وكان للقمة التي عُقدت مؤخراً بقصر الكرملين، رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي، تؤكد عمق ومتانة الشراكة الاستراتيجية بين موسكو والقاهرة، والتي تحتفظ بعبق التاريخ وتحمل معها آفاق واعدة لمستقبل مشرق للشعبين الصديقي، من خلال الحوار المتواصل على مختلف المستويات في ظل أجواء من الثقة المتبادلة، وإدراك مصر أن روسيا دولة عظمى لها دور فعال في قضايا الشرق الأوسط والمجتمع الدولي، كما أن موسكو ترى في القاهرة أهم شريك دولي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
التعاون العسكري، وجلسات الحوار الاستراتيجي بين موسكو والقاهرة، ممتدة منذ عقود، بينما الوتيرة المتسارعة للتقارب الراهن، ومستوى تنسيق المواقف والمشاورات المتبادلة، يعكسان شكلا جديداً من العلاقات، في ظل الوضع الراهن على الساحة الدولية وفي منطقة الشرق الأوسط، وما تشهده من صراعات ومواجهات، وموجات شرسة من الإرهاب والتطرف، وتغيير في موازيين القوى الإقليمية.
إن التعاون العسكري الروسي ـ المصري تجاوز بكثير صفقات التسليح التجارية، إلى استراتيجية مستقبلية موحدة، بهدف تحقيق المصالح المشتركة وخلق جبهة موحدة لمواجهة التحديات التي تهدد فرص تحقيق الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً، وتمثل خطراً على الأمن القومي للبلدين، وهذا ما أكدت عليه لقاءات الحوار الاستراتيجي بين وزيري خارجية ودفاع البلدين بصيغة (2+2) وتوقيع بروتوكولاً للتعاون العسكري، وتشكيل لجنة روسية مصرية مشتركة خاصة بالتعاون العسكري التقني، خلال زيارة وزير الدفاع المصري إلى موسكو، مارس/آذار من العام 2015.
ويقول الخبير العسكري الاستراتيجي، اللواء حمدي بخيت في حديث لـ "سبوتنيك" أن مستقبل العلاقات بين البلدين سيكون أفضل من السابق، في ضوء حرية القرار المصري في كل المراحل، إلى جانب القرار السيادي الروسي، وتطور التقنية العسكرية الروسية، وخبرة مصر بالسلاح الروسي الذي ما زال موجوداً حتى الآن في القوات المسلحة المصرية منذ خمسينيات القرن الماضي.
وأوضح أن عوامل التوافق المصري الروسي كثيرة جداً، واستطرد قائلا "يجب الا يُنظر إلى الاتفاق بين الجانبين على أنه مجرد صفقات بيع أسلحة، بل يجب أن يرتقى إلى مجالات أوسع مثل التدريب المشترك والتعاون الاستخباراتي والمعلوماتي".
وأكد أن المباحثات بين الجانبين على كافة المستويات، خلال عام واحد، يحمل رسالة شراكة استراتيجية بين البلدين، وهذا أمر طبيعي، فأي دول يمكنها اختيار الشريك الاستراتيجي طبقاً لتوجهاتها وتجاوب الطرف الآخر في الشراكة الاستراتيجية"
تشترك قيادة البلدين في رؤية موحدة تجاه أهمية محاربة الإرهاب، وإنهاء حالة التوتر في الشرق الأوسط، بمشاركة كافة الأطراف المعنية في المنطقة بلا استثناء، والوصول إلى التوازن المفقود في إدارة شؤون المجتمع الدولي.
ويرى سفير مصر الأسبق لدى روسيا، الدكتور رضا شحاته في حديث لـ "سبوتنيك" أنه "لم يعد من الممكن السماح بانفراد الولايات المتحدة بقضايا المجتمع الدولي، واستخدام القوة أو النفوذ في تسوية النزاعات، ويجب أن يكون هناك دور متعدد الأطراف من خلال مساهمة روسيا والصين والاتحاد الأوروبي".
وأضاف الدبلوماسي المصري أن العلاقات المصرية الروسية أن العلاقات بين البلدين قديمة وراسخة ومتطورة والشواهد عليها كثيرة والرموز عليها أكثر، فعند الحديث عن السد العالي، فإننا نتحدث عن المشروعات الضخمة مثل كهربة الريف، والحديد والصلب، بمعنى أن النهضة الصناعية الكبرى حدثت بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي السابق، والآن لها صدى وتأثير إيجابي على العلاقات بين البلدين في الوقت الحالي.
تشير صفحات التاريخ إلى أن العلاقات العسكرية بين البلدين لا تخضع لأي شروط، وانها تأتي متسقة مع التفاهم المشترك بين القيادتين، كما تعتبر أحد ابرز مجالات التعاون الوثيق على مر التاريخ.