ذلك لأن دعم مثل هذه المعارضة، التي تبدو مزعزمة بالأساس، كمحاولة لتوفير ورقة توت للولايات والمتحدة الأمريكية ومعسكر الحلفاء التابع لها، تخفى به فشلها التام في خلق وهم ما يسمى بالمعارضة التي تحاول اسقاط النظام الديكتاتوري في سوريا، وهو ما يخالف الحقيقية تماما. وقد وردت في ذهني تساؤلات عديدة بهذا الشأن منذ بدء الاحتجاجات في سوريا، وخلال مرحلة التحول نحو العمل المسلح ضد السلطة في سوريا، واليوم ونحن نشاهد العديد من القوى الإرهابية التي تدعمها الولايات المتحدة وهي تقتل، وتحرق، وتدمر بلا هوادة. لم يتناول أحد هذه الفكرة أبدا منذ بدء الصراع في سوريا وحتى الآن، وإن كان التدخل الروسي المباشر في سوريا في 30 سبتمبر من العام الجاري قد ألقى حجرا في الماء الراكد، وهذا يتطلب المزيد من التركيز وتناول الأمر على نحو واقعي يساعد على كشف الحقائق التي توارت خلف الأكاذيب التي يتم التسويق لها حتى قبل بدء الصراع المسلح على الأراضي السورية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والحلفاء.
ولم يحسن المعسكر الغربي — الذي قام بإصرار ودأب بدعم ومساندة هذه الجماعات المسلحة بالمال والسلاح — فهم أبعاد الواقع جيدا، وإدراك القدرات الحقيقية للقوات السورية التي تقاتل هذه التنظيمات الإرهابية، تلك التي يطلقون عليها "المعارضة"، وهناك فارق كبير بين التسميتين، المعارضين والإرهابيين، وإن كانا في الحقيقة يشيران إلى كيان واحد يهدف إلى سقوط الدولة وزعزعة الاستقرار في المنطقة بأكملها، بعيدا عن ادعاءات الحرية ومصالح الشعب السوري الذي يشهد أسوأ كارثة في تاريخة. من الأهمية أن ننظر إلى هذه المجموعات المسلحة بشكل موضوعي لنرى حقيقتها، تلك المجموعات التي تطلق عليها الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الأوروبية والحلفاء المخلصين "الجيش الحر". أكثر هذه المجموعات المسلحة عبثا وارباكا في الوقت ذاته هي المجموعة التي يطلق عليها "جيش سوريا الحر"، وهو تنظيم عسكري رحب به البيت الأبيض والبنتاجون منذ البداية، وهو ما يثير الشكوك من البداية، خصوصا في ضوء وثيقة ويكيليكس التي أظهرت في وقت سابق من العام الحالي الخطة الأمريكية لاسقاط النظام السوري. هذا التنظيم العسكري ظهر بفضل تعاون وثيق بين المخابرات الأمريكية ونظيرتها الفرنسية، بالتعاون مع أجهزة مخابرات في دول أخرى حليفة، تشكل بالأساس من منشقين عن الجيش السوري.
ومن الملفت أن علم الجيش السوري الحر يمثل راية الحرب الفرنسية أثناء سيطرة فرنسا على هذه الأرض من الشام خلال الفترة بين 1923 و 1946. هذا إضافة إلى أن جزء من المقاتلين في هذا الجيش من الأجانب هم ممن أطلقوا على أنفسهم محاربي القوقاز. هناك أيضا الحركة الاسلامية لأحرار الشام التي تدعمها تركيا وقطر، التي انتهى بها المطاف بدعم داعش وجبهة النصرة التي تمثل القاعدة. لم تحظ أي من هذه التنظيمات بأي دعم من الشعب السوري، حتى بين المعارضين للرئيس بشار الاسد. اليوم تحاول كل من واشنطن، باريس، لندن تدشين حملة إعلامية من أجل إظهار هذه التنظيمات المسلحة على أنها تنظيمات ثورية شكلها "ثوار في خدمة الشعب" في محاولة منها لتشويه والتشويش على طلعات سلاح الجو الروسي التي وجهت نحو الإرهابيين المأجورين، بطلب من السلطات السورية.
المقالة تعبر عن رأي صاحبها.