لم يمض شهران على الضربات الروسية الجوية بالتوازي مع العمليات البرية المركزة للجيش السوري، حتى تمكنوا من استعادة مئات الكيلومترات من أراضي البلاد في أرياف حماة وحلب وحمص في وسط البلاد، ماحث آلاف السوريين من الخارج على العودة إلى أراضيهم بمناسبة هذا التقدم.
عائدون من الخارج
تحدثت "سبوتنيك" مع العديد من السوريين العائدين إلى سوريا، على وقع إيجابية الضربات الروسية ومنهم "علي" من ريف السلمية، فقال: "كنت أعيش في ريف مدينة السلمية واشتدت المشاكل، واضطررنا للهجرة أنا وعائلتي خارج البلاد وتحديدا إلى لبنان، وصعبت علينا الظروف السيئة وخصوصا في العاصمة بيروت بسبب المضايقات العديدة من السكان هناك بعد العديد من الأحداث، ولم تكاد تحرر قريتي على يد قوات الجيش السوري المدعومة من القوات الجوية الروسية التي تمكنت من القضاء على عشرات الأرهابيين في محيط قريتي بسبب طبيعتها الصحراوية، حتى عدت مباشرة إلى منطقتي لأتابع حياتي الطبيعية"
أما سهيل ايشوع، التاجر من سكان محافظة الحسكة، فيروي لـ "سبوتنيك"، عن المأساة والضغوطات التي تعرض لها في بلد المهجر والاغتراب قائلاً: سافرت أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة إلى دولة السويد وبقيت حوالي العام والنصف، هرباً من الأوضاع السيئة التي حلت ببلدنا ومن الإرهابيين وعناصر "داعش" الذين حولوا حياتنا إلى جحيم، فالوضع الاقتصادي والمعيشي أصبح صعباً جداً، وتهديدات العصابات الإرهابية، أجبرتنا على الهجرة وبيع كل ما نملك في سورية للبدء بحياة جديدة آمنة في بلد الاغتراب.
يتابع "ايشوع"،ولكن ما كنا نحلم به ونخطط له كان مجرد وهم، فخلال تواجدنا في دولة السويد تعبنا كثيرا فالضغوط كثيرة، وشعورنا بعدم الأمان ازداد، ونقص التمويل وتقليص المساعدات وخفض برنامج الأغذية العالمي المساعدات الغذائية التي يقدمها لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين في المنطقة إلى النصف.
ويقول ايشوع يتلقى اللاجئون مساعدات غذائية قيمتها 13.5 دولار شهريا للشخص الواحد، وهو نصف المبلغ الذي كانوا يحصلون عليه من قبل، يقول البعض إنهم لا يحصلون على مساعدات على الإطلاق، لذلك اتخذت القرار الصحيح وهو العودة إلى بلدي سورية وخصوصا بعد العمليات الحربية للجيش السوري في الشمال والطيران الحربي الروسي صاحب الدور الكبير في العمليات، والذي تمكن من ضرب عشرات المقرات لتنظيم "داعش" الأرهابي، وأبعدهم عن ديارنا وعن مناطقنا وبالنتيجة كان قراري أنا والعشرات من الأهالي العودة إلى بلدنا رغم آلام الحرب والأعمال الإرهابية ولكن في بلدك تعيش بعزة وكرامة ولا يوجد شيء يعوض عن حنان الوطن.
من جهة ثانية يتحدث الشاب الصحفي، عمار ياسين لـ"سبوتنيك" عن رحلته الصعبة قائلاً: بدأت رحلة المجهول إلى أوروبا على أمل بحياة أفضل تزيل آثار خمس سنوات صعبة على جميع الأصعدة، واتخذت قرار السفر وليس الهجرة نهائيا، قرارا لم يكن سهلا وخاصة فراق الأحبة وفراق مهنتي بالصحافة.
وتابع، "بعد الضربات الروسية "الموجعة"لعناصر تنظيم داعش بدأت بمرحلة التفكير الحقيقية للعودة إلى الوطن وحالي كحال الكثيرين من زملائي الذين يتمنون العودة في أي لحظة تهدىء فيها الظروف بشكل حقيقي "
أما"عبدو"، أحد سكان حلب فقال: "أتخيل اللحظة التي تعلن فيها حلب منطقة أمنة مع ريفها بشكل كامل حتى أعود إليها أنا والعديد من شباب الذين اضطررنا للخروج إلى تركيا لكي نستطيع الحياة ولو بشكل قسري ريثما ترجع مدينتنا إلى حالها، والآن وخصوصاً بعد التفاؤل الكبير، والذي حصلنا عليه بعد عمليات الجيش السوري والطيران الحربي الروسي الذي اصطاد عشرات الأرهابيين في ريف حلب، أعتقد أن أمر العودة أصبح قريبا جدا"
احصائيات الهجرة
كشف تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرة السورية، أن محافظة حلب جاءت في المرتبة الأولى بالهجرة بنسبة 21،0% ، تليها محافظة دمشق بنسبة 19،3 % ، لتكون محافظة الحسكة في المركز الثالث على مستوى سورية من حيث نسبة المهاجرين منها.
واحتلت محافظة إدلب المركز الرابع بنسبة 7،4 %، لتليها محافظة ريف دمشق بنسبة 6،6% ، فيما احتلت محافظة حمص المركز السادس بالهجرة بنسبة 5،9% ، لتتبعها محافظة دير الزور بالمركز السابع بنسبة 5،7%، وتأتي محافظة درعا بالمحافظة الثامنة بنسبة 5،1 % ، واحتلت محافظة حماة المرتبة التاسعة في الهجرة السكانية بنسبة 4،0%، لتكون محافظة الرقة بعدها بدرجة بنسبة 2،8 %.
وتأتي محافظة القنيطرة بالمرتبة الحادية عشر بنسبة 1،6% ومحافظة اللاذقية بالمرتبة الثانية عشر بنسبة 1،5 % وتلتها محافظة السويداء بنسبة 0،5 % لتكون محافظة طرطوس بالمرتبة الأخيرة بنسبة 0،2 % في الهجرة.
معلومات دقيقة
يذكر أن غالبية العائدين إلى سوريا من الخارج، تركزت أعدادهم وبشكل كبير في مناطق وسط البلاد، كأرياف حمص الشمالية وحماة وحلب الجنوبية والغربية وخصوصا بعد تحرير مطار كويرس، ومناطق الساحل التي بدأت تنشط الحركة الأقتصادية فيها بعد تكثيف الأعمال الجوية هناك، والزيارات العديدة للصحفيين من كل أرجاء العالم لتغطية أماكن انطلاق الضربات الروسية.