وقع الاختيار على سفيتلانا من بين 198 مرشحا للجائزة. وقد أعلنت الخبر سكرتيرة الأكاديمية الدائمة سارة دانيوس، الناقدة والكاتبة السويدية، التي تعتبر المرأة الأولى التي تشغل هذا المنصب، خلفا لبيتر انجلوند أن اختيار الكاتبة اليبلاروسية لنيل الجائزة لهذا العام جاء "لكتاباتها متعدد الأصوات: معلما أثريا للعناء والشجاعة في عصرنا". وقد رشحت سارة للقراء "وجه الحرب غير الأنثوي" الذي صدر عام 1985 في انجلترا، وهو عبارة عن مجموعة من المقابلات مع مئات النساء م السوفيت ممن شاركوا في الحرب العالمية الثانية. وصفت سارة الكتاب أنه "تاريخ مجهول" استطاع أن "يقربك من كل فرد". خلدت أليكسيفا أصوات تلك النساء: "سترحلن جميعا، خلال سنوات قليلة." وعندما اتصلت بها سارة لإبلاغها بالخبر، ردت سفيتلانا بكلمة واحدة "رائع!" قالت دانيوس أن جائزة هذا العام قد فتحت مجالا أوسع لمفهوم الجائزة في مجال الأدب. وقد ابتكرت أليكسيفا، وفق قول سارة، "نوعا أدبيا جديدا"، محققة تفوقا واضحا "لا يقتصر على المحتوى فقط، إنما في الشكل كذلك". وامتدحت سارة كتابة سفيتلانا و"اكتشافها للفرد السوفيتي، فقد أجرت الآف وآلاف من المقابلات مع النساء، بأطفال ورجال. وقدمت تاريخا من العواطف، تاريخا للروح."
لا يمكن انكار حقيقة واضحة، وهي أن جائزة نوبل تخضع في كثير من الأحيان لسيطرة الكيانات السياسية الكبرى، التي تستخدم الجائزة لتحقيق أغراض شخصية في المقام الأول دون النظر إلى تأثير هذا الأمر بالسلب على جموع المثقفين في العالم، وعلى شعوب العالم، التي ستدرك يوما حقيقة الأمر. وقد تعجبت في الحقيقة من فوز سفيتلانا أليكسيفيتش بالجائزة المرموقة، لأنه بباسطة، هناك من هم أفضل منها بكثير على مستوى العالم، لكن الجائزة تهتم بمن تريد وتستبعد من تشاء، وفوز سفيتلانا في هذا التوقيت ليس مصادفة، فهؤلاء لا يمزحون. وقد حدث في تاريخ روسيا السوفيتية أن أخذت وهُربت رواية "دكتور جيفاجو" التي كانت تجسيدا حيا لتوظيف الأدب في خدمة مصالح السادة. وفيم يلي نقدم مقابلة أجرتها سفيتلانا قد يوضح الأسباب التي دفعتني للاعتقاد بأن فوز سفيتلانا لم يكن مستحقا.
ونعرف جميعا أن الشكوك دارت حول مصداقية الجائزة منذ فترة ليس بالقصيرة، حيث تجاوزت الجائزة اسماء عظيمة، كانت تستحق الجائزة دون جدال، مثل ليف تالستوي، ايميل زولا، مارك توين، هنريك ابسن، جوزيف كونراد، الذين تم تجاهلهم على نحو غريب. كما تجاهلت الجائزة أسماء أخرى ساهمت في أعادة تعريف الأدب ومنحه حياة جديدة مثل نابوكوف، كافكا، بروست، جويس، بورخيس. ناهيك عن الشعراء العظام فروست، أودين، كفافيس، لوركا، ريلكة ممن لم تدركهم الجائزة. إضافة إلى طابور طويل من الأدباء الروس العظام نسيتهم الجائزة في ضوء انشغالها بما ستمليه عليها انجلوأميريكا. ولا يعني هذا بالطبع أن الجائزة مسيسة بالكلية، فمن بين الأسماء التي تعلن الأكاديمية حصولها على الجائزة، هناك أسماء تستحقها، لكن بنسة معينة تحددها الأكاديمية السويدية، في حين تنالها أسماء أخرى غير ذات قيمة.
ويبدو أن حظ الأدباء الروس مع الجائزة ليس على ما يرام، فروسيا على مدار تاريخها لم تنل سوى ست جوائز، وتحتل المكانة السادسة بين الدول التي نال أدباؤها جائزة نوبل. لكن على أية حال، هذا لا يعني بالطبع تقييما سلبيا للأدب الروسي الذي تتجاوز مكانته وقيمته أي أدب آخر. ورغم وجود العديد من الأسماء المعاصرة التي تستحق الجائزة دون جدال، فقد ذهبت الجائزة في النهاية لسفيتلانا أليكسيفيتش.وبرصد الأسماء التي حصلت على الجائزة من الروس، نجد أن خمسة من الأسماء الستة التي أحرزتها تقف موقفا معارضا من النظام الروسي عدا شولوخوف. أما في حالة برودسكي، قال بعض النقاد أن برودسكي لم يحرز الجائزة لإبداعه باللغة الروسية، إنما لمقالات كتبها باللغة الانجليزية، لا تنتمي للأدب الروسي من قريب أو بعيد. وما تقدم يشير بقوة إلى مسألة تسيس الجائزة، وتحيزها ضد روسيا، الذي تأكد هذا العام بمنح الجائزة لسفيتلانا اليكسيفيتش.