأعلنت على لسان مسؤوليها بدءًا من كيري، أنه تم الاتفاق مع روسيا على حل الملفات العالقة وتحديدا اليمن وسورية ومنطقة الشرق الأوسط ككل ، وأيضا عن وجود مبادرة لحل مسألة الدرع الصاروخية التي شكلت الهاجس الأكبر خلال السنوات الماضية لروسيا والولايات المتحدة على حد سواء، والملفت للنظر أن كيري لم يفتح الحديث أبدا بشكل جدي وحاد بخصوص الوضع في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وكأنه تم التسليم بالأمر.
أضف إلى ذلك الرسائل التي وجهتها روسيا إلى دول الغرب بدءا من العرض العسكري الكبير بمناسبة أعياد النصر في الحرب الوطنية العظمى، وزيارة أنجيلا ميركل بعد العرض لروسيا ووضعها إكليل الزهور على ضريح الجندي المجهول، ونجاح محادثات الملف النووي الإيراني حتى الآن، والمناورات الصينية الروسية المرعبة، كل هذه المعطيات تدل على أن مرحلة جديدة سوف تبدأ بالتوافق بين الجبابرة لينتهي هذا الصراع بعد الفشل أصلا في الوصول إى حرب عالمية معلنة استمرت أربع سنوات! إذاً ما هو التصور العام للمرحلة القادمة؟
وهل بالفعل وصل الجميع إلى نقطة البداية والتفاهم على الاعتراف بعالم جديد لم يعد فيه مكان لسياسة القطب الواحد؟
وما هي الأثمان المدفوعة والمطلوب دفعها لذلك من كل طرف أم الفواتير مفتوحة إلى أجل غير مسمى؟
التفاصيل مع ضيف حلقة اليوم أستاذ العلاقات الدولية والخبيربالشأن التركي الدكتور بسام أبو عبد الله