بقلم: أيمن سنبل
تلك العناوين، تصدرت وسائل الإعلام الداعمة لهادي والخليجية منها على وجه التحديد، بعد إعلان الحكومة اليمنية المقيمة في السعودية عن "تحرير" عدن كبرى مدن الجنوب اليمني من سيطرة "الحوثيين" وحلفائهم في الجيش، نهاية يوليو/تموز الماضي.
والحقيقة أن سيطرة قوات هادي على عدن تعد تحولاً استراتيجياً في الصراع المستمر منذ شهور، ما كان ليحدث دون الدعم الخليجي الكبير الذي تم تتويجه بتدخل بري سعودي وإمارتي وبحريني، على وجه الخصوص، لأول مرة في الصراع، وعلى مستوى أقل مساندة مقاتلين جنوبيين يطمحون لاستعادة دولة الجنوب.
لكن يظل السؤال الذي يبحث عن إجابة، ما هي الأسباب التي تؤجل عودة هادي لعدن حتى الآن؟ وما الذي يجعل تواجد الحكومة فيها يقتصر على زيارة خاطفة لرئيس الحكومة خالد بحاح الشهرالماضي، رغم مرور نحو شهرين على استعادتها والمحافظات المجاورة لها؟
عدن كبرى مدن الجنوب اليمني، اتخذتها "قوات التحالف"، الذي تقوده السعودية، مركزاً لإنطلاق العمليات العسكرية لاستعادة مدن الجنوب والشمال التي يسيطر عليها "الحوثيون"، ربما استغلالاً للرفض الشعبي في جنوب اليمن عموماً لأي تواجد لقوى من شمال اليمن على أرض الجنوب، فضلاً عن "الحوثيين".
كما أن عدن كانت مقراً لهادي قبل فراره للسعودية التي تقود التحالف، الذي يعد أهم أهدافه عودة هادي للسلطة، إضافة لثقل عدن الاقتصادي والاستراتيجي.
لذلك، كان إصرار قوات التحالف على استعادة عدن بالكامل تحدياً كبيراً، لكن التحدي الأكبر يكمن في استعادة الأمن والاستقرار للمدينة بعد تدميرها بالكامل خلال الصراع.
الأخبار الواردة من عدن لا تبعث على التفاؤل، فلقد صدم الجميع بسلسلة من الاغتيالات، طالت قيادات أمنية كبيرة في المدنية وقيادات كبيرة في "المقاومة الشعبية" الموالية لهادي، ما ينسف أي حديث عن الأمن والاستقرار في المدينة، رغم محاولات الطمأنة التي تقوم بها القيادات الأمنية في المدينة.
ويبدو أيضا أن عدم الاستقرار الأمني في عدن بدأ ينعكس إلى عدم استقرار حكومي، حيث قطع أحد مستشاري هادي الشك باليقين، مؤكداً أنهم بحاجة لحكومة طوارئ، لأن الأوضاع الأمنية في المدينة ليست على ما يرام، فيما كشفت مصادر يمنية عن تعديلات حكومية وشيكة.
الحزام الأمني الذي شكلته قوات سعودية إماراتية مشتركة — ليست قوات يمنية- حول المدينة لحمايتها، يعكس مشكلة أمنية كبرى تواجه عدن، نتجت عن انهيار المؤسسات والأجهزة الأمنية، لأسباب كثيرة ليس هنا مجال لحصرها، وبالتالي وضعت المدينة أمام فراغ أمني خطير، لم يحسب حسابه.
وسواء كان الحديث عن تواجد لتنظيم "القاعدة" — يتواجد في مناطق وسط وجنوب اليمن- في عدن صحيح أم لا، فإن الفراغ الأمني في عدن ينذر بمشاكل جمة أخطرها الإنزلاق للفوضى، وهي التربة الخصبة لانتعاش التنظيمات المتطرفة مثل "القاعدة" وأخواتها.
وفي ظل عدم الاستقرار الأمني حاليا في عدن و في ظل استمرار موجة الاغتيالات، تظل عودة هادي إلى عدن مشكوك فيها، على الاقل في الوقت الحالي.
(هذه المقالة تعبر عن رأي كاتبها)