ودعا الفريق مميش في مؤتمر صحفي عقد في مدينة الاسماعيلية اليوم منظمات الملاحة العالمية والخطوط الملاحية في أنحاء العالم إلى استخدام القناة الجديدة لتنشيط التجارة العالمية، مؤكداً "أنها آمنة تماماً وجاهزة لاستقبال السفن العابرة والعملاقة"، لافتا إلى أن القناة تستطيع استيعاب السفن العملاقة حتى غاطس 66 قدماً".
زمن قياسي بلا سخرة
وقال مميش في مؤتمر صحافي عقده، بمشاركة سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية، بيتر هينشلر، "نحن الجيل الحالي من أبناء مصر حفرنا القناة الجديدة لخدمة العالم في وقت قياسي، بطول ٧٢ كيلومتراً منها ٣٥ كيلومتراً حفراً جافاً، و٣٥ كيلومتراً أعمال تكريك في المياه، في عام واحد فقط".
ويبلغ طول القناة الأصلية الواصلة بين البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى البحر الأحمر جنوباً، 193 كيلومتراً.
وتطرق مميش إلى استعراض تاريخي لقناة السويس الأولى قائلا "حفرت القناة (الأولى) على مدى ١٠ سنوات، شارك فيها مليون نسمة من أصل ٤ ملايين ونصف المليون نسمة (تعداد مصر زمن حفر القناة عام 1859)، استشهد فيها ١٢٠ ألف شخص".
وبدأ حفر القناة الأصلية عام 1859، في عهد سعيد باشا والي مصر، وتم الانتهاء من الحفر عام 1869 في عهد خلفه الخديوي إسماعيل الذي افتتحها بحضور عدد من ملوك وأمراك أوروبا.
كانت أعمال الحفر في قناة السويس تجرى بنظام السخرة، إذ اقتيد المصريون عنوة للقيام بأعمال الحفر وقتل الآلاف منهم طوال السنوات العشر.
أسرع ممر ملاحي
وانتقل مميش إلى استعراض امكانات قناة السويس الجديدة، قائلاً إنها "تسع للسفن كبيرة الحجم ذات الغاطس الكبير (66 قدما)، وتم الإبحار فيها بسلام وأمان بعد تجهيزها بالعلامات ونظم الملاحة الإلكترونية وتدريب المرشدين".
وخلال الأسبوع الماضي قامت مصر بتجارب لمرور 3 سفن من الأحجام الكبيرة عبر القناة الجديدة، وأعلنت هيئة قناة السويس أن "التجارب كانت ناجحة".
وأكد رئيس هيئة قناة السويس أن عمليات حفر وإنشاء القناة الجديدة استندت إلى دراسات علمية وعملية، مبينا أن الهيئة أجرت "دراسة عن تأثير القناة والطرق البديلة، وسبل تطوير الذات"، قائلاً "سنتفوق علي جميع الممرات الأخرى، وسنكون أسرع قناة مرور في العالم".
وأشاد مميش بجميع المشاركين في حفر القناة الجديدة، ومن بينها الهيئة الهندسية للجيش، والعمال المدنيون، وعمال الكراكات، قائلاً "تم العمل بنجاح، ونحيي الرئيس (المصري عبدالفتاح) السيسي، وهو صاحب القرار الوطني، ونشكر الشعب المصري الذي موّل المشروع".
تم جمع التمويل اللازم لبدء أعمال الحفر عن طريق طرح أسهم للقناة في صورة "شهادات استثمار قناة السويس"، قبل نحو عام من الآن، وبلغ حجم إسهام المصريين فيها 64 مليار جنيه (بما يعادل 8.3 مليار دولار أمريكي)، واستخدمت حصيلة الطرح في أعمال البناء.
عمل مبهر
وقال مميش إن مصر تعتبر "منظمات الملاحة العالمية شركاء وأصدقاء، والمصلحة واحدة، وهي الإبحار الآمن" مؤكدا أن "أي سفينة تمر بالقناة أمانة في أعناقنا" متوقعا أنه منذ "الآن الغذاء والدواء والوقود سينتقل عبر العالم بشكل أسرع".
وأضاف "أبحروا في القناة وإبحاركم آمن، وكل التجهيزات الأمنية متوفرة، وندعو جميع الخطوط الملاحية في العالم لاستخدام القناة لتنشيط التجارة العالمية، والآن السفن العملاقة حتى ٦٦ قدما تسعها القناة الجديدة".
وأضاف ان "العمل انتهي في وقت مبهر والترتيبات علي قدم وساق للافتتاح، ونتطلع لاستخدام القناة في السنوات المقبلة، ونتطلع إلى ملاحة دولية أفضل وتعاون ما بين جميع الشركاء"
ومن جانبه، أبدى سكرتير عام المنظمة البحرية الدولية، بيتر هنشيلر، الذي شارك في المؤتمر الصحفي اليوم في مدينة الإسماعيلية، إعجابه بالإنجاز المصري الجديد قائلا إن "مصر قدمت عملاً مبهراً في هذا المشروع الكبير" وتوقع أن تسهم القناة الجديدة في "نمو التجارة العالمية بنسبة ٣٪" مبينا أن حركة السفن في العالم تنقل 90٪ من التجارة العالمية، والملاحة البحرية لا يمكن استبدالها، ونتطلع الي نمو مستدام في هذا القطاع".
