لا شك أن قلق الشعب السوري بمحله، فهو الذي يعاني الأمرين من إجرام التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما من الجماعات المسلحة التي تعيث قتلا وخرابا ودمارا على الأراضي السورية. ولكن روسيا لم تقل إنها تخلت عن محاربة الإرهاب، ولم تعلن أنها توقفت عن دعم الجيش السوري في محاربة التنظيمات الإرهابية، ولنفرض أن روسيا سحبت حتى كل قواتها وليس جزءا منها من سوريا، فلا اعتقد أن الأمر يثير قلقا بهذا الحجم، لأن الشعب السوري الذي تمسك بجذوره والجيش السوري الذي حارب الإرهاب والإرهابيين على مدى أربع سنوات ونصف السنة لم يستسلم ولم ينكسر رغم أن القوات الروسية لم تكن متواجدة على أرض المعركة.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها)
فيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن روسيا تدعم أي قرار يتفق عليه السوريون في جنيف، وأن مستقبل سوريا يحدده السوريون فقط، وأيضا نذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في 17 ديسمبر/كانون الأول 2015، فيما يتعلق بالعمليات العسكرية الروسية في سوريا، إن بلاده ستدعم "هجوم الجيش السوري حتى نهاية عمليته البرية ضد
الإرهاب في سوريا"، مضيفا "نحن لن نكون سوريين أكثر من السوريين أنفسهم، سندعمهم حتى بدء العملية السياسية والتفاوض".
ولا بد من التطرق إلى نفي الكرملين أن يكون قرار سحب القوات الروسية الأساسية من سوريا يستهدف ممارسة الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد، فقد أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن الرئيس الروسي لم يناقش هذا القرار مع نظرائه الدوليين.
وقال دميتري بيسكوف ردا على سؤال حول ما إذا كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يشير إلى عدم ارتياح موسكو لموقف الرئيس السوري: "لا ليس الأمر هكذا".
وأردف قائلا:
"إنه قرار اتخذه الرئيس الروسي والقائد العام للقوات المسلحة الروسية، اعتمادا على نتائج عمل القوات الروسية في سوريا".
وأوضح أن بوتين أخذ تلك النتائج بعين الاعتبار وتوصل إلى استنتاج مفاده أنه تم تحقيق المهمات الأساسية المطروحة بسوريا.
وشدد بيسكوف قائلا:
"لم يكن هذا الموضوع مطروحا خلال المحادثات مع الزعماء الأجانب، بل هو قرار اتخذه الرئيس الروسي لوحده".
وأكد أن قسما من العسكريين الروس سيبقون في قاعدتي حميميم وطرطوس، لكنه نصح الصحفيين بالتوجه إلى وزارة الدفاع الروسية، ونصح الصحفيين أن يتوجهوا بأسئلتهم المتعلقة بمستقبل برنامج المستشارين العسكريين الروس في سوريا ومنظومة "إس-400" المنشورة في قاعدة حميميم الجوية.
ومن أجل تبديد كل الشكوك بخطوة الكرملين سحب جزء من القوات الروسية من سوريا على أنها توقيف الضربات الروسية ضد الإرهابيين في سوريا، أعلنت هيئة الأمن الفدرالية الروسية أن موسكو لن تخفف، بل ستعزز مكافحتها للإرهاب، بعد سحب قواتها الأساسية من سوريا.
وقد قال رئيس هيئة الأمن الفدرالية الروسية ألكسندر بورتنيكوف في حديث لوكالة روسية، الثلاثاء 15 مارس/آذار، "نحن لن نخفف الكفاح ضد الإرهاب بل سنعززه، وسنواصل مكافحة الإرهاب بأنفسنا، وكذلك سنعزز هذا الكفاح بالتعاون مع شركائنا ".
وأكد أن موسكو ستكون متمسكة بأهدافها في هذا المجال بالكامل، لأن "الإرهاب قضية أساسية لا تهمنا نحن فقط، بل والمجتمع الدولي بأكمله".
دائما يبقى في كواليس السياسيين أمور كثيرة خفية عن أعين ومسامع المحللين السياسيين والمنظرين، والشهور القادمة ربما تكون مليئة بالمفاجآت.