تستمر عمليات شد الأحزمة في الأيام الجارية، قبل أن يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلمته التاريخية من منبر الأمم المتحدة في 28 الشهر الجاري، وخاصة بعد الخطوات المفاجئة والجريئة التي قامت بها روسيا على جميع الأصعدة، وخاصة على الصعيدين السياسي والعسكري، ويتوضح هذا من خلال التصريحات السياسية للمسؤولين السياسيين والدبلوماسيين الروس، والتي تؤكد وبحزم على استمرار الموقف الروسي المبدئي تجاه الأحداث في سورية، وعدم التراجع عنه مهما كانت الظروف، أمام التعنت الأمريكي في طريقة حل الأزمة السورية، ولم يكن قرار القيادة الروسية قد جاء عبثاً أو من فراغ، وخاصة فيما يخص الحديث عن الدعم العسكري بكافة أشكاله لسورية، دون التشاور مع أي جهة دولية كانت بهذا الخصوص، وإنما اعتمدت روسيا في ذلك على مكانتها الدولية التي تحظى باحترام كبير، ووفق القانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين الدول. وبالتالي نرى أن روسيا اعتمدت في قرارها هذا على حقها في التنسيق مع القيادة السورية الشرعية، وهنا لا يحق لأي كان أن يحدد العلاقة بين الدولتين، مادام هذا التعاون يتجه ضد خطر الإرهاب الذي يهدد العالم، وغير موجه ضد أي دولة في المنطقة أو حتى أبعد من ذلك، لا بل بالعكس فإن العديد من الخبراء والمحللين قد اعتبروا هذه الخطوة الروسية في الاتجاه الصحيح نحو مكافحة الإرهاب، وحل الأزمة السورية عبر إطفاء الحرائق التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب لا بل في مناطق كثيرة من العالم.
وإذا ما تابعنا كل التطورات والتيارات في المواقف، نرى أن الرئيس بوتين سيكون قد حصل قانونا وبالكامل وباعتراف العدو والصديق بمبادرته التي طرحها منذ فترة لتشكيل حلف يقوم بمواجهة الإرهاب والقضاء على داعش، ولن يكون أبداً بدون سورية التي تواجه الإرهاب لوحدها منذ خمس سنوات تقريباً. وهكذا مهما كانت مهام القوات الروسية الحقيقية التي سترسل إلى سورية أو أرسلت أصلاً، ستكون مفاتيح المرحلة القادمة بالكامل بيد الرئيس فلاديمير بوتين، الذي حدد استراتيجية بلاده ولخصها بذلك القرار الحازم بالدخول مباشرة إلى عمق الأزمة السورية، وأن يقول كلمة الفصل وعلى مسمع ومرأى العالم من على منبر الأمم المتحدة، هذ المنظمة الدولية التي لم تعد تنفع للقيام بأي مهمة للسلام والأمن في العالم، كونها باتت بالكامل تحت سيطرة سطوة قوى الاستكبار العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة، والتي لم تعد تأخذ أي اعتبار للدماء والقتل الذي يحدث في العالم، سعيا منها للحفاظ على سطوتها على العالم وحماية مصالحها.
ومن أجل أن نكون في دقائق وتفاصيل وقائع التحولات بخصوص الأزمة في سورية، والمرتقب من هذه التطورات في الأيام القادمة، كان لنا الحوار التالي مع الخبير العسكري الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور محمد عيسى.
إعداد وتقديم نواف إبراهيم