وتثير الأوضاع الإنسانية الصعبة، التي يعانى منها اللاجئون العرب في عدد من الدول الأوروبية، قلقاً واضحاً تجاه التزام الغرب بتعهداته الدولية الخاصة باستقبال وإيواء اللاجئين المتضررين من الأوضاع الأمنية والإنسانية في بلادهم.
ولا تعتبر ظاهرة اللجوء الإنساني، بالظاهرة الجديدة على مؤسسات المجتمع الدولي أو تلك العاملة في مجال حقوق الإنسان، إذ نظم القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، واتفاقيات جنيف الأربع، واتفاقية عام ١٩٥١ و البرتوكول الخاص بها الصادر عام ١٩٦٧، أوضاع المدنيين في مناطق النزاع المسلح، والمهاجرين اللاجئين، وسبل توفير الحماية والمساعدات اللازمة وتنظيم أوضاعهم داخل الدولة المضيفة، دون الإخلال بحقوقهم أو التخلي عن حق العودة بعد انتهاء الصراع واستقرار الأوضاع في بلادهم.
وطبقاً لهذه المواثيق الدولية فإن الحق في اللجوء الإنساني ليس منحة من الدول الأوروبية، التي لجأ إليها الملايين من اللاجئين السوريين، بل هو التزام مفروض، وأن على الاتحاد الأوروبي تجاوز خلافاته حول مصير اللاجئين، وإعلانه التخلي عن تلك الإجراءات، التي اتخذها —في بداية الأزمة — من تشكيل قوة عسكرية بحرية لمنع موجات الهجرة القسرية من الوصول إلى سواحله، هرباً من ممارسات الجماعات الإرهابية، التي ولدت من رحم السياسات الخاطئة للغرب بقيادة الولايات المتحدة، تجاه مشاكل الشرق الأوسط.
ولا شك أن الانتهاكات الخطيرة، التي تمارسها الجماعات المسلحة في المنطقة، خصوصاً في سوريا والعراق وليبيا، خلقت وضعاً إنسانياً صعباً، وضع المجتمع الدولي أمام تحدي يتطلب تفعيل القوانين الدولية، خاصة اتفاقية عام ١٩٥١، التي أقرت بحق اللجوء الإنساني لكل شخص طبيعي يواجه وأسرته خطر يهدد سلامته وأمنه، من حيث استقباله وتقديم المساعدات اللازمة، من مسكن مناسب وفرص التعليم والعمل والرعاية الصحية.
إن التزام أوروبا بالاتفاقية الدولية الخاصة باللاجئين، وتعاون الدول المختلفة لمواجهة التحديات المختلفة، من خلال الاعتراف باللاجئين وحقوقهم وفق المعايير المعترف بها دولياً، ومن قبل ذلك المساهمة الجدية في تسوية النزاعات بالحوار وتجنب الصراعات المسلحة، و تخلي الغرب عن دعم الجماعات المسلحة وتبني استراتيجية حقيقية لمواجهة الإرهاب والتطرف، يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وهدوء الأمواج، التي تحمل معها أجساد المهاجرين اللاجئين.