إعداد وتقديم نواف إبراهيم
يتضح من التطورات الحالية لمواقف الدول الغربية بخصوص الأزمة في المنطقة العربية وخاصة بما يخص الأزمة في سوريا، والتي ازدادت تعقيداً من المنظور العام في الفترة الأخيرة، وخاصة في ظل احتدام التوتر بين روسيا وتركيا والتي لم يتأخر رئيسها رجب طيب أردوغان عن اتهامها بتسعير الحرب في سوريا، وتسببها في الحرب الطائفية كما يقول ما قد يؤدي إلى تفتيت سوريا وتقسيمها، من خلال السعي إلى تأسيس دولة على أساس عرقي طائفي في منطقة الساحل السوري. وكان أردوغان قد اعتمد على قوته الواهية خلال الفترة الأخيرة على تسلحه بدعم حلف الناتو الذي هرول إليه مسرعاً بعد إسقاط طائرة سو 24 الروسية الحربية التي كانت تقوم بمهمات مكافحة الإرهاب والمجموعات الإرهابية المتمركزة على الحدود السورية التركية، والتي تلقى الدعم الكبير أصلا من قبل القيادة التركية وعلى رأسها أردوغان الذي لم يخجل من نفسه وهو يسهل حركة الإرهابيين وسرقتهم للنفط السوري والعراقي والذي كشفت النقاب عنه بالدليل القاطع روسيا بالتعاون مع سوريا وحلفائهما، وكانت هذه الضربة ضربة مؤلمة أحرجت أردوغان الذي زج بعائلته في هذه الأعمال المخالفة لكل القوانين والشرائع الدولية والعلاقات بين الدول، وأتت الضربات ضربة تلو الأخرى ميدانياً وسياسياً وحتى اقتصادياً، فبات أردوغان كالوحش المجروح والهائج الذي لم يعد يرى أو يقدر نتائج التهور الذي يقوم به غير آبه بأي عواقب على بلاده والمنطقة، والأحداث الداخلية أكبر دليل وشاهد على ذلك، والضربة الأخيرة في قدرة الجيش العربي السوري ومن معه من حلفاء على الأرض وبدعم وإسناد جوي روسي استطاع يوم أمس أن يحرر أحد أهم المناطق الإستراتيجية التي كان يتحصن فيها الأرهابيون المدعومون من أردوغان وحلفائه ، والتي كانت الأمل شبه الأخير في أن يحقق أردوغان أي نصر عسكري، أو حتى سياسي في المرحلة القادمة للتفاوض عليه في لقاء جنيف وصولاً إلى فيينا، ولكن خاب في ذلك خيبة كبيرة، واليوم جراء كل هذه الخسارات الكبيرة للحلف المعادي لسياسة روسيا وسوريا والمقاومة في مكافحة الإرهاب، بدأت بعض الدول تتراجع عن مواقفها تجاه المعارضة السورية التي أرادت أن تكون العكاز الذي ترتكز عليه في المرحلة القادمة من الحل السياسي، فيصرح على الملأ رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون أنه لا يمكن الاعتماد على المعارضة السورية المسلحة المعتدلة ولا الوثوق بقدرتها على مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي لأنه في مفاصلها توجد قوى وقيادات تنتمي إلى مجموعات إسلامية راديكالية.
إذاً سقط أمل آخر لدول التحالف الغربي وحلفائهم في الحصول على أي مكتسبات سياسية من خلال غسل وتنظيف بعض المجموعات الإرهابية وتقديمها على أساس معارضة معتدلة، لتحقق من ورائها ما يكفي ماء الوجه، والأيام القادمة كفيلة بكشف الستار عن كل ما يجري تحت الطاولات وما وراء الكواليس..
الخبير العسكري الاستراتيجي والمحلل السياسي الدكتور حسن حسن