وفي هذا الإطار كان لمراسل "سبوتنيك" هذا الحوار مع عضو المجلس المصري للعلاقات الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عزت سعد.
سبوتنيك: أيام قليلة ويدخل عام 2015 إلى ذاكرة التاريخ، بينما تداعيات الأحداث التي شهدها تظل مستمرة، ما هي أبرز المحطات التي شهدها العام ومدى تأثيرها على مستقبل منطقة الشرق الأوسط والتعاون الدولي؟
عزت سعد: يمكن القول إن عام 2015 كان عاماً ناجحا بالنسبة للدبلوماسية الروسية على أكثر من صعيد، حيث نجحت في إقناع دول أخرى معنية بملف الأزمة السورية، بتحويل مواقفها من الأزمة، من إعطاء الأولوية لرحيل الرئيس الأسد على حساب مكافحة الإرهاب إلى العكس، بمعنى أولوية مكافحة "داعش" والإرهاب في سوريا عموما، على غيره من الأولويات، أخذاً في الاعتبار حقيقة أن استمرار الحرب في سوريا يستفيد منه التنظيم الإرهابي في المقام الأول.
انتشار عمليات "داعش" في أوروبا وفي مناطق مختلفة من العالم وردود الفعل الدولية، قد ساهم في تحول موقف الدول التي كانت تتمسك بإبعاد الأسد.
كما أن الدبلوماسية الروسية نجحت في إقناع الأطراف المختلفة للجلوس على مائدة المفاوضات، خاصة إيران والمملكة العربية السعودية منذ مؤتمري "فيينا 1" الذي عقد في أكتوبر/تشرين الأول الماضي و"فيينا 2" في ديسمبر/كانون الأول 2015.
ونجحت كذلك في تدويل ملف الأزمة السورية، بمعنى نقله إلى مظلة الأمم المتحدة، في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، والذي صدر بتوافق الدول الخمس دائمة العضوية بما فيهم الولايات المتحدة، والذي يتضمن خطة للتسوية دون أي إشارة إلى رحيل بشار الأسد.
كانت منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة التي استطاعت روسيا من خلالها أن تؤكد أنها ليست في عزلة دولية، على النحو الذي أراده الغرب لها بفرض عقوبات اقتصادية ومالية، ولا يمكن إغفال توجه روسيا إلى الشرق، والدول الأخرى غير الغربية، لا سيما شركائها في كل من مجموعة "بريكس" و"شنغهاي للتعاون" واللتين استضافت روسيا قمتيهما في مدينة "أوفا" بجمهورية "بشكرتستان" يوليو/تموز الماضي.
سبوتنيك: وما هي أبرز محطات العلاقات المصرية الروسية خلال عام 2015؟
عزت سعد: لا يمكن إنكار ما تحقق من إنجازات على صعيد العلاقات الثنائية سياسياً واقتصادياً، لا سيما تعاون البلدين وتنسيقهما في مجال مكافحة الإرهاب والتوقيع في 19 نوفمبر/تشرين الثاني على عقد إنشاء محطة للطاقة النووية لتوليد الكهرباء في مصر.
ولا شك أن حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء، 31 أكتوبر/تشرين الأول، والذي راح ضحيته 224 مواطناً، ألقى بظلاله على علاقات البلدين، وإن كانت التحركات الأخيرة من الجانبين تعكس إرادة سياسية واضحة في تجاوز التداعيات السلبية للحادث الأليم، ومحاولة الاستفادة من الأوضاع الجديدة التي نتجت عن التدهور الحاصل في علاقات روسيا مع تركيا بعد إسقاط أنقرة المقاتلة "سو 24" لا سيما في حظر صادرات زراعية تركية يمكن لمصر أن تقوم بتعويضها بزيادة صادرتها للسوق الروسي.
كذلك شهد العام 2015 انطلاق عملية التفاوض حول مشروع للتجارة الحرة بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي، وأيضا التحرك النشط في اتجاه إنشاء منطقة للصناعات الروسية في منطقة تنمية قناة السويس وزيادة الاستثمارات الروسية في مصر من خلال إنشاء صندوق خاص لتمويل هذه الاستثمارات تشارك فيه الإمارات العربية المتحدة.
سبوتنيك: توقعاتكم لآفاق العلاقات المصرية ـ الروسية خلال عام 2016؟
عزت سعد: أتوقع أن تسير العلاقات في اتجاه صعودي إلى الأفضل، لأسباب كثيرة أهمها توفر الإرادة السياسية لتطوير هذه العلاقات، وأن كلا الدولتين يسيران في الاتجاه الصحيح، وهناك تعاون وتنسيق بشأن قضايا كثيرة، وبالتالي أتوقع أن يشهد العام 2016 تطوراً كبيراً في علاقات البلدين يقوم على أساس المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة، وآمل أن يشهد العام المقبل طفرة في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وأن يتم رفع الحظر المفروض على توجه السائح الروسي إلى مصر، لأن السياحة الروسية الوافدة إلى مصر مهمة للغاية، وأن السائحين الروس يمثلون ما يقرب من 20 % من تعداد السياحة الوافدة إلى مصر.
ونأمل أن تشهد الملفات الساخنة مثل الأزمة السورية حركة في اتجاه التسوية السلمية بما يحفظ لسوريا سلامتها الإقليمية واستقلالها السياسي، ورفاهية وأمن واستقرار شعبها.
أجرى الحوار أشرف كمال