دمشق — سبوتنيك
منذ ثلاث سنوات، لم ير عائلته التي تربطها به رابط الدم، فعائلته الجديدة مكونة من 10 شبان باتت كل حياته، يتقاسم معهم الطعام، يفرح، يتبادل الأحاديث يبث همومه لهم، يقاتل معهم جنباً إلى جنب على مختلف الجبهات فينتشون لذة النصر معاً أو يخطون معاً طريق الشهادة.
الجندي حمزة إسماعيل من محافظة حماة ذو السادس والعشرين من العمر تحدث لـ"سبوتنيك" التحقت بخدمة بلادي بعد الانتهاء من دراستي في الجامعة رغم أن حلمي كان أن أتابع الماجستير والدكتوراه ولكن نحن في ظروف يجب علينا أن نرتب أولوياتنا، لذلك نستطيع أن نؤجل كل شيء من أجل الوطن.
ويتابع إسماعيل عندما تشاهد أشخاص بعمر الخمسين، يدافعون عن الوطن تخجل من نفسك لعدم الدفاع والوقوف بوجه الإرهاب لذلك قررت الدفاع، من أجل أرضي وعرضي وأولادي في المستقبل.
أما حول المستقبل فيقول إسماعيل: سأخطب وأبني عائلة خلال الفترة القادمة فالأوضاع باتت نحو الأفضل، كما أنني أريد أن أعمل بأحد البنوك الخاصة في سوريا مع متابعة دراستي في الماجستير ولو كان ذلك سيكلفني قيمة مادية عالية.
الثقافة ليس لها قيمة بالحرب
رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجه عمار إلا أن حلمه اليوم أن تنتهي الأزمة ويعود لمتابعة حياته ويبني أسرة لطالما حلم بها.
حرم من دفن والده
المهندس المقاتل تمام معلا، خدمته من عمر الأزمة في سورية, لا بل يكبرها بأشهر عدة، بعد أن أنهى دراسته الجامعية في كلية الهندسة المدنية، التحق بالخدمة العسكرية في أواخر عام 2010، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن وهو لا يزال مع رفاق السلاح في أرض الميدان، شارك كما قال: في كل المهمات وكان في معظم الأحيان في الخطوط الأمامية، أصيب وتعرض للموت أكثر من مرة، كثر هم من أقنعوه بعدم العودة إلى موقعه القتالي، ولكنه رفض.
يقول معلا: إلى أن أحداثاً كثيرة حدثت في العائلة وهو بعيد عنها، وأصعب اللحظات وأكثرها وقعاً في القلوب حرم منهاو"باسم"، هي وفاة والده وعدم قدرته المشاركة في مراسم دفنه، ما شكل جرحاً كبيراً بالنسبة له، إلا أن الشيء الوحيد الذي يخفف ألمه كلمات والده التي لا تزال تتردد على مسامعه في آخر زيارة له عندما شد على يده بقوة مفتخراً بكون ابنه في عداد الأبطال.
وأضاف: إن كل جندي فينا يعد ساحة القتال منزله، حيث يقضي جل وقته في المواقع العسكرية مع أصدقائه على اختلاف معتقداتهم كإخوة يجمعهم مبدأ واحد، وهو الدفاع عن أمن سورية.
حلم معلا مثل حلم أصدقائه أن يعود الأمان لسوريا، وأن يقوم بتأسيس عائلة لكي يسمى ابنه على اسم والده المتوفي عله يشفي النار الذي في قلبه.
سأتابع دراستي
المقاتل عدنان الأحمد، هو الطالب الجامعي الذي أراد الجمع بين دراسته وواجبه الوطني، التحق بالخدمة منذ أربع سنوات، يحن دائما إلى عودة الأمن والأمان إلى ربوع بلاده وإلى قهوة أمه، عدنان —وكما يقول- لم تتوقف تفاصيل الحياة عنده أثناء خدمته العسكرية فقد تابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق.
ولكن أكثر ما يؤلم عدنان أولئك الشباب الذين يتغنون عبر مواقع التواصل بكلمات الوطنية والحنين إلى وطنهم، وهربوا من وجهه واختاروا المجازفة بدمائهم في بحور الغربة بدل تقديمها في سبيل كرامته وعزته.
ويتابع عدنان انقلبت حياتنا دماراً وخراباً وامتلأت شوارع بلادنا بصور الشهداء، وهذا مؤلم لكل إنسان في هذا الوطن، ما نتمناه هو عودة الأمان والسلام لهذا الوطن.
بعد تخرجه من المعهد الفندقي وحصوله على عمل في أحد المطاعم في محافظة دمشق تزوج وأنجب طفلة لم تشبع عينيه من رويتها، لأنه قرر أن يلبي نداء الوطن بالانتساب إلى صفوف الجيش العربي السوري، يقول محمد العكار ذو الثلاثين من العمرلـ"سبوتنيك" بعد شهرين يكتمل العام الخامس
محمد تحدث عن أيام صعاب توقفت فيها الأماني إلا أمنية واحدة وهي أن يعود الأمن والاستقرار إلى أرجاء الوطن، حاله كبقية آلاف الشباب الذين ضحوا بحياتهم المدنية، وبأسرهم لخدمة الوطن.
يقول محمد: أتحدث مع زوجتي وأهلي عبر الموبايل أو الإنترنت، أخبرهم أني بخير أطمئنهم كيلا يقلقوا علي وأخبرهم أني ما أزال على قيد الحياة، ويضيف: أحياناً أقول ربما هذه المرة الأخيرة التي سأسمع صوتهم بها، قبل دخولي معركة ما، ولكن هذا الشعور اعتدت عليه.
يتابع محمد، أوجاع الفقد والشوق تخيم على حياتنا، كانت حياتنا هادئة بسيطة، وفجأة انقلبت إلى حياة صاخبة وصعبة فالقتل والدمار في كل مكان، فقدنا لحظات الفرح والتواصل مع أهلنا وأصدقائنا، الآن في جبهات القتال نعيش الشوق لملاقاة أسرنا، لذلك لم تفسح لنا الحياة المجال لنتمنى ولو أمنية.