طبعا هنا عنى عادل الجبير بالمعارضة المسلحة كل التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة وجيش الفتح وجيش الإسلام التي تقاتل ضد الجيش السوري، وهذه التنظيمات المسلحة الإرهابية التي تدعمها السعودية، بنفس الوقت تحاربها روسيا وتوجه لها ضربات بواسطة طائراتها الحربية التي تنظلق من القاعدة الجوية "حميميم" في مدينة جبلة، أي أن روسيا تحارب التنظيمات المدعومة علنا من قبل المملكة السعودية على أرض المعركة في سوريا. وكانت المملكة السعودية قد شجبت الضربات الروسية الجوية للتنظيمات الإرهابية في سوريا واعتبرتها عدوانا، لأنها تعتبرها معارضة مسلحة تعمل على إسقاط النظام السوري وهو الهدف الرئيس للمملكة، في حين أن هذه التنظيمات مدرجة على قائمة الإرهاب الدولي بقرار من مجلس الأمن. طبعا السعودية تدعم التنظيمات الإرهابية، ولكن بالمقابل روسيا تحاربها، وهنا نستطيع القول إن هناك حرب شبه معلنة بين السعودية وروسيا. ومن المعروف أن السعودية تستطيع تجنيد عناصر من خلال الفكر الوهابي والمال النفطي من كل الدول الإسلامية في حروب لا تخوضها بنفسها، طبعا مصر ليست استثناء حيث يوجد فيها أيضا فرع تنظيم داعش في "ولاية سيناء" كما يسميها الإرهابيون، وهؤلاء يمكن استخدامهم بحفنة دولارات بالإضافة إلى الفكر الإرهابي الذي يحملونه، وهم لا شك يريدون الثأر من روسيا بأي طريقة كانت، كما تريد أيضا السعودية، التي عولت كثيرا على الإرهابيين في سوريا بالانتصار على الجيش السوري، لكن التدخل الروسي بالطيران الحربي غير رجحان كفة المعركة لصالح الجيش السوري. إذا السعودية عمليا تحارب روسيا بدعمها للتنظيمات الإرهابية التي تطلق عليها معارضة مسلحة، ولكن لم تعد تستطيع فعل شيء أمام الطيران الحربي الروسي الذي جعل الدعم السعودي بالمال والسلاح للمسلحين هباء منثورا. وهنا لا بد للسعودية بأن تثأر من روسيا، فكانت عملية تفجير الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ وراح ضحيتها 224 مواطنا روسيا. ولا بد من التذكير بتصريحات الدبلوماسيين الروس على أعلى المستويات والتي هي نقيض للتصريحات السعودية بالمطلق. فردا على كل من يتحدث عن تغير الموقف الروسي إزاء الرئيس بشار الأسد أكد دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي أن موقف روسيا إزاء مصير الأسد لا يزال ثابتا، مشيرا إلى أنه " لا يحق لأحد أن يملي على الرئيس السوري أن يستقيل أو لا، فمستقبل كل من الأسد والقيادة السورية لا يقرره إلا الشعب السوري". وأكد بيسكوف ألا تغيير في مواعيد العملية الروسية في سوريا، قائلاً "لا توجد أي تغييرات في هذه الحالة. وتجدر الإشارة إلى أن هجوم الجيش السوري مستمر، ولا يمكن مكافحة "داعش" بفعالية من الجو فقط، والعملية البرية أساسية وضرورية" مضيفاً أن "القوة الوحيدة التي تجري العملية البرية تتمثل في الجيش السوري الذي تدعمه القوات الجوية الفضائية الروسية أثناء فترة الهجوم". ومن جهته اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن اشتراط رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لتوحيد الجهود ضد الإرهابيين "غير مقبول". طبعا وقبل ذلك صرح الرئيس بوتين بأنه سيجد المجرمين الذين فجروا الطائرة الروسية والقضاء عليهم أينما كانوا على الكرة الأرضية. كل هذه التصريحات من أعلى سلطة في موسكو ما هي إلا رسالة للذين يدعمون الإرهابيين في سوريا وعلى رأسهم المملكة السعودية، أن روسيا لن تنسى ضحاياها الذين سقطوا بفعل الإرهابيين الذين تدعمونهم في سوريا، وغير سوريا. فهل وصلت رسالة الرئيس بوتين ووزير الخارجية الروسية والكرملين لهؤلاء الذين ما زالوا يتحدثون عن دعم الإرهابيين في سوريا وفي العراق؟ وهل تستطيع السعودية مهما ملكت من مال نفطي مواجهة العملاق الروسي؟ إن الشهور القادمة وربما الأسابيع القادمة ستتحفنا بالمفاجئات، فالرئيس الروسي اتخذ القرار بالقضاء على الإرهابيين أينما كانوا لأنه أقسم أن يجد الإرهابيين الذين كانوا سببا في مصرع المواطنين الروس الذين أرادوا العودة بعد استجمامهم على شواطئ البحر الأحمر في شرم الشيخ إلى بلدهم روسيا وتحديدا إلى مدينتهم بطرسبورغ التي هزمت النازية وكانت أسطورة في الاستبسال للدفاع عن حياة أهلها في الحرب العالمية الثانية، ولا بد من التذكير أن الرئيس فلاديمير بوتين رجل المخابرات سابقا هو ابن مدينة بطرسبورغ البطلة، ولا ينام على ضيم، وسيلاحق الإرهابيين ليقضي عليهم، وسيلقن داعميهم درسا لن ينسوه.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)