وأكد الألفي أن أجندة الدول الغربية في التعاطي مع الأزمة السورية خاطئة، وهناك تصفية حسابات دولية على أرض سوريا، وذلك على حساب شعبها، أما بالنسبة للعراق فهناك قوى دولية تريد بقاء الوضع في العراق على ما هو عليه… ونحن أمام معضلة ستنتهي بشكل أو بآخر بمواجهات لن يحمد عقباها.
وفيما يلي نص الحوار..
سبوتنيك: هل سيؤدى الحادث الإرهابي الأخير في فرنسا للتضيق على العرب والمسلمين؟
الألفي: بداية لابد من تقسيم الموضوع إلى عدة نقاط… هنالك مهاجرين أصبح لهم جذور فرنسية وصاروا من أعمدة البلاد الرئيسية، أما الجزء الآخر من المهاجرين غير الشرعيين، فكانت فرنسا ترعاهم وتقدم لهم خدمات.
وفيما يتعلق باللاجئين السوريين الذين وفدوا مؤخراً، هنالك غضب وعدم ترحيب بوجودهم في فرنسا، ولاسيما عقب الحادثة، لأنه ربما تكون اندست عناصر من تنظيمات متطرفة بين هؤلاء، في ظل تزوير الهويات السورية، الذي انتشر في الآونة الأخيرة.
أما بالنسبة لجواز السفر الذي وجد في مسرح الحادث، فكان لمواطن سوري لم يتم تسجيل دخوله إلى فرنسا، حيث دخل كلاجئ عن طريق اليونان، وهناك فرق بين من ينتمون لجماعات متطرفة والمسلمين المعتدلين… وصرح رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، في لقاء تلفزيوني، بأن السلطات الفرنسية ستطرد الأئمة المتشددين، لأن وجودهم أنتج أجيالا أصبحت فريسة للتنظيمات الأخرى، ففكر الأئمة المتشددين يصب في مصلحة التنظيمات المتطرفة.
وهناك دول عربية طالبت الدول الغربية، ومن ضمنها فرنسا، بأن تحتاط من وجود أئمة متشددين في المساجد، لكن دول الغرب كانت تنظر إلى أن ذلك يأتي في إطار الديموقراطية وحقوق الإنسان.
تنفيذ العمليات الست تم في وقت واحد، ما يؤكد أنه بما لا يدع مجالا للشك أن حجم العملية والتوقيت يوضح وجود دعم معلوماتي خارجي يتجاوز حجم تنظيم "داعش".
لابد أن ننظر إلى طريقة تنفيذ العمليات من خلال التوقيت والمعلومات، وسنكتشف أن جهة أكبر من تنظيم "داعش" الإرهابي تقف وراء الحوادث.
سبوتنيك: لماذا يتم استهداف فرنسا تحديداً، دون غيرها من دول أوروبا؟ وهل سيرتد الإرهاب في سوريا والعراق إلى الدول الأوروبية؟
الألفي: أرى أن فرنسا تم استهدافها، لأنه هناك مؤسسات وأجهزة دولية تتقاطع مصالحها مع التنظيمات الإرهابية… دولة فرنسا خرجت من العباءة الأمريكية بشكل أو بآخر في تعاملها مع صفقات اقتصادية وعسكرية مع دول الشرق الأوسط… وكانت هناك ضغوطات أوروبية على فرنسا لعدم بيعها حاملة الطائرات "ميسترال"، ودخلت مصر على خط المفاوضات، وتم إنهاء الصفقة بهدوء، وبدأت فرنسا تلعب سياسة خارجية بشكل جيد، ويتم الآن معاقبة فرنسا بشكل أو بآخر لخروجها خارج العباءة الأمريكية.
سبوتنيك: ما هي تداعيات الحادث الإرهابي الأخير على الاقتصاد الفرنسي؟
الألفي: لقد بدأت تحدث للاقتصاد الفرنسي استفاقة، بعد فترة من الانكماش… فرنسا لديها عجز يقدر بـ 52 مليار يورو… عجز في الموازنة، ولا تزال أزمة اليونان والديون دفترية… ووصل العجز لما قرب من 100 مليار يورو، لأن اليونان لا تسدد ديونها.
فرنسا مقصد سياحي عالي جداً، والعمليات الإرهابية جاءت لضرب السياحة في البلاد… فتصدير مشهد واحد أن فرنسا بلد غير آمن يعني تراجع استثمار أو من كان يفكر فسيتراجع، لأن الأمن يشجع من يريد أن يطمئن على أمواله في الاستثمار، ويجب أن نبحث عن الدول التي تسعى للحصول على استثمارات وتضر باقتصاد فرنسا، كي نعرف المستفيد من وقوع العمليات الإرهابية في هذا التوقيت.
سبوتنيك: عقب الأحداث الإرهابية في فرنسا، هل سيدفع ذلك الدول الغربية لحل للأزمة؟
كان هناك اجتماع في فيينا، أول أمس، والحديث كان يدور حول ضرورة رحيل (الرئيس السوري) بشار الأسد، كي يتم حل الأزمة في البلاد… لكن لابد من دعم الدولة السورية، والحلول التي تقدمها تلك الدول أنه تكون سوريا فيدرالية ولكن على أسس عرقية ومذهبية، وهو ما سيدفع لصراع أكبر في تلك الدول، ولا يتحدثوا عن كيان الدولة، ولكن حديثهم عن كيان الدولة لا يختلف عما حدث في ليبيا والعراق وما تلاها.
الموقف الروسي واضح ويرتكز على ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية… موسكو أعلنت أنها تسعى للحفاظ على الدولة السورية، لكن هناك تعامل من قبل الغرب مع الجماعات المتطرفة، يذهب بها للاعتراف بوجودها على الأرض، في مقابل عدم التعامل مع مؤسسات الدولة السورية… هذا يؤكد أن هناك ازدواجية في التعامل مع أزمة سوريا.
وأجندة الدول الغربية في التعاطي مع الأزمة السورية خاطئة… هناك تصفية حسابات دولية على أرض سوريا، وكل ذلك على حساب شعبها.
أما بالنسبة للعراق، هناك قوى دولية تريد بقاء الوضع في العراق على ما هو عليه وهذا الموضوع بدأ منذ عام 2000، وشاهدنا ما حدث في نهاية عام 2010، وظهور، ما أصبح يطلق عليه، ثورات الربيع العربي، وهي ليست كذلك للأسف… لكن نحن أمام معضلة ستنتهي بشكل أو بآخر بمواجهات لن يحمد عقباها.
(أجرى الحوار: أحمد البنك)