قرر أبله شكسبير أن يخرج من الجنة لبضع أيام، فقد مل النعيم والحياة المترفة، وقرر أن ينزل للأرض على سبيل التغيير. وصل القاهرة، حظه العاثر أنه نزل في شهر مارس 2014، في فترة كانت البلد لا تزال تقف على صفيح ساخن.
رأى شابه جميلة في مقتبل عمرها، داخل سيارتها، ترتدي زيا أنيقا، في رقبتها صليب ذهبي. تحاول الفتاة المرور من بين صفوف الحشد الغاضب، إلا أنها تفشل، وفجأة اقترب الحشد منها شيئا فشيئا، ثم سمع صوت صرخات متوالية، طلقات نارية، فصمت للحظات. عاد الضجيج وصوت الرصاص للظهور مرة أخرى، لكن هذه المرة من جانب آخر. نظر ناحية الصوت، فوجد شابة، تسقط على الأرض، يسيل الدم من صدرها بغزارة، يبدو عليها أنها تعمل صحفية، تفرق الجمع من حولها بعد سقوطها، ظل جسدها يتحرك لبعض الوقت، ثم سكت.
استفز الأمر الأبله، فقرر متابعة الأخبار في وكالات الأنباء، وجد أن معظم الأخبار تدور حول تعرض الشابة الأولى لطعنة مباشرة من سلاح أبيض، ماتت على أثرها، والثانية بطلق ناري في الصدر، ولم يستدل على الفاعل حتى الآن. تعجب الأبله من الأخبار ومحتواها، لأنه رأى جانبا كبيرا من الحادث، ويمكنه أن يستنتج الفاعل في هذه الجريمة. مر الوقت، الأبله يتابع، يؤجل العودة يوما بعد يوم، ولا شيء يحدث، لا جديد. ماتت الفتاتان، مات غيرهما، رحل من رحل، بقي من بقي، ولم يستدل على الفاعل، رغم أنه معلوم بالضرورة. غادر الأبله القاهرة حزينا، مكسورا، خيل إليه أنه كان في زيارة لجحيم دانتى، صلى على روح ماري جورج وميادة أشرف، وصعد.