بغداد — سبوتنيك — نازك خضيـر
حتى "شيدو لاموسو"، وهو اسم الثور المجنح في اللغة السومرية الآشورية القديمة ورمز القوة والشجاعة والسمو، دفع أفدح ثمن في التاريخ مع إبادة المدنيين ومحو وجود الأقليات وسبي العراقيات، بعد انسحاب القوات ومسك تنظيم (داعش) للأرض.
وننفرد بنشر تفاصيل تقرير تحقيق البرلمان العراقي، عن انتكاسة وفضيحة نُخرت في جبين الجيش العراقي وقادته، في العاشر من يونيو/حزيران من العام الماضي، يوم سقطت الموصل مركز محافظة نينوى.
وطبقاً للتقرير الخاص بسقوط الموصل، والذي كشف أبرز تفاصيله، لـ"سبوتنيك"، الخبير الأمني العراقي هشام الهاشمي، فإن خمسة ضباط من المدينة متهمين بسقوطها، بينهم مدني حكومي.
واستدعى تحقيق اللجنة الذي استمر 100 ساعة، 180 شخصية عسكرية ومدنية وأمنية وحكومية رفيعة وغير رفيعة.
وكشف الهاشمي أن أربع فرق عسكرية حجبت من الساحل الأيمن في الموصل، أمام تقدم تنظيم "داعش" بعد قتال دام لأربع ساعات.
ولم تستخدم القوات العراقية في الساحل الأيسر، أي رصاصة لقتال ضد تنظيم "داعش"، منسحبة بلا نزاع لحماية الأرض من الإبادة.
وتُدان أيضاً قوات حرس الحدود، لأنه تبين أن قوة عناصر "داعش"، التي دخلت لإسقاط الموصل، وجاءت من الجارة سوريا بالمحاذاة مع نينوى، وهذه القوات ستُحاسب، مثلما نوه الهاشمي.
وقيّم تقرير لجنة برلمان العراق التي شُكلت لكشف ملابسات سقوط الموصل بيد تنظيم "داعش"، الأموال التي ذهبت ظهيرة السقوط بـ 600 مليون دولار أمريكي.
وقدرت اللجنة مبلغ المعدات العسكرية التي تركتها القوات العراقية لتنظيم "داعش"، خلال الانسحاب من الموصل، بـ2 مليار دولار أمريكي.
وتضمن التقرير الذي كتب بـ 120 ورقة، أربعة أقسام، الأول: المتهمون السياسيون؛ والثاني: المتهمون العسكريون والأمنيون؛.
والثالث: المتهمون من حرس الحدود والمخافر الحدودية؛ والرابع: المتهمون من أجهزة الحكومة المحلية.
وقبل وقت قصير، لوحت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، ونواب من كتل سياسية مختلفة، عبر الإعلام، بتوجيه أسئلة تحريرية إلى بعض الشخصيات النافذة في الدولة ومنها رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، الذي يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية الحالي، ومسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان.
وكشف الهاشمي أن اللجنة أرسلت لثلاث شخصيات صنفوها (أف اي بي) وهم، مسعود بارزاني رئيس الإقليم، ونوري المالكي نائب رئيس الجمهورية، وأسامة النجيفي رئيس البرلمان للدورة السابقة، ولم يجب على الأسئلة فقط النجيفي.
ولفت الهاشمي إلى أن لجنة التحقيق بسقوط الموصل لم تكتب التوصيات حتى الآن، ولا يعد تقريرها أو توصياتها ملزمة، حتى يصوت البرلمان عليها وإحالتها إلى القضاء.
وحال وضعها على طاولة القضاء، تشكل لجنة قضائية يتوقع لها الهاشمي أن تستغرق بعملها وتحقيقها فترة ربما أكثر من التي استغرقتها لجنة البرلمان، وهي خمسة شهور.
ولم يكتف تنظيم "داعش" الإرهابي، ببيع نحو 900 امرأة وفتاة إيزيدية في أسواق العبيد والنخاسة، وفرض نمط حياة عصور الجاهلية في مناطق سيطرته على السكان، بل نفذ عمليات إعدام وحشية ومقابر دفن بها حتى الأطفال وهم أحياء في الموصل، وصلاح الدين وأجزاء من كركوك، والأنبار التي تشهد عمليات تحريرها على يد القوات التي دُعمت بفصائل الحشد الشعبي وأبناء العشائر السنية تحسباً لتكرر الانتكاسات، بعد الانسحاب من الموصل والرمادي.
وشابهت سيرة الجيش العراقي الحالي، الذي شُكل بعد الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003، وحلّ الجيش السابق الذي فر قبل سقوط رئيس البلاد الأسبق صدام حسين، كفهم مغاير لأغنية عراقية عنوانها "فيت بيها وعالزلم خليها"، ودخل صدام الحرب ولم يدخل معه رجال الأمن والعسكر.
ويُحمّل سكان المحافظات العراقية الآمنة، المواطنين في المدن الواقعة بيد تنظيم "داعش"، مسؤولية إدخال التنظيم واحتضانه دون النظر إلى ما وراء الساحة الإقليمية والسياسية التي تقسّم الأرض عرقياً رغم إرادة الشعوب… والتنظيم ساهم برسم الخارطة بإتقان، وكأنه وجد لأجل ذلك، لاسيما عندما أفرغ المدن من الأقليات العائد تاريخها ووجودها إلى ما قبل ظهور الإسلام، وتدمير تاريخها الإنساني بالكامل.