تهنئة مصر
ولدى استعراضه للجدوى الاقتصادية التي ستجنيها مصر والعالم من القناه الجديدة، أكد هينشلر أن "توسيع القناة يعني أن سفناً أكثر ستستطيع استخدامها، علاوة على تقليل المدة الزمنية للملاحة".
وعبر المسؤول الملاحي الدولي عن نظرته الإيجابية التي يتوقعها من مشروع القناة قائلاً "انطباعي إيجابي، وأهنئ مصر على هذا الإنجاز" متوقعا أن "يرتفع تصنيف قناة السويس عالمياً".
ولفت هينشلر إلى أن أعداد السفن التي ستعبر القناة متوقفة علي حجم السفن التي ستتمكن من العبور، وكذلك على كفاءة السفن الصغيرة وقدرتها على العبور، وتلك العوامل ستحدد مدى كفاءة القناة الجديدة، وبالتالي توقعات نمو التجارة العالمية".
وقدر المسؤول الدولي تكلفة القناة الجديدة بنحو ٤ مليارات دولار، علاوة على 4 مليارات دولار أخرى، لتشييد 6 أنفاق تمر تحت القناة في الإسماعيلية وبورسعيد، إضافة إلى خطوط سكك حديدية وطرق سيارات تبلغ تكاليفها 4 مليارات أخرى، عموما لم تتعد التكلفة التقديرية الأولية".
موانيء وطرق
ولدى رده على أسئلة الصحفيين في المؤتمر الصحفي حول العوائد المتوقعة للقناة الجديدة، قال الفريق مميش إنه في ضوء توقعات نمو التجارة العالمية بين الشرق والغرب ومعدلات المرور في القناة، فإن العائد المتوقع المحسوب، في ضوء تلك المعطيات، سيزداد بحلول ٢٠٢٣ عن 14.3 مليار دولار، ولاسيما مع بدء مشروع تنمية محور قناة السويس.
وكشف رئيس هيئة قناة السويس أن مشروع تنمية منطقة قناة السويس سينطلق مباشرة في اليوم التالي لافتتاح القناة الجديدة، مؤكداً أنه في "٧ أغسطس/ آب، سنعلن عن البدء في مشروعات الإنتاج السمكي"، لافتا إلى أن هناك "إقبالاً كبيراً من المستثمرين علي المشروع، وانتهينا من الرسومات الهندسية لتطوير أرصفة ميناء بورسعيد الشرقي بالتعاون مع الهيئة الهندسية".
وتطرق مميش إلى بعض التفاصيل المتوقعة لمشروع تنمية قناة السويس مشيرا إلى أنه "سيكون هناك مناطق صناعية لوجيستية، و٦ موانئ: ٣ على البحر الأحمر، و٣ على البحر المتوسط، ومنطقتان صناعيتان منهم وادي التكنولوجيا، وكلها مشروعات ستجتمع في كيان اقتصادي واحد"
وقال رئيس الهيئة إن هناك "سيلاً من المستثمرين راغبين في الاستثمار لثقتهم العالية في مصر، وقيادتها السياسية، وقدرة المصريين على الإنجاز"، لافتا إلى أن الحكومة تعتزم "التعامل مع الاستثمار بقوانين مرنة تحقق النجاح للمستثمر والاستفادة للدولة، إضافة إلى رفع مستوى تدريب العمالة الفنية.
الدور المجتمعي
وقال إنه تم الاتفاق على إطلاق عدد من الصناعات في المناطق الصناعية التابعة لمشروع تنمية قناة السويس، بيد أنه رفض الافصاح عن أنواع الصناعات التي سيتم البدء بها، مشيرا إلى أن الدولة "ستعتمد في البداية على البنية التحتية الموجودة أصلا ثم سيكون هناك بنية تحتية لكل منطقة على حدة".
وأكد الفريق مميش أن "قناة السويس لها دور مجتمعي نحو مواطني القناة، وسنعوض أي متضررين، ومع انتعاش الحركة وضعهم سيزدهر" موضحا أن "دخل القناة سيذهب للدولة، والموازنة العامة للدولة تخصص 9.2 في المائة لأعمال صيانة القناة ودفع الرواتب".
وتابع مميش بالقول "لقد كنا أوفياء بالعهد وفي ٦ أغسطس (آب) سنعلن بدء تشغيل القناة الجديدة تشغيل عملي وسنستقبل جميع السفن وستظل القناة تعمل حتي أبد الدهر وتظل رمز لقدرة المصريين علي الانجاز".
ومن المقرر أن تفتتح القناة الجديدة رسمياً يوم 6 أغسطس/ آب المقبل بحضور السيسي وعدد من رؤساء وقادة الدول.