دمشق —سبوتنيك- خالد الخطيب
مضى أكثر من شهرين على الهدنة الثالثة، التي نصت على وقف كافة أنواع القتال في الزبداني، حيث المسلحون محاصرون فيها، في مساحة ضيقة جداً من قبل قوات الجيش السوري ومقاتلي "حزب الله".
وشملت الهدنة وقف الاقتتال وخروجا آمنا للمسلحين منها، الذين تقدر أعدادهم بحوالي 400، وخروجهم إلى قرية "مورك" في شمال حماة وبعدها إلى ريف إدلب، معقل مسلحي "جيش الفتح"، المنضوين تحت علم "جبهة النصرة".
وأوقف هؤلاء محاولات دخولهم المستميتة إلى قريتي كفريا والفوعا، المشمولة في الهدنة، والتي تعتبر آخر نقاط تواجد قوات موالية للحكومة السورية في ريف إدلب.
ويشار إلى أنه بعد انتهاء المعارك، بقي السكان المحاصرون حتى اللحظة في بلدتي مضايا وبلودان، اللتان خرج منهما أهالي الزبداني هرباً من المعارك، وسكان قريتي كفريا والفوعا.
وفي حديث لـ"سبوتنيك "، قال محمد الشماع، مدير المكتب الصحفي لحزب "التضامن"، المتواجد في قرية بلودان المحاصرة والمحاذية للزبداني، "يعيش أهالي الزبداني المهجرون وأهالي بلودان ومضايا في ظروف معيشية واجتماعية صعبة جداً، دون وجود تحرك فعلي من قبل الحكومة السورية لتغيير الوضع".
وأضاف، "إن العام الدراسي بدأ في الجامعات والمدارس السورية، ولم يسمح لأي طالب تحمل هويته قيود الزبداني أو مضايا أو بلودان، بالخروج والتوجه إلى العاصمة دمشق للتسجيل وبدء الدوام الاعتيادي كأي طالب آخر في أنحاء البلاد، ما أدى إلى تفويتهم للعام الدراسي الجديد".
وبيّن أن الحال نفسه يواجه أهالي هذه المناطق الذين يمنع عليهم الخروج إلى دمشق، في حال كانت تحمل هويتهم الوطنية قيود نفوس الزبداني أو المناطق المحيطة بها.
وعن الظروف الخدماتية، قال، "للسنة الثالثة لم يتم توزيع مادة المازوت للتدفئة، رغم البرد الشديد في هذه المناطق ذات الطبيعة الجبلية القاسية، ولا يسمح للأهالي بالخروج حتى ولو كانت حالات إسعافية أو مراجعات طبية مستعجلة إلى دمشق، والماء والكهرباء أصبحت من الأشياء النادرة التي لم يعد السكان يذكرونها حتى".
وتابع، "إن غلاء المواد الغذائية فاق المعقول، ففي مضايا تصل أسعار السكر والشاي والمواد المستهلكة إلى عشرات الأضعاف من سعرها الطبيعي، دون وجود أي رقيب فعلي يتحكم بالأسعار".
وذكر الشماع أن خروج الأهالي يتعلق باستثناءات لم يعتد عليها المجتمع السوري، وهذا ما سيؤثر بشكل خطير على وحدة نسيج المجتمع السوري البعيد عن أي اختلافات.
وفي سياق الأحداث، أكد مدير المكتب الصحفي، "أن أكبر الأخطاء هي تعميم كلمة حاضنة اجتماعية على كل الأهالي، الذين أثبتوا في العديد من المناسبات انتماءهم وولاءهم للحكومة السورية".
وناشد الشماع بإيجاد حل سريع من قبل الحكومة، ينهي الأزمة السكانية والكوارث الحياتية الحاصلة مع الأهالي، وإعادتهم لحياتهم الطبيعية وعودة العاملين في مؤسسات الدولة إلى عملهم، والأهم إقرار استثناءات للطلاب الذين فاتتهم فرص التسجيل في المدارس والجامعات السورية.
أما على الصعيد الآخر، فلم يتمكن، حتى الآن، أهالي قريتي كفريا والفوعا، من الخروج إلى المناطق الآمنة المتفق عليها في الهدنة كمدن حمص وحماة وأريافها، ولم يتم توفير ما يلزم من متطلبات الحياة المعيشية اليومية، رغم المحاولات العديدة من قبل المنظمات الأهلية المجتمعية المتعلقة بالأهالي المناشدة للحكومة السورية.
يذكر أن الهدنة الثالثة لمدينة الزبداني وقريتي كفريا والفوعا نجحت، بعد ضغوط أممية ورعاية إيرانية تركية، بعد فشل الهدنة الماضية التي كانت دائما تخترق من قبل مسلحي "جيش الفتح" المحاصرين لأهالي القريتين، بعد شهور من المعارك التي أدت إلى تدميرهما مع مدينة الزبداني، بشكل شبه كامل.