بقلم: هشام محمد
الحصار الإسرائيلي على القطاع تجاوز التسع سنوات، تخللته 3 حروب متتالية، كل ذلك حوّل القطاع إلى بقعة من الأزمات التي لا تهدأ، إضافة إلى تدمير كامل للبنية التحتية والاقتصادية، ما فاقم المعاناة التي يعيشها السكان.
وعن مستقبل ملف التهدئة، كشف قيادي بارز في حركة "حماس" لـ"سبوتنيك"، أن المساعي من أجل إنجاح ملف التهدئة، توقفت بشكل نهائي، خاصةً مع عدم عودة مبعوث اللجنة الرباعية الدولية، رئيس الوزراء البريطاني السابق، توني بلير إلى غزة، وهو الذي كان يسعى من أجل تحقيقها.
وقال القيادي في "حماس"، الذي فضل عدم ذكر إسمه، "إن سبب توقف ملف التهدئة يكمن في أن بلير أراد أن يكون لتحركاته جانباً سياسياً، وهذا ما رفضته حركة حماس بشكل نهائي وقاطع، لكي لا نرى أنفسنا نتجه في مسار سياسي لا تحمد عقباه".
وأوضح، أن بلير "أراد أن يسمع من حماس جملة سياسية لها علاقة بالعلاقة مع إسرائيل وحدود دولة فلسطين"، لافتاً إلى أن "حماس ترفض أن تدلي بأي جملة سياسية في هذا الإطار، وترفض التحدث في الثوابت الفلسطينية".
وأشار إلى أن "مشروع بلير" في البداية طُرح في سياق إنساني، يشمل فك الحصار عن غزة وإعادة الاعمار وفتح المعابر، من أجل التخفيف عن سكان القطاع، لكنه "حاد عن المسار مع التقدم في اللقاءات والحوارات".
وأضاف، "عدم عودة بلير بردود واضحة، وإستمراره في هذا المسعى بعد رفض حماس الإدلاء بأي موقف في الجانب السياسي، كان بمثابة رداً بعدم الإستمرار بهذا الملف، وإن لم يدلِ بالأمر بشكل رسمي".
وبالحديث عن مستقبل قطاع غزة، أكد أن "الضغط الشديد والضيق التي تعانيه غزة يبدو أنه سيستمر، لكن هذا الضغط قد يولد الانفجار في وجه كل من يحاصر غزة، إذا استمر هذا الوضع على ما هو عليه".
ونوّه إلى أن "حماس لا تسعى لجلب حرب على قطاع غزة، ولا تريد أن تزيد عبء الناس في القطاع، لكن الشعب الفلسطيني لن يتحمل بفصائله وشعبه هذا الوضع"، داعياً جميع الفصائل الفلسطينية للتوحد وتشكيل حكومة وحدة وطنية من جميع الأطياف، من أجل الوقوف في وجه الممارسات الإسرائيلية.
الجدير بالذكر، إنه جرت محاولات من أجل إنهاء الإنقسام الفلسطيني القائم بين حركتي "فتح" و"حماس"، بالعديد من الجهود العربية والدولية، لكن هذه الجهود والإتفاقيات لم تطبق على أرض الواقع.
من جهته قال المحلل السياسي، المقرب من "حماس"، مصطفى الصواف، لـ"سبوتنيك"، "إنه من الواضح أن قطاع غزة ذاهب إلى أزمةٍ أكبر من الأزمة التي يعيشها، إذا استمر العناد الاسرائيلي في حصار القطاع".
ونوّه إلى أن "الأزمة في القطاع لا تقتصر على المعاناة التي يعيشها السكان"، مشيراً إلى أن "إستمرار الأوضاع على ما هي عليه، سيقودنا في إتجاه مواجهة جديدة مع إسرائيل، مما يشكل خطر كبير على القطاع".
وأضاف، "محاولات تطبيق إتفاق القاهرة، التي تصدرها بلير، فشلت في الوصول إلى تهدئة، وطالما لم يتحقق للفلسطينيين مطالبهم في رفع الحصار والحياة بكرامة، أعتقد أن أي مبادرة لن تتحقق وسيبقى الوضع في غزة من سيء إلى أسوأ".
وتابع، "من المستبعد وجود أي إنفجار شعبي داخلي في قطاع غزة، كذلك هناك حديث الآن يدور حول إمكانية التوصل إلى معالجة بعض القضايا الخلافية من أجل اتمام المصالحة الفلسطينية، مما يحقق تخفيف أزمة قطاع غزة".
وفي ذات السياق يقول المحلل والكاتب السياسي البارز أكرم عطالله لـ"سبوتنيك"، "إنه إذا ما نظرنا إلى غزة على سلم بياني، نشعر أن هذا السلم آخذ بالهبوط في خط مستقيم، وهنا تكمن صعوبة الوضع في القطاع، ولا يبدو أنه هناك أفق للحل بين الأطراف المتنازعة في فلسطين"، موضحاً أن "حركة حماس، باتت تحكم قطاع غزة بشكل منفصل عن الدولة الفلسطينية".
ولفت إلى أن حركة "حماس" لديها مشكلة مع مصر ومع السلطة الفلسطينية وإسرائيل في ظل عدم تقديم أي تنازلات من أجل الوصول إلى حلول، مضيفاً بأنه "لو كان هناك حل مع أي من هذه الأطراف، لكان هناك أمل في حل الأزمة في القطاع".
وأشار إلى عدم وجود بوادر تفيد بوجود إتفاق تهدئة بين حركة "حماس" وإسرائيل، مؤكداً أن "شروط الجانبين ليست مقبولة على أي من الطرفين، ومن الواضح أننا نبتعد عن أي إتفاق".
وأكد أن الأوضاع في القطاع ستبقى على ما هي عليه في وتيرة متزايدة من الأزمات والاضطرابات، مضيفاً "من الممكن حدوث تصعيد عسكري جديد في قطاع غزة في الفترة القادمة، وهذا ما اعتدنا عليه في السنوات الماضية، عندما تنغلق جميع السبل في الوصول إلى إتفاق".
(هذه المقالة تعبر عن رأي صاحبها)