بحثت وكالة "سبوتنيك" الروسية، عن الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا، وعلى رأسها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي جمع لنفسه ثروة لا تُقدر بثمن في المنطقة، فالتقت الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، الذي تحدث لوكالتنا بشكل تفصيلي جريء جداً عن الدعم الدولي للإرهاب:
سبوتنيك: الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، الباحث في شؤون الجماعات المسلحة، هشام الهاشمي، من وراء تمويل الإرهاب في العراق وسوريا ؟
الهاشمي: عجز مئات من مختصي الإرهاب والإعلام وخبراء الجماعات المسلحة من إثبات بالدليل "العلاقات السرية بين تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، أبرز التنظيمات الإرهابية في العالم حالياً، ونظام سياسي دولي رسمي علني أو مخابراتي سري، حتى اليوم.
يؤكد الهاشمي، أن تنظيم (داعش) يمول من خلال تعاطف تجار وأصحاب رؤوس أموال خليجية وآسيوية وأوروبية إسلامية غير حكومية ومتبرعين الجمعيات الإغاثية الإسلامية أو من يعمل خلالها.
وعدد الهاشمي الجهات الراعية للجماعات المسلحة والداعمة لها، في العراق وسوريا وهي:
قطر
تتربع قطر على عرش الدول الداعمة للتنظيمات الإرهابية والمسلحة في المنطقة، مثلما صرح الهاشمي، قائلاً "إن قطر مُتهمة بتمويل جبهة النصرة وأحرار الشام ولواء التوحيد في سوريا، والجيش الإسلامي في العراق وجيش المجاهدين وأنصار السنة الهيئة الشرعية وكتائب ثورة العشرين وحماس العراق.
ومُتهمة برعاية الحملة العالمية لمقاومة العدوان، وترعاها بواسطة الأكاديمي القطري، عبد الرحمن بن عمير النعيمي، وترتيب نقل أموال خطف الرهائن وتحريرهم بوساطة قطرية وهذا أحد أساليب تمويل الإرهاب، ومتهمة أيضا ً، بدعم خلايا إخوانية داخل الجامعات السعودية، وبروز عدد من تلك الأسماء في شبكات التواصل الاجتماعي محاولة ترويج لفكر معارض لبعض الدول الخليجية خاصة السعودية.
فرنسا
تُساهم فرنسا في تسهيلات لبعض الفصائل وتقوم أيضا بتمويل حزب (البي كي كي) الكردي الموالي لإقليم كردستان لكي تملك أوراق تواجد على أي طاولة تسوية.
بريطانيا
ألمح الهاشمي في كلامه، إلى أن بريطانيا تسند الجمعيات والمنظمات الساندة للفصائل المسلحة في العراق وسوريا، عدا القاعدة و(داعش) وتدرب بعض عناصر المعارضة السلمية لكي تتعامل من خلالهم مع أي سيناريو سياسي في المنطقة.
أوروبا ودول الشرق الأوسط
الدعم الشعبي للفصائل المسلحة السنية في العراق وسورية، يأتي معظمه من المتبرعين الأوربيين وأهل الخليج ويتوزع على الفصائل المسلحة من خلال شخصيات خليجية، ويدخل العراق وسورية على شكل غسيل أموال من خلال تجار وأعضاء برلمان وجمعيات إغاثية وخيرية، مثلما ذكر الهاشمي.
وتتولى كل من الأردن، وتركيا، وقطر، توفير الإقامات والدعم الإعلامي ،والتدريب، وفرص التعليم لقيادات وعوائل الفصائل المسلحة، في العراق، والجارة سوريا.
وحدد الهاشمي دور الإمارات العربية المتحدة، بوصفها مركز تجاري تقوم بتمرير صفقات غسيل الأموال واستثمارات قيادات هذه الفصائل المسلحة.
سبوتنيك: تصريحات تصدر عن مسؤولين عراقيين وعرب، تتهم الولايات المتحدة الأمريكية، أو إيران، أو السعودية والخليج العربي، في تمويل تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، ما صحة ذلك ؟
الهاشمي: من يقول أن (داعش) سعودية، أو أمريكية أو إيرانية، هل من وثائق تدعم الادعاء بأن هناك تمويل حكومي خليجي أو إيراني أو أمريكي لهذا التنظيم؟، أني أعتقد أن التنظيم، ليس بعيداً عن تلك الشكوك والظنون ولكن أين الإثبات؟.
ويشير الهاشمي، إلى بعض المشايخ ورجال الأعمال في السعودية ساعدوا في تأسيس (جيش المجاهدين والجيش الإسلامي في العراق وكتائب ثورة العشرين والجبهة الإسلامية وأحرار الشام) بمساعدة المخابرات الأردنية وبرعاية أموال تجّار من العراق والخليج، والهدف، إيقاف المد الشيعي وكسر الهلال الشيعي.
يتهم الهاشمي، أمريكا بغض البصر عن تمويل الكثير من فصائل المسلحة السلفية والإخوانية" جيش المجاهدين والجيش الإسلامي وجيش أنصار السنة وحماس العراق وكتائب ثورة العشرين وجامع والجبهة الإسلامية وأحرار الشام والجيش الحر" وتسمح بالاتصال بهم بشكل فردي حتى تضمن عدم توحدهم من جهة وانصياعهم لقيادة موحدة من جهة أخرى.
سبوتنيك: ما هي مصادر أموال (داعش) ؟
الهاشمي: أموال (داعش) هي إتاوات من المقاولين والتجار في المناطق العرب السنة، والسيطرة على الطريق السريع وأخذ الإتاوات من صهاريج نقل المنتجات النفطية وشاحنات نقل البضائع على الطريق الدولي الرابط بين العراق وسوريا والأردن، وكذلك أموال الفدية من الخطف والسلب التي تقوم به المفارز الأمنية، والغنائم التي يحصلون عليها من صولاتهم على المقرات الحكومية، ويُلاحظ من خطوط التمويل السابقة أن تمويل الإرهاب يعتمد في غالبه على حلفاء دائمين وهذا مالا تحظى به الحكومة العراقية والنظام السوري وهنا مكمن الخطر.
سبوتنيك: الحكومة العراقية دعت في محافل دولية عدة، إلى ردع الجهات الداعمة للإرهاب وقطع موارده، لماذا لم تتم تلبية المطالب من دول العالم؟
الهاشمي: لا يمكن إيقاف الدعم الدولي للفصائل بتطبيق قوانين الإرهاب أو التضييق على جمع التبرعات، بل يجب أن يواجه بتحرك سياسي باتجاه السعودية وتركيا والأردن حتى تشارك تلك الدول مع التحالف الدولي للقضاء على الجماعات المتطرّفة، حرب الإرهاب في العراق وسورية مكلفة وطويلة وهذا النوع يحتاج لمصادر تمويل ثابتة كحقول النفط وآتاوات الطرق الرئيسية ومعابر الحدود والاستثمار، ولابد من السيطرة الأمنية الحازمة والتحكم الإداري الشديد بالحدود والطرق الرئيسية ومبيعات النفط والآثار.
وفي حوار مُنفصل مع الخبير الاقتصادي العراقي البارز، باسم جميل أنطوان، تحدث لـ"سبوتنيك"، عن المردود المالي لتنظيم (داعش) الذي يُسيطر على مساحات واسعة من العراق وسورية.
ووجه أنطوان، إتهامات لدول من الخليج العربي لم يُسمها، بتقديم مساعدات مالية كبيرة، عبر منظمات سرية مُنتشرة في العالم، إلى تنظيم (داعش) وبقية التنظيمات الإرهابية والمسلحة، في بدايات تشكيلها.
عندما دخل عناصر (داعش)، الأراضي العراقية، أول عمل قاموا به، السطو على الآثار النفيسة التي لا تُقدر بثمن، في محافظات نينوى أرض الثيران المجنحة التي يُقدر عمر الواحد منها بـ7آلاف سنة، وبيعها بمبالغ ضخمة.
ثم وضعوا أيديهم على الكنز الأكبر للعراق، وهو النفط، وبيع الخام منه إلى مصافي صغيرة تعود للقطاع الخاص في تركيا بالتواطئ مع أفرد أكراد، وحسبما كشف أنطوان، أن ما يُقدر بـ350 ألف برميل، الطاقة الإنتاجية النفطية التي سيطر عليها، (داعش) في العراق.
مُتداركاً، لكن اعتماد التنظيم على الطرق البدائية في استخراج النفط من الحقول وتكريره، مكنهم من استخراج وبيع نحو (50-60) ألف برميل، تُباع باسعار مُخفضة في المنطقة، لعدم استطاعهم من تصديرها على خارج العراق.
وتضاف إلى موارد النفط والآثار، أموال ضخمة وقعت بيد تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، وسرق خزائن الحكومة العراقية وبنوكها، وفرض آتاوات على السكان المحليين، كما أستولى بالكامل على أموال الأقليات وممتلكاتهم ومنهم الايزيديين، والمسيحيين، وأجبر النساء على خلع حُليهن الذهبية عند تهجيرهنَّ من نينوى ومركزها الموصل.
شاهد على سرقات "داعش" في الأنبار
تحركت الخلايا النائمة لتنظيم (داعش) في الأنبار والموصل، بجمع أموال ضخمة من تجار النفط والمواد الغذائية والبضائع والمنافذ الحدودية الفاصلة بين العراق وسوريا والأردن، والسعودية.
وتحدث شاهد عيان من الأنبار، أطلق على نفسه أسم أبو عماد، لوكالتنا، عن عمليات استيلاء على صهاريج للنفط ومشتقاته، والمواد الغذائية في الأنبار من قبل خلايا (داعش)، النائمة في المحافظة التي تُشكل وحدها ثلث مساحة العراق، غرباً.
ويقول أبو عماد، كان هُناك اتفاقاً بين ضباط فاسدين في الجيش العراقي، مع إرهابيين من خلايا (داعش)، يقضي بالإستيلاء على ناقلات الوقود التي تصل الأنبار، القادمة من بغداد ومصفاة بيجي، شمال محافظة صلاح الدين.
أو بالإتفاق مع سائق الناقلة، أو مع تجار النفط أو مدراء كل محاطات الوقود في الأنبار الذين كان عناصر التنظيم يأخذون منهم مبلغ قدره سبعة آلاف دولار أمريكي شهرياً مقابل السماح لنقالاتهم أو اسطوانات الغاز المنزلي، بالعبور.
ويؤكد أبو عماد، أن من كان يمتنع عن دفع الآتاوة لداعش، يتم قتله أو إحراق مخازنه إذا كانت غذائية أو تجارية، وتم اختطاف أحد تجار النفط من قبل التنظيم لأنه رفض أن يدفع للدواعش أتاوة، وطلبوا عليه فدية تبلغ نحو 180 ألف دولار أمريكي.
ولم يبقَ شيء في الأنبار ولم يسرقه (داعش) عند استيلائه على أراض واسعة منها تضم أكبر ثروات العراق الحيوانية والسمكية، ونقل ممتلكات وأجهزة المدنيين والدولة إلى الرقة لبيعها، بأسعار تنافسية شملت حتى الملابس الداخلية المسروقة من غرف العراقيات النازحات.
موارد الموصل
مازال حجم مبالغ بيع آثار العراق التي استولى عليها (داعش) في الموصل، شمالي بغداد، التي تضم أقدم المُدن الأثرية وأشهرها في العالم، مجهولاً حتى اللحظة، لكن علمت "سبوتنيك"، من رئيس شبكة إعلاميو نينوى، رأفت الزراري، أسعار بيع النفط والغاز السوري في الموصل.
ويتراوح سعر لتر البنزين السوري الذي يبيعه (داعش) في الموصل، ما بين أكثر من نصف دولار إلى دولار ونصف، أما النفط، فاللتر الواحد منه بدولار، واسطوانة الغاز المستخدم منزلياً تباع بـ35 دولار.
ونوه الزراري، إلى أن النفط العراقي، يُنقل من الموصل، إلى سوريا، لبيعه بإسعار مختلفة.