وكشف البرلمانيون الروس في زيارتهم الحالية إلى سورية أن ما يحملونه في جعبتهم خلال تلك الزيارة من تأكيدات سياسية ومساعدات تعطي دلالات قاطعة على الرؤية الروسية تجاه الروابط الاستراتيجية التي تجمع البلدين في علاقات غير قابلة للانفصام، وتشدد على أن الحفاظ على الأمن القومي الروسي يبدأ من "بوابة دمشق".
دمشق- سبوتنيك- فداء محمد شاهين
القمح أولاً
ألكسندر يوشنكا، عضو مجلس الشعب الروسي "الدوما"، وعضو لجنة الإعلام في الحزب الشيوعي الروسي، الذي حمل إلى دمشق المساعدات الإنسانية، أكد في لقاء خاص مع وكالة "سبوتنيك" الروسية أن المرحلة القادمة تقتضي تقديم المزيد من الدعم وعدم التخلي عن سورية، لافتا إلى أن روسيا ستعطي أولوية قصوى تتمثل في تأمين القمح والمواد الغذائية التي تحتاجها سورية وإيصالها في أسرع وقت ممكن، نظراً لأن أغلب المناطق التي يخرج منها القمح تقع تحت سيطرة المسلحين.
وأكد أن روسيا ستقوم كذلك من جانبها بتأمين المحروقات بأنواعها المختلفة، مع السعي إلى الإسراع في تطوير العلاقة السورية الروسية على الصعيد الاقتصادي لتقديم الدعم حتى أن الوضع الاقتصادي الداخلي في روسيا مرتبط بما يحدث في سورية.
وقال يوشنكا: "ليس لدى روسيا خيار إلا دعم الحكومة السورية، ومهما أظهر الغرب قوته وعناده، فإن روسيا ستواصل عن طريق هيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، في حرصها وحفاظها على موقفها تجاه دمشق.
عدوى الإرهاب
ويضيف يوشنكا أعضاء البرلمان الروسي والحزب الشيوعي يجددون تأكيدهم الدائم على تقديم الدعم إلى سورية في مواجهتها للإرهاب العالمي، وكذلك التواصل مع الدول التي يمكن اللجوء إليها لنقل حقيقة ما يحصل في سورية وكيف بدأت العدوى في الانتقال إلى دول أخرى.
كما يتولى أعضاء البرلمان الروسي التحذير من الاستماع إلى الإعلام الغربي الذي يزيد من تفاقم الأحداث، وعرض الاستهداف الممنهج للدول المستقلة ليس عسكرياً فحسب، بل واقتصادياً وإعلامياً أيضاً، كما يتم التوجه إلى البرلمانات الأوروبية والصديقة لتوعيتها وإظهار الحقائق التي حصلوا عليها عن الأحداث في سورية بالتوازي مع العمل أمام الشعب الروسي لزيادة الدعم.
واعتبر أن ما يحصل في تدمر "أعمال إرهابية"، ترتكب بحق الحضارة والإنسان والمعالم التاريخية التي ليس لها مثيل في العالم كما يقوموا بتدمير الديانة.
حرب إعلامية شرسة
ولفت إلى أن صحفيين من القناة الروسية توجهوا إلى حمص لإعداد تقرير عن الأحداث في تدمر، في حين يعقد البرلمانيون الروس اجتماعات مع أغلب القيادات السورية ومجلس الشعب ورئاسة مجلس الوزراء للتعرف على احتياجات سورية، والعمل على إيصالها وتلبيتها في أسرع وقت ممكن، معرباً عن شكره لجميع الجهات التي شاركت في تسهيل الزيارة إلى سورية.
ويؤكد يوشنكا أن روسيا تثق في معنويات الجيش السوري، وهذا أمر لا يمنع من دعمه، في الوقت الذي يقوم الإعلام بحرب إعلامية شرسة على سورية وروسيا، مبينا أن مواجهة هذه الحرب الإعلامية وإيقافها يتطلب بذل جهود كبيرة، واستخدام أنواع الإعلام المتاحة كافة.
وقال البرلماني الروسي يوشنكا، إنهم يتواصلون من داخل الأراضي السورية مع الإعلام الروسي والأجنبي لنقل الحقائق من أرض الواقع، مشيرا إلى أن هناك تقريرا ميدانيا شاملاً يعد عن سورية سيتم عرضه في مؤتمر صحفي لدى وصول الوفد البرلماني الروسي إلى موسكو، كما سيتم تخصيص 10 دقائق في اجتماعات البرلمان لعرض تقرير عن الزيارة لسورية.
الثراء السوري
وتسعى روسيا للاستفادة من سورية وتجربتها الثرية في التنوع العرقي والثقافي باعتبارها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تضم تعايشاً سليماً ومشتركاً بين جميع الأديان والقوميات، وهذا أمر مهم بالنسبة لروسيا التي تضم أدياناً متعددة وكثيراً من القوميات.
."يقول يوشنكا:
"لا شك أنه في حال خسرت سورية الحرب يعني ذلك خسارة روسيا في الشرق الأوسط، وامتداد الإرهاب إليها
وأشار إلى أن فرض وتنفيذ العقوبات على روسيا، يبرهن على أن الحملة الشرسة تستهدف روسيا أيضاً.
ودعا البرلماني الروسي إلى تطوير العلاقة المميزة التي تجمع البلدين على صعيد التقنيات العسكرية، وأن تسعى روسيا على المستوى العالمي إلى تطبيق القوانين الدولية، خاصة التي صدرت بحق الدول الداعمة للإرهاب، إضافة إلى تفعيل التعاون الدولي لوقف نشاط تنظيم "داعش"، الذي يشكل خطراً كبيراً على جميع الدول، في الوقت الذي تنبني فيه سياسة الولايات المتحدة على استهداف الدول التي تحافظ على استقلاليتها مثل سورية، والأحداث في سورية تنتقل وتتكرر على حدود الاتحاد الروسي، وجميع التوقعات التي ذكرتها القيادة السورية صحيحة.
رغبة الإعمار
ويختتم يوشنكا تصريحاته الخاصة لـ"سبوتنيك"، مؤكدا أن النصر على الإرهاب لا يعني نهاية المطاف، لأن المرحلة الثانية، التي تتمثل في إعادة الإعمار، مرحلة صعبة لاسيما في ظل ضرورة العمل سريعا لتأهيل جميع القطاعات "النفط، والخدمات، والبنى التحتية والكهرباء، وهذا ما لمسناه في لقائنا مع رئيس الحكومة الذي أكد رغبة حكومته في إعادة البنى التحتية لجميع الأماكن المحررة سعيا لإعادة الحياة الطبيعية إليها.
يشار إلى أن عدد الوفد 10 من برلمانيين وشخصيات حكومية وشعبية، وهي الزيارة الثانية، التي تجرى للأراضي السورية بالتعاون مع السفارة السورية في موسكو، حيث زار وفد رسمي برلماني وحكومي روسي دمشق في فبراير/ شباط 2014، والتقى القيادات السورية وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد.