سبوتنيك: هناك مصالحة في الغوطة الشرقية… هل لك أن تحدثنا ما تم الاتفاق عليه في اليومين الماضيين… وهل هناك عمل مشترك بينكم كوزارة مع لجنة المصالحة الوطنية في مجلس الشعب؟
حيدر: طبعاً، وزارة شئون المصالحة الوطنية مسئولة عن إدارة والإشراف على المصالحات التي تحصل على مستوى المحافظات، ولجنة المصالحة في مجلس الشعب موجودة في المحافظات… هناك علاقة تعاون بين الوزارة واللجنة… طبعاً، التعاون لا يعني أن هناك إشرافاً مباشراً، لكن اللجنة تستفيد من الوزارة وإمكانياتها، والوزارة تستفيد من الزملاء الأعضاء في مجلس الشعب في المناطق. بالنسبة للمصالحات على مستوى أرياف دمشق، هي جزء من المصالحات التي تحدث على مستوى سوريا، لأن هناك مصالحات أخرى في محافظات أخرى… لدينا الآن مشروع مصالحات في قرى القنيطرة ودرعا وحمص، ونعود إلى ريف دمشق اليوم… طبعاً، مشروع المصالحات في ريف دمشق بدأ منذ فترة طويلة، وأنجزنا كثيراً من المناطق التي حققنا فيها المصالحات، والجميع يتذكر برزة والقابون وقطية وداريا ومناطق كثيرة وأحسنية، واليوم هناك مشروع مصالحات ابتداء بالزبداني وانتهاء بدمشق، وضعت الأطر العامة والجميع اطلع عليها… تأخر التنفيذ لأسباب لوجستية تتعلق بخروج المسلحين، وكانت هناك أمس خطة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى هذه الأرياف، ومناطق ريف حلب وإدلب، دون أن ننسى أن هناك مصالحات سابقة تحتاج إلى التنفيذ… في الأسبوع الماضي، خرج عدد من المسلحين من القدسية، وبالتالي، يمكن أن يكون وضع القدسية في الفترة القادمة أفضل.
أولاً، يجب أن نفرق بين تسويات الأوضاع والمصالحات… المصالحات هي على مستوى المناطق والأرياف والأحياء، وإعادة الدولة إلى هذه المناطق… التسويات قد تحدث على المستوى الفردي، قد يكون هناك أشخاص الذين وضعهم بعيد عن المصالحة على مستوى الوطن… مجموعة الأفراد الذين تمت تسوية أوضاعهم في الفترة الماضية، على الأقل في دمشق، تجاوز ستة آلاف مسلحا مطلوباً، خلال فترة الأشهر الستة الأخيرة، وبالتالي، الآن نتحدث عن رقم إجمالي يتجاوز عشرة آلاف تسوية وضع على مستوى الوطن.
سبوتنيك: وما هي المناطق المستهدفة لعقد المصالحات اليوم؟
حيدر: بالطبع، استكمال ريف دمشق، إلى أغلب مناطق الغوطة التي نستطيع الوصول إليها… هناك مشروع يوضع على النار الحامية في ريف القنيطرة، ولدينا استكمال مشاريع المصالحة في حمص والانطلاق إلى مناطق أخرى كتلبيسة ورستن. هناك عمل يوازي العمل العسكري، وهناك مشروع المصالحات في بعض القرى التي حررت في ريف حمص الغربي، وهناك مشروع مصالحات في ريف حماة الشمالي بالتوازي مع إنجازات الجيش في الفترة الماضية.
سبوتنيك: كيف لمستم تطور الأعمال العسكرية، بعد التدخل الروسي في مكافحة الإرهاب؟
حيدر: هذا موضوع آخر، ليس له علاقة بالمصالحة، طبعاً… مشروع مكافحة الإرهاب هو مشروع الدولة السورية منذ بداية الأزمة، ومنذ قبل بداية الأزمة… كانت أدوات محاربة الإرهاب مقتصرة على الجيش السوري وعلى الدعم من الأصدقاء من روسيا وإيران، والصين إلى درجة ما… طبعاً، اليوم أصبح الدعم بمستوى أعلى، وأصبح بإمكانيات كنا نحتاجها منذ فترة طويلة، وأظن أن مشروع مكافحة الإرهاب انطلاقاً من الإمكانيات الجديدة سيحرر مناطق واسعة قد تكون نقطة انطلاق لتحرير باقي المناطق الجغرافية… الحرب على الإرهاب وتنظيف الأرض من الإرهابيين تهيئ الأجواء وتضرب البنية التحتية للمسلحين، ولكن يبقى هناك مسلحون يحتاجون إلى عملية أرضية يقوم بها الجيش السوري… ما أنجز خلال الأسابيع الماضية وفر أشهر طويلة من العمل، وقلب الموازين من جديد وأعاد القدرة للجيش السوري على الحسم على الأرض.
سبوتنيك: وهل أصبحت بعض الجماعات المسلحة أكثر استعدادا للمصالحة أم أن الأمر أخذ مناحي أخرى؟
حيدر: لم يتضح بشكل نهائي توجه المسلحين لأن العمليات العسكرية في بدايتها، ولكن من خلال التجارب في السنوات الماضية كنا نرى، عندما يستطيع الجيش السوري حسم المعركة، ويصبح المسلحون أمام أفق مسدود، يتحولون سريعا للحديث عن المصالحات والقبول للتسويات، وهذا منطق الحرب… وبالتالي، نحن ننتظر خلال الأسابيع القادمة أن تحدث سلسلة انهيارات كبيرة في شبكات الإرهاب الموجودة على الساحة، ونتوقع هروب عدد كبير من قيادات المسلحين الأجانب خارج البلاد لحماية أنفسهم بما امتلكوه حتى الآن، وبالتالي، تبقى العلاقة مع السوريين وعلى الأرض السورية أسهل في طرح مشروع التسويات والمصالحة… وبالتالي، الإنجازات العسكرية تهيئ شروطاً موضوعية جيدة لإطلاق مبادرات المصالحات في أقرب وقت.
سبوتنيك: لقد تحدثتم للإعلام أن الثلاثة الأشهر الأولى من عام 2015، ستشهد إنجازات في المصالحة… كيف تقيمون تلك الفترة خلال عملكم؟
حيدر: أنجزنا على الأرض بعض المصالحات، وقطعنا شوطاً جيدا فيها، لكن حجم الإرهاب الذي تطور خلال الأشهر الستة الماضية، قبل الدخول الروسي ومواجهة مشروع المصالحة بشكل عالمي… أستطيع أن أقول إن المشروع تعطل جزئياً في الأشهر الأخيرة… الآن الباب سيفتح من جديد بعد الحسم العسكري.
سبوتنيك: وما هو سبب تعطيل المصالحة الوطنية؟
حيدر: التعطيل سببه رفض المصالحات من القوى الخارجية المعتدية على سوريا وتوجيه المسلحين بتعطيل المصالحات وتخريبها، والتدخل الخارجي، لأن المسلحين الأجانب هم الذين كانوا يعطلون المصالحات، والفتاوى الدينية لبعض المشايخ، وهذا عطلنا في بعض المناطق … على سبيل المثال، دوما… بدينا لجنة مصالحة في دوما، وكنا نتحاور معها، وقطعنا أشواطا، وتوقف العمل، لأنها استهدفت من الجماعات.
سبوتنيك: إلى أين وصلت مساعي المصالحة الوطنية في جوبر خاصة بعد توقيف العملية العسكرية في هذه الأيام؟
حيدر: جوبر هي ساحة حرب بالأساس مثل داريا… ومع ذلك، بدينا طريق لإنجاز المصالحة… يخرج المسلحون من هذه المناطق، الآن، وبعد بدء العملية لدينا اليوم اجتماع للجنة المصالحة في جوبر، ولدينا ورقة للوصول إلى صيغة.
سبوتنيك: هل توقف العملية العسكرية يصب في إطار المصالحة؟
حيدر: الجيش له قرار في أن يعود في أي لحظة، ولكن نستطيع أن نستفيد من هذا الوقت الآن.
سبوتنيك: هل يوجد تنسيق بين وزارتكم والجيش في هذا المجال؟
حيدر: طبعاً، هناك تنسيق كامل بين وزارة المصالحة الوطنية وباقي الوزارات، ومنها وزارة الدفاع والأمن الوطني والداخلية… عندما يكون ملف يحتاج إلى معالجة وطنية، نحتاج لكل الوزارات والمؤسسات.
سبوتنيك: ماذا عن مخيم اليرموك الفلسطيني في دمشق؟ لم نسمع عنه كثيراً في الأيام الأخيرة؟
حيدر: عملياً، 80 بالمائة من سكان اليرموك سوريون… الاتفاق كان على تحييد المخيم لأسباب واعتبارات سياسية… نعالج الموضوع عبر التسوية ومشروع المصالحة… الحقيقة أن الدولة قدمت كل التسهيلات، والفصائل الفلسطينية الـ14 شكلت لجنة، وهي جاهزة للتعاون مع الدولة في كل ما تحتاج… مجموعة من المسلحين موجودين في الداخل وافقوا منذ البداية على بدء المصالحة وتسوية أوضاعهم… الذي عطل كل هذا المشروع هو المجموعات المنضوية تحت لواء "جبهة النصرة" التي دخلت المخيم من منطقة الحجر الأسود… هؤلاء بقيادتهم الغريبة والأجنبية ومرجعيتهم التي أصبحت معروفة أنها في قطر، دائما تأتي بتعليمات بتخريب المصالحات، لذلك، كنا نقطع شوطاً، وندخل مساعدات إنسانية، ونفاجأ بأن يتم تعطيل المصالحة. نحن حتى الآن نحاول إقناع هؤلاء وإيجاد صيغة لإخراجهم من المخيم… المسألة متوقفة على مئات المسلحين الأجانب.
سبوتنيك: على صعيد هذه الأيام… هل أنتم عاجزون عن إرسال المساعدات للمخيم؟
حيدر: أحيانا نستطيع إدخال، ولكن بفترات متفاوتة وبجهود كبيرة وتحت خطر عال.
سبوتنيك: ما هي نسبة المدنيين في المخيم؟
حيدر: لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد المدنيين في المخيم، لكنه قليل.
سبوتنيك: العمليات العسكرية للجيش السوري على الأرض، هل هي عائقة لإنجاز المصالحة الوطنية أم العكس هو الصحيح؟
حيدر: دائماً العمليات والإنجازات العسكرية تساعد على المصالحة نتيجة للتنسيق الجيد بين الوزارة ووزارة الدفاع… في كثير من المرات اتخذ قرار بوقف العمليات العسكرية، ولكن المسلحين يرغبون أحيانا في إطالة أمد الحوار والمصالحات لكسب وقت لتغيير الواقع الميداني على الأرض.
سبوتنيك: وزير الإعلام السوري تحدث لـ"سبوتنيك" بأن سوريا أقرب إلى موسكو-3 منها إلى جنيف-3، معللاً ذلك بما حدث في موسكو-2… أنتم كحزب معارض ما رأيكم؟ وهل تعتبرون أنفسكم أقرب الى موسكو-3؟
حيدر: في آخر زيارة إلى موسكو، في لقاء مع السيد (ميخايل) بوغدانوف والسيد (فيتالي) ناومكين، كنت أصرح بأننا مع موسكو-3 ولسنا مع جنيف-3… جنيف-3 هو استحقاق سياسي دولي يبدأ، عندما يصبح هناك توافق دولي على تأمين بيئة على إطلاق الحوار السوري، وإلا سيصبح مضيعة للوقت، أما موسكو، فهي لتهيئة الأجواء المناسبة لإطلاق العملية السياسية والحوار… مازلنا بحاجة إلى جولات موسكو لمزيد من التهيئة لإطلاق الحوار الوطني… نحن بالتأكيد بحاجة إلى موسكو-3 لتكون مرحلة جديدة للتحضير للحوار الوطني.
سبوتنيك: سيادة الوزير، روسيا حتى الآن لا تعتبر الجيش السوري الحر منظمة إرهابية، هل يوجد أمل للتعاون معهم في مجال مكافحة الإرهاب؟
حيدر: القيادة الروسية كانت واضحة… أين هو الجيش الحر؟ وأين عناوينه ومن هم قادته؟ هناك تشكيلات عسكرية، هناك مجموعات مسلحة تسمي نفسها الجيش الحر، ليس لها قيادة موحدة، ليس لها ارتباط، ليس لها برنامج، ليس لها رؤية.
هي بالأخير مجموعات خارجة عن القانون وخارجة عن إرادة الدولة وتقاتل الدولة… روسيا من باب الدبلوماسية تقول، إن كانت هناك مثل هذه المجموعات لتتفضل ونحاورها… لا مانع من الحوار… نحن نتواصل مع مجموعات مسلحة ونحاورها، ولكن لغاية إعادتها لحضن الوطن ولتسوية أوضاعها، والاستفادة منها… أنا أظن أن القيادة الروسية طرحت ما طرحته من باب مواجهة الحجة بالحجة، وليس لفتح الباب لأن تشرعن مثل هذه الحالات.
سبوتنيك: باختصار، ما هو رأيكم بالفرق بين ما يسمى بالجيش السوري الحر والجماعات الإرهابية مثل "داعش" و"جبهة النصرة"؟
حيدر: لا فرق كبير من حيث توصيفها على أنها مجموعات تقاتل الدولة وتخرب وتعطل وأساءت إلى الدولة السورية وإلى منظومتها.
سبوتنيك: ولكن الفرق هو فقط في الأيديولوجيا، في طريقة التفكير، ولكن في النتائج على الأرض هي واحدة.
صحيح أن المجموعات الأخرى لها ارتباطات خارجية، ولكن حتى ما يسمى الجيش الحر له ارتباطات خارجية، المجموعات الأخرى قبضت أموالا وأسلحة وتدريب وهذه المجموعات تلقت أموالا وأسلحة وتدريب… وبالتالي هي ليست حرة في اتخاذ قرار، لأنها هي مرتبطة بالدول التي تمولها وتسلحها وتدربها، وتحديداً أميركا، وهي الأخطر على سوريا.
سبوتنيك: الأفعال على الأرض هل تتشابه بين جبهة النصرة والجيش الحر؟ الإعدام، التخريب مثلاً.
حيدر: قد يكون بالشكل إعلامياً… بالتصدير الإعلامي أقل، ولكن لا فرق بين من يُقتل برصاصة ومن يُقتل بقطع الرأس.
سبوتنيك: سيادة الوزير برأيكم العمليات الجوية الروسية في سوريا، هل ستسرع النصر لقوات الجيش السوري والقضاء على الإرهاب؟
حيدر: مئة بالمئة… دون شك… هي أحدثت تحولاً نوعياً في مسار المعارك على الأرض، وهي ستؤمن بيئة جيدة جداً لإنجازات رأيناها على الأرض.
(أجرى الحوار: ميخائيل علاء الدين)
