سبوتنيك: ما هي الأسباب التي أدت إلى تفاقم الأوضاع مؤخراً في القدس الشرقية والضفة الغربية؟
الطيبي: ما من شك أن هناك تراكمات لعدة أسباب؛ الأول، الذي حذرنا منه دائماً، هو الإجراءات التي قامت بها سلطات الاحتلال في الأسابيع الأخيرة في المسجد الأقصى المبارك، من إغلاق بوابات المسجد في ساعات الصباح وبعد الظهر، واقتحامات المصلى القبلي، وطرد حراس الأوقاف عدة مرات، علاوة على الاعتقالات واستخدام الأسلحة والغاز والرصاص المطاطي داخل المسجد، إلى جانب منع المسلمين من دخوله.
كل ذلك، يأتي متزامناً مع القمع المستمر بحق المواطنين العرب في القدس الشرقية وضواحيها، ما أدى إلى الانفجار، ونحن حذرنا من ذلك، وقلنا إن الاحتلال الإسرائيلي هو سبب كل هذه الموبقات.
وكنا نقول دائما، عندما يكون هناك احتلال، متمثل في سلطة أجنبية على الأرض، ستكون في مقابله مقاومة حتماً… وأينما تكون المقاومة يكون القمع، وعندما يكون القمع يأتي العنف… هذا تسلسل طبيعي للأمور. لا يمكن محاربة ذلك العنف، الذي هو ردة فعل لمن يقبع تحت سلطة الاحتلال، باستخدام قوة أكبر، وثبت أن هذا لا يجدي أبداً، وإنما يجب معالجة القضية الأساس والسبب الأساس، ألا وهو، الاحتلال… هذه الحكومة (الإسرائلية) هي حكومة مستوطنين، وهي حكومة متطرفة وموغلة في الاستيطان وتكريس الاحتلال.
سبوتنيك: هل ستؤدي قرارات الحكومة الإسرائيلية الأخيرة، فيما يخص قمع سكان القدس، إلى مزيد من التصعيد والعنف؟
الطيبي: أعتقد أن هذه القرارات تصعيدية خطيرة، وأنها هي التي "تحرض" الفلسطينيين على ما يقومون به… الفلسطينيون ليسوا بحاجة إلى من يحرضهم، لا الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس، ولا النواب العرب في الكنيست، كما يتهمنا (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتانياهو… إنما ما "يحرض" الفلسطينيين هو الاحتلال نفسه… القمع، القتل، وهدم المنازل وإغلاق أحياء بأكملها، والإجراءات في المسجد الأقصى، هذه أسباب وخطوات محرضة، وشيء طبيعي … عادة الشعوب الخاضعة للاحتلال أن تغضب وأن ترد، ومن حقها ذلك… نحن من الذين يؤمنون بضرورة الحفاظ على الحياة… على حياة المدنيين وخاصة الأطفال، ولكن الاحتلال يدفع بالجميع إلى هذه المواجهة، التي كانت في الماضي وستكون في المستقبل، حتى نرى أن الاحتلال وصل إلى النهاية.
سبوتنيك: هل هناك قوى سياسية داخل المجتمع الإسرائيلي ترفض سياسة نتانياهو ضد الفلسطينيين؟
الطيبي: في الهوامش للأسف… لكن في حالة المواجهات والحروب، فإن الإجماع الصهيوني هو الذي يسود… والقوى التي تعارض الاحتلال وسياساته تكون هامشية… ربما حزب "ميرتس"، وحتى زعماء المعارضة في إسرائيل (يتسحاق) هرتزوغ و(يائير) لبيد، يزايدون على بنيامين نتانياهو وعلى اليمين، حتى أن هرتزوغ اقترح إغلاق الضفة الغربية، كما اقترح إغلاق مؤقت للمسجد الأقصى.
هذه اقتراحات خطيرة وسلبية تدهور الوضع أكثر مما اقترحه بنيامين نتانياهو… قلنا ذلك لهرتزوغ في الكنيسيت، بأننا نرى خطورة في سلوكه وتصريحاته في هذه الأزمة الخطيرة.
سبوتنيك: برأيك، لماذا لا يتحرك المجتمع الدولي لمناصرة الشعب الفلسطيني، على الأقل لتشكيل لجنة تحقيق دولية في الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي؟
الطيبي: لأن المجتمع الدولي يتعامل بمعايير مزدوجة، أخلاقياً وسياسياً، ويغض الطرف عن موبقات وجرائم الاحتلال… آن الأوان لاحترام قيمة الإنسان الفلسطيني الذي كان دائما يسقط ما قبل هذه الغضبة… غضبة شعب دون أن يلتفت المجتمع الدولي، والآن يتصل وزير الخارجية الأمريكي (جون كيري) بالجميع، ليهدد أو ليندد بالعنف الفلسطيني… هذا هو الرياء والتلون بالمواقف، والمعيار المزدوج في السياسة الأميركية، كما هو المجتمع الدولي… للفلسطينيين الحق في الحياة، فنحن شعب يطمح لحياة كريمة، والمعادلة اليوم بطرفين؛ واحد يقاتل من أجل الحياة والحرية، وآخر يقاتل من أجل استمرار الاحتلال والمستوطنات… هنا يكمن الفرق.
(أجرى الحوار: عماد الطفيلي)