غزة- سبوتنيك- هشام محمد
ومع تأكيد كثير من المسؤولين في غزة "أن شيئاً لم ينضج بعد"، فإن زيارة وزير الخارجية الألماني فتحت الباب أمام الكثير من التكهنات، فالوزير ووفده المرافق، كان الأكبر والأبرز الذي يزور قطاع غزة منذ سيطرة حركة "حماس" على الحكم في عام 2007.
"هدنة طويلة"
ويقول مراقبون إن الزيارة التي أعلن أنها كانت لافتتاح مشروعات مدعومة من الحكومة الألمانية، "لم تكن بحاجة إلى هذا الوفد الكبير"، لولا وجود ما يخفيه هذا الوفد في طياته من شخصيات قدمت لعقد لقاءات مع حركة "حماس"، في محاولة لمعرفة ردها على مقترحات لهدنة طويلة المدى، بالإضافة إلى بحث ملف الأسرى الإسرائيليين الذين أسروا خلال الهجوم الإسرائيلي الأخير.
ورغم ترحيب حركة "حماس" بالوفد الألماني ومطالبته ببذل مزيد من الجهد لرفع الحصار الإسرائيلي عن غزة، فإنها سارعت بالتأكيد، على لسان إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، "أنه لم تكن هناك أي لقاءات مباشرة أو رسمية مع الوفد".
لكن قيادات في الفصائل الفلسطينية ترى في هذه الزيارات، خاصة زيارة الوفد الألماني، أنها تأتي بسبب حدوث تقدم في ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل، وفي ملف "الهدنة طويلة الأمد" المقرونة بوقف التسلّح، وعدم تطوير قدرات المقاومة، ووقف بناء الأنفاق مقابل بناء الميناء وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار في غزة.
رهانات خاسرة
كايد الغول، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، يرى أن زيارة وفد ألماني بهذا المستوى وبرئاسة وزير الخارجية يحمل على الاعتقاد بأن "هناك تقدماً قد حصل في ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل، وفي ملف الهدنة طويلة الأمد".
ويقول الغول: "إن دلالة عقد المؤتمر الصحفي لوزير الخارجية الألماني في ميناء غزة يعطي رسالة شديدة الوضوح بشأن ما سبق، خاصة أنه قد شدد من ذات المكان على حاجة القطاع إلى المساعدات الاقتصادية والاستثمارات التي لا تتم إلا من خلال فتح المعابر، وأنه من الصعب إنجاز ذلك دون وقف إطلاق الصواريخ، وألا تكون غزة منصة لإطلاقها، وأن الأمن هو المقابل للتنمية البشرية ومقابل مصير حياة الناس".
ويحذر القيادي في الجبهة الشعبية من الانخداع أو المراهنة على إمكانية إيجاد حلول في غزة بعيداً عن الضفة، معتبراً أي رهانات على ذلك خاسرة وتلحق أشد الضرر بالقضية الوطنية.
"الأمن مقابل التنمية"
من ناحيته، رفض القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، تصريحات وزير الخارجية الألماني التي قال فيها إن "الأمن لإسرائيل يقابله تنمية في غزة".
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن هذه الزيارات استكشافية تستهدف بالأساس، كما قال وزير الخارجية الألماني، "حفظ أمن إسرائيل".
ويقول الصواف الكاتب والمحلل السياسي في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية: "قد تكون الوفود السابقة حملت رسائل وعرضتها على "حماس"، التي قبلت النظر فيها، وستتفق ربما مع جزء منها وتختلف مع الآخر وستضع تعديلاتها وشروطها".
ويضيف: "هناك حديث عن مشاريع تُقدَّم وتُدرَس، لكن لا توجد أي نتيجة فعلية على الأرض تقول إن هناك اتفاقاً، أو قرب التوصل إلى اتفاق، فما يجري هو مجرد نقاش وعصف ذهني لإمكانية الوصول إلى ما تسعى هذه الوفود من أجله".
ويؤكد الصواف في حديثه أن "مساعي الأوروبيين هي للحفاظ على أمن إسرائيل، وأن المقاومة تعلم الموقف الأوروبي وتعلم المنطلقات التي يتحرك من خلالها لذلك هي لم تسد الباب في وجه أحد، وستسمع إلى ما يقولون ولديها ما تقوله".
ويأمل سكان القطاع رغم تخوفهم من الحراك السياسي أن يعمل العالم على فك حصارهم، والسماح لهم بالعيش بسلام وحرية تشمل حرية حركتهم وحياتهم كبقية شعوب العالم، دون شروط مسبقة.