وأحدثت الحرب دماراً كبيراً في البنية التحتية لقطاع غزة، حيث قدرت خسائر الخدمات العامة والمنشآت بـ 3.5 مليار دولار، توزعت بين منشآت صناعية ومراكز ومؤسسات ومرافق خدماتية ومساجد.
ويقول حامد حبوش، مدير شركة حبوش إخوان للصناعة والتجارة، إن شركته تعرضت للقصف الإسرائيلي المباشر، مما أدى إلى نشوب حريق كبير فيها، وتدمير المصنع بشكل كامل، حيث وصلت الخسائر بحسب لجنة حصر الأضرار إلى 2.6 مليون دولار.
وأشار حبوش إلى أن المصنع ما زال متوقفاً عن العمل بسبب عدم قدرة الشركة على تشغيله، وعدم صرف بدائل للأضرار من قبل وزارة الاقتصاد حتى الآن، مما أدى إلى شطب عضوية الشركة في الغرف التجارية، نتيجة التوقف الكامل.
وأوضح أن توقف المصنع أجبرهم على إيجاد بديل في استيراد البضاعة المصنعة من الضفة الغربية وبيعها في قطاع غزة، مؤكداً أن صافي الأرباح السنوي للمصنع سابقاً كان يبلغ ربع مليون دولار، وهذا ما لا تحقق نصفه تجارتهم الجديدة.
وأضاف، "توقف المصنع أدى إلى قطع رزق عشرات العمال الذين كانوا يعملون في المصنع وباتوا الآن عاطلين عن العمل، ولا معيل لهم، في حين لم تف الدول المانحة ولجان حصر الأضرار بوعودها المتمثلة بالتعويض الكامل للخسائر".
وحسب إحصائيات رسمية، يوجد في قطاع غزة نحو 230 ألف عاطل عن العمل، في حين تبلغ نسبة البطالة 47%، ووصلت نسبة الفقر إلى 65%.
لكن الحرب الإسرائيلية لم تقف في وجه "الشركة العربية الألمانية لصناعة الأدوية"، التي تعرضت لدمار جزئي خلال الحرب، ولم تنتظر الشركة طويلاً التعويضات، وقامت بترميم ما دمر والعودة للعمل.
ويقول حمزة طبازة، مدير الشركة إنه، "تم تقدير الخسائر التي أصابت المصنع بمبلغ 140 ألف دولار تشمل المباني والمواد الخام".
وأوضح طبازة أنهم استطاعوا العودة للعمل بشكل تدريجي على نفقة المساهمين، مبيناً أنهم لم يتقاضوا أي تعويض من أي جهة رغم زيارة الموقع من قبل لجنة إحصاء الأضرار ومؤسسات الأمم المتحدة.
وأضاف، "بعد الحرب عملنا بكافة طاقتنا من أجل إرجاع المصنع للعمل من جديد، وتدريجياً وصلنا إلى ما كنا نسعى إليه، حيث أننا ننتج اليوم أدوية جديدة تلامس حاجات قطاع غزة بشكل كبير وتلبي رغباته، لكن المصنع بحاجة دائمة للتجديد والمواد الخام وما زلنا بانتظار التعويض".
وأدت الحرب الأخيرة على غزة إلى خسائر مباشرة نتيجة للتدمير الكلي والجزئي والحرائق لما يزيد عن 500 منشأة اقتصادية من المنشآت الكبيرة والاستراتيجية، بالإضافة إلى العديد من المنشآت المتوسطة والصغيرة والتي تمثل مجمل اقتصاد القطاع في كافة القطاعات والتي يتجاوز عددها ما يزيد عن 4500 منشأة اقتصادية.
من جهته أوضح عماد الباز، وكيل مساعد وزارة الاقتصاد في قطاع غزة، أن الوزارة وأصحاب المنشآت الصناعية استبشروا خيراً باتفاق القاهرة الذي تم في شرم الشيخ من أجل دعم إعادة إعمار قطاع غزة، وتم الإعلان عن جمع المليارات، لكن الدول المانحة لم تلتزم بما تعهدت به من دفع هذه المبالغ.
وأشار الباز إلى أن الوزارة لم تستطع تعويض هذه المنشآت، وأن كل ما وصل قطاع غزة يعتبر فتاتا بالنسبة لما تم التعهد به، ولا يزال نحو 6000 منشأة ومحل تجاري تم تدميرهم ينتظرون المبالغ التي تعهدت بها الدول المانحة من أجل تعويض خسائرهم.
وأضاف، "الأمور في قطاع غزة، وبعد عام على الحرب معقدة وصعبة جداً، والاقتصاد مدمر بشكل كامل، والكثير من المصانع ما زال الركام داخلها، والوضع الاقتصادي في قطاع غزة ينبئ بانفجار كبير ما لم يتم التحرك بسرعة من أجل حل المشكلات القائمة".
وتابع، "لا يمكن أن يتحمل قطاع غزة أو وزارة الاقتصاد خطة بديلة عن الأموال المتعهد بها للإعمار والتعويض، لذا نناشد هذه الدول بالإسراع بدفع ما تعهدت به، للحيلولة دون الوصول إلى وضع يرثى له داخل قطاع غزة، فالبطالة والفقر والأزمات في تفاقم دائم كل يوم".
بدوره أكد الخبير الاقتصادي سمير أبو مدللة، أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف 2014، كلفت الاقتصاد خسائر كبيرة، فبحسب تقرير البنك الدولي والإحصاء الفلسطيني، فقد نتج عن الحرب مستويات مرتفعة من الفقر والبطالة.
وأوضح أبو مدللة أن معدل نمو الاقتصاد الفلسطيني في عام 2014، كان سلبياً بنسبة 14%، وأن 20 ألف هكتار من الأراضي الزراعية تم تجريفها خلال الحرب، بالإضافة إلى وجود 15 ألف عامل فقدوا عملهم جراء تدمير المنشآت الصناعية.
وأضاف، "الوضع في قطاع غزة على حافة الانهيار، فالبيوت والمصانع مدمرة، وهناك 37% من النساء والأطفال يعانون من سوء تغذية في قطاع غزة، كما أن 70% من الخريجين في القطاع لا يجدون عملاً بعد تخرجهم من الجامعات ويلتحقون بركب البطالة.
وطالب أبو مدللة السلطة الوطنية والمنظمات الدولية بالتدخل السريع لإنقاذ قطاع غزة من انفجار مرتقب، بعدما تخلت عنهم الدول المانحة التي لم تف بوعودها في إعادة الإعمار، ونقضت إسرائيل الاتفاقات التي تنص على فتح المعابر وتوسيع مساحة الصيد وبناء مطار وميناء في القطاع